الطائفية والموقف من الطائفة النصيرية

د.أحمد سعيد حوى

دورة أمية الخامسة بتاريخ 29/9/2013م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالميِن والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين

هناك عدة قضايا نحتاج إلى مناقشة: الموقف الديني منها والموقف السياسي والتعامل الميداني, فكل هذه القضايا تحتاج إلى جواب .

ونطرح في البداية تساؤلات , ففي بداية الثورة صار هناك دعاية لحرب طائفية وحرب أهلية , في الغرب ظاهرياً يحذرون لكن في الحقيقة يريدون توظيف هذا البعد الطائفي , ولدينا نماذج أخرى في المنطقة لهذا التوظيف الطائفي , كما تحاول إيران مثلاُ في البحرين أو في اليمن أو غيرها , نريد أن نقف على هذه الظاهرة ونطرح ابتداءً هذه التساؤلات :

- هل نحن طائفيون ؟

هل نتعرض لحرب طائفية ؟

- ما هي حقيقة هذه الحرب التي نتعرض لها ومن هم أطرافها ؟

- وإذا كان فيها أطراف غير هذه الطائفة فما هو دور هذه الطائفة في هذه الحرب ؟ وما حقيقة هذا الدور ؟ هل هو مجرد دور عسكري أو دور سياسي أم أنه أبعد من ذلك ؟

نقول ابتداءً وباختصار : نحن ليس عندنا مشكلة مع طائفة ما من حيث المبدأ , لكن المشكلة عندما يعمد آخرون إلى توظيف البعد الطائفي ضد مصلحة الأمة وهذا الذي حصل , مثلاً فالشيعة في البحرين يشكلون أقلية ولنفرض أنهم يعانون ويريدون أن ينالوا حقوق المواطنة , ولكن السؤال : هل هذه هي المشكلة فقط أم أن المشكلة هي التوظيف السياسي الخارجي للطائفية ؟؟؟  

فإيران توظف هؤلاء في مشروعها , ولم تعد المشكلة مجرد حقوق , وأيضاً في سوريا فإن الصورة لا تختلف كثيراً , فلو كانت القضية فقط في علاقتنا مع الطائفة لكان يمكن أن يكون تعايش كما كان في الماضي قبل أن يصل هؤلاء إلى السلطة , لذلك فإننا نرى أن القضية ترجع إلى توظيف سياسي تبعه توظيف عسكري لهذا  البعد الطائفي لخدمة مشاريع إقليمية أو عالمية , فعندما ثار الناس على هذا النظام المجرم احتاج النظام إلى من يقف معه وكان أقرب شيء إلى هذا النظام أن يحشد الطائفة وأن يجيش هذه الطائفة ويقنعهم أنهم مهددون بالاستئصال من قبل الأكثرية السنية , وللأسف فإن هذه الدعاية لقيت رواجاً عند كثير من أبناء هذه الطائفة , ونجح النظام في هذا التحشيد الطائفي ونجح في أن تقف معظم هذه الطائفة معه في هذه المعركة , وهذا الأمر من الأمور المشاهدة لدينا , ومن المشاهد أيضاً وجود توافق بين هذا النظام وطائفته والكيد الصفوي الإيراني , مع أن الشيعة والعلويين ليسوا على وفاق ديني وقد جمعتهم المصالح وأصبح لديهم مشروع ضد جمهور السنة , وإذا أردنا أن نعطي هذا المشروع توصيفا حقيقيا فإننا نصفه بأنه صراع على النفوذ , فإيران تحرص على أن يكون لها نفوذ في هذه المنطقة إضافة إلى الحقد الشعوبي الدفين على هذه الأمة , فوجدوا أسهل شيء أن يوظفوا البعد الطائفي , ويضاف إلى ذلك كله الكيد العالمي الصليبي والصهيوني لأن مشروعهم سواء .

إذاً فما هو الموقف من هؤلاء الباطنيين؟

طبعا يوجد حكم شرعي متعلق بعقيدة هؤلاء , ويوجد الموقف العملي السياسي والعسكري القتالي , ثم ماذا نفعل بهؤلاء وهم في بلادنا وفي مثل هذه المعركة وفي مثل هذا الظرف ؟؟

للعلماء تفصيل منهم من يقول هؤلاء مرتدون والمرتد يقتل ,  وهم كافرون بمعتقداتهم في ادعاء ألوهية علي رضي الله عنه وفي ادعاء التناسخ او التقمص وأمور غيرها ...

نعم هم كافرون بمعتقداتهم التي يعتقدونها..... هل نعطيهم وصف مرتدين ؟؟؟

العبارة الأدق للعلماء أنهم أبناء مرتدين , ارتد آباؤُهم الأوائل , حيث كان المفروض ان يُتخذ موقف أو حكم في آبائهم , ولم يتخذ هذا الموقف بسبب ظروف حيث كانت بدايات ظهورهم في مراحل ضعف , وبالتالي الحكم يختلف عن المرتد هو بشخصه أي ليس الحكم فيهم كالحكم في المرتد ذاته, وبقيت هذه الطوائف وأُقِر وجودها في هذه الأمة وإن كان هناك مواقف للدولة العثمانية أو ترتيب أو احتياط أو حذر ما , وطبعا مثلهم مثل طوائف أخرى عديدة وجدت في بلاد المسلمين و مثل أتباع ديانات اخرى وجدت أو بقيت , فهذه البلاد لما فتحت كانت في ظل الرومان غالب أهلها على النصرانية فدخل من دخل منهم في الإسلام و بقي من بقي وإلى يومنا هذا يوجد نصارى في بلادنا وهذا مثال على سماحة الإسلام مع أهالي هذه البلاد المفتوحة .

لكن وجود هؤلاء في بلادنا عبر مئات السنين , حيث لم يُستأصلوا ولم يُهجَّروا من هذه البلاد , وتعاقب على هذه الأمة آلاف العلماء الذين لا يُتهمون في دينهم ولا في عقيدتهم , وأقروا وجود هؤلاء , وصحيح أنه كان هناك حذر من هؤلاء حيث أن بعض هؤلاء حاولوا اغتيال صلاح الدين ونور الدين مات بكيد وبسم منهم , ومع ذلك اقروا وجودهم في الجملة والدولة العثمانية أيضا أقرت وجودهم ....لكن ما هو الاحتياط الذي اتخذته  الدول الإسلامية السابقة منهم ؟

1ــ صلاح الدين الأيوبي كان يخشى أن يكون لهؤلاء يوماً ما بأس أو كيد للأمة ... فجاء ووطَّن مجموعات من الاكراد والتركمان ووطنهم بالقرب من هؤلاء ليكونوا بمثابة صمام أمان ( وسبحان الله ان المناطق الاولى التي حررت في هذه الثورة هي ما يسمى الآن جبل التركمان و جبل الأكراد مما يعني فعلا بُعد نظر صلاح الدين الايوبي رحمه الله تعالى ) .

2ــ الدولة العثمانية كان احتياطها بطريقة أخرى , ليس فقط من هذه الطائفة بل من هذه الطائفة ومن طوائف أُخرى , حيث كانت سياسة الدولة العثمانية ألا تمكن الطوائف الأخرى من الثغور والسواحل بل تتركهم في الجبال ( وفعلا ننظر في أصل تموضع هؤلاء الطوائف وغيرهم - وحتى في لبنان - كانوا في الجبال ) وكانت الثغور والمدن التي على السواحل كلها خالصة للسنة .... وقد عمل أعداؤنا على عدة محاور في سبيل حماية المشروع الصهيوني والذي هو فرع او نتاج المشروع الصليبي العالمي فكان من ذلك إعادة تمكين هذه الطوائف ونزول هذه الطوائف إلى المدن إضافة إلى تجزئة هذه البلاد وتجزئة الساحل الشامي إلى أربعة أقسام .... 

هذه الطائفة تحديداُ ما حكمها وما العمل معها ( في ظل هذه المعركة والهجمة الشرسة على أمتنا وعلى السنة تحديداً ) ؟  البعض يقول لا حل إلا باستئصال هؤلاء , وبعضهم يصرح ويقول بقتل رجالهم ونسائهم وكبارهم وصغارهم , هذا الكلام لا يقبل بمجمله وبهذا التعميم ولا يقول به فقيه عاقل , وهذا ليس دفاعاً عنهم , فنحن يجب أن نكون منصفين ومنطقيين أيضاً , فقضية الاستئصال ليست حلاً وليست حكما شرعياً , وهذه أمثلة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم :

كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع القبائل اليهودية الغادرة التي كانت جزء من الدولة الإسلامية في المدينة المنورة ؟؟!!

  طبعا هذه الحادثة هي أساس يمكن أن يُقاس عليه , حيث جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فكان فيها الأوس والخزرج وكانت بينهم صراعات وبتحريض من اليهود , وكان فيها قبائل يهودية ثلاث بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة , اليهود لم يدخلوا في الإسلام إلا قلائل أما الأوس والخزرج دخلوا في الاسلام شيئاً فشيئاً وحموا النبي صلى الله عليه وسلم وبايعوه على الحماية وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأقام هذه الدولة , فصار من المواطنين عنده في هذه الدولة الناشئة مسلمون ومشركون واليهود والمنافقون , اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم كل هؤلاء مواطنين في دولته ووضع الوثيقة ( وإن كان بعض النقاد يقول لم تصح , لكن على الأقل بعض بنودها صحيح بدليل ما حصل في الواقع بعد ذلك ) فلما غدروا كان يعاقب كل قبيلة على حدة بغدرها , أي لم يعاقب مجموع اليهود بغدر بعض اليهود حيث قاتل بعضهم وأجلى بعضهم , والحكم الأشد ربما كان في بني قريظة وهو أصلا حكم سعد رضي الله عنه حيث حكم بقتل مقاتلتهم  وأقره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة أي من فوق سبع سماوات , عندما نأتي إلى التطبيق العملي لكيفية قتل النبي صلى الله عليه وسلم لمقاتلتهم ومن الذي قتل , نجد أن ما حصل هو غدر في أثناء المعركة في حصار الأحزاب للمدينة فهم كانوا جزء من هذه الدولة وكان الواجب أن يكونوا مع المسلمين في الدفاع عن المدينة وعلى الأقل إذا لم يرغبوا بالدفاع فلا يجوز لهم أن يخونوا ولا أن ينقضوا العهد , حيث نقضوا العهد في أثناء المعركة , فمن يتحمل مسؤولية نقض العهد ؟!!  بنو قريظة كانوا في حصن في المدينة ونقضوا العهد , فمن أقر هذا النقض يعتبر شريكاً في الغدر , فقتلت مقاتلتهم والذين كانوا في الحصن لأنه لم يخرج أحد من الحصن ليقول إنه بريء من هذا النقض وأنه ملتزم بالعهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولكن ذكرت بعض الروايات أن بعض بني قريظة كانوا خارج الحصن وبالتالي لم يكونوا شركاء في نقض العهد حيث ذكرت مزارعين ورعاة وتجاراً وأياً كان خارج الحصن لم يقتلهم النبي صلى الله عليه وسلم ..... إذاً نقاتل من كان شريكاً في قرار الغدر ومن كان قادراً على حمل السلاح , حتى يقول الراوي فنظر من أنبت منهم أي ظهر شعره وبلغ , فاستثني الصبيان والنساء والكبار ..... اذاً هذا مثال من السيرة يدل أنه لا يجوز أن نعمم في الحكم وفي العقوبة أيضاً .

 في البداية يجب أن نذكر بالحكم الأعم مع المواطنين من غير المسلمين , أي ما هي قواعد التعامل معهم , فالله تعالى سجل لنا في القرآن قواعد التعامل مع غير المسلمين :

أولاً : لا نكرههم على الدخول في الاسلام ( لا إكراه في الدين ) حيث نلجأ إلى الحوار والدعوة (جادلهم بالتي هي أحسن ) ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيءً  ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا )

ثانيا : فرق القرآن بين صنفين من هؤلاء الناس غير المسلمين :

- صنف اعتبره معادياً محارباً – وصنف اعتبره مسالماً , لذلك جاءت الآيات واضحة :         قال تعالى :( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ) البر أمر زائد فوق القسط  فالقسط العدل , فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يحسن الى جاره اليهودي .

 ثم قال تعالى :  ( إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ).

إذاً الاسلام يفرق بين المسالمين وبين المحاربين المعتدين من غير المسلمين .

العلماء كانوا يطرحون سؤالاً واختلفوا فيه : هل يُقتل الكافر لكفره أم لحرابته وعدوانه ؟؟ 

بعض الناس ربما يتمسك ببعض الآيات حتى يقولون إن آية السيف نسخت مائة وعشرين آية في القرآن , وهذا الكلام غير مسلم , بعض الناس يقول يقتل الكافر لكفره حتى لو لم يصدر منه أي حرابة ولا عدوان , هذا الكلام يناقض حقائق وصريح القرآن , فأنت عندما تقول للكافر ليس أمامك خيار إما أن تسلم أو أقتلك , هذا يعارض الآية التي تقول ( لا إكراه في الدين ) فكأنك تجبره على الدخول في الاسلام , فالمحققون من العلماء قالو لا يقتل الكافر لكفره , إنما يقتل لحرابته وعدوانه قال تعالى ( قاتلو في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ) وغيرها من الآيات العديدة الواضحة .

 إذاً ظهر عند المحققين من العلماء أن الكافر لا يقتل لمجرد كفره وأدل دليل على هذا أن الكفار بقوا في بلاد المسلمين وإلى يومنا هذا ولم يُقتلوا , وقد يقول قائل ما دور الجهاد إذاً !! الجهاد له دوران : دور الدفاع ودور إزالة العوائق من طريق الدعوة , فالذي يقف في طريق الدعوة سنجاهده , فنحن لا نقتل الكفار لأنهم لم يسلموا .

 أيضا مما يذكر هنا : أنه نقلت فتوى ابن تيمية رحمه الله في النصيرية فإن هذه الفتوى يجب أن تفهم في سياقها التاريخي , فلا يعقل أن أمة مرّ عليها آلاف العلماء لم يفتوا بمثل ذلك , ففتوى ابن تيمية تتكلم عن مرحلة تعاون هؤلاء مع التتار , ويبدو لنا أن علماءنا نظروا إلى هؤلاء نظرة تضعهم بين الكفار من أتباع الديانات الاخرى وبين أهل البدع , ممن يدعون أنهم مسلمون , طبعا لا يكفي الادعاء , سبيل التعامل مع أهل البدع هو الدعوة والحوار , وصحيح قالوا من ظهرت ردته واستتيب ولم يتب يقتل , لكن نظروا إلى هؤلاء وقالو أن سبيلهم الحوار والدعوة , وقد حدثنا بعض اخواننا ممن أدركوا بعض كبار شيوخ بلادنا – شيوخ حماه تحديدا – أنهم كانوا يقولون لطلاب العلم الشرعي اذهبوا إلى قرى هؤلاء وادعوهم الى الله , وفعلا كانت هناك تجارب وبعض هؤلاء تسننوا , إذا فتاريخنا الطويل يدل أن نظرة علمائنا بان سبيل هؤلاء هو سبيل الدعوة ولم يحكموا باستئصالهم ولا بقتالهم جملة حتى ولو أصروا على عقائدهم الكافرة , والكافر على القول الراجح عند المحققين لا يقتل لمجرد كفره وانما لحرابته وعدوانه ......

إخواننا يوجد تفصيل قد يقرب المسالة قليلاً :

ـــ نحن لا نقاتل أبناء هذه الطائفة لأنهم أبناء هذه الطائفة بدليل أنه يوجد أبناء طوائف أخرى لا نقاتلهم مثل ( الاسماعيلية – الدروز – النصارى ..) مع أنهم في قياس الشرع كلهم كفار , ومع ذلك لا نقاتلهم ........ إذاً فنحن لا نقاتل الناس لمجرد انتمائهم الطائفي .

ـــ وفي المقابل هناك الكثير – للأسف - من أبناء السنة مع النظام ويقاتلون معه , ومع ذلك نقاتلهم

ـــ النتيجة : نحن معركتنا مع المعتدين المجرمين أياً كانوا , حتى ولو كانوا سنة .

سؤال : هل الذي يقاتل مع النظام نعتبره كافراً ؟؟

بداية سواء حكمنا بكفره أم لم نحكم فيجب أن نقاتله , وطبعاً نحن لا نحكم بكفره لمجرد أنه قاتل مع النظام , والسبب في ذلك أن الولاء له جانبان :

ــ ولاء اعتقادي ــ ولاء عملي , ومن لديه ولاء اعتقادي هو الذي يُكَفّر , ..... إذاً ليس كل من قاتل مع النظام كافر , بل فقط من كان لديه ولاء اعتقادي مع هذا النظام .

سؤال : إذا أتانا قصف من جانب قرية علوية , فهل نرد عليه ؟؟

إن من حقنا أن نرد على هذا القصف حتى وإن كان في هذه القرية سكان مدنيين , وطبعاً قصدنا هنا ليس النساء ولا الأطفال ولا العجزة , بل نقصد الرد على العدوان وهم يتحملون المسؤولية , قال تعالى ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقِبْتم به ولئن صبرتم فهو خير للصابرين ) , وقال تعالى: ( قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ) .

سؤال : إن النظام استباح الحاضنة الشعبية واستباح البلد بكامله , والقصف لم يستثن قرية أو ريفا أو مدينة ولا استثنى مسجدا أو مدرسة أو مستشفى , هل من حقنا الرد بالمثل ؟؟

ــ البعض يقول طالما أنهم يستهدفون المدنيين جملة فصار من حقنا الرد عليهم بالمثل وهذا أمر يحتاج الى مزيد من التأني و الموازنة.

ــ نحن نرى أن أمامنا خيارات أخرى , فنحن يوجد لدينا قيم يجب أن نحافظ عليها لأننا نعبر عن الإسلام , وحديث الرسول ( ص ) ووصايا الخلفاء الراشدين من بعده واضحة : قاتلوا في سبيل الله , لا تغدروا ولا تغلُّوا ولا تقتلوا شيخاً ولا طفلاً ولا امرأة ولا راهباً , فهذه أخلاقيات الجهاد يجب أن نحافظ عليها .

ــ الخيارات والبدائل المتاحة لدينا كالتالي :

1ـ نموذج طبق في حمص : حيث أن الثوار وصلوا إلى بعض الأحياء العلوية فأرسلوا تحذيراً لأهل الحي ينبهونهم فيه بأن منطقتهم أصبحت منطقة عسكرية وسيُقاتَل الشبيحة الموجودون فيها وطلبوا منهم أن يُخرجوا النساء والصبيان , وبالتالي نكون قد حمَّلناهم المسؤولية إن لم يخرجوا.

وهذه تُخرَّج على مسألة الترس : إذا تترس الكفار أو الأعداء بأسارى المسلمين ووضعوهم أمامهم كدروع بشرية , في هذه الحالة نقاتلهم , فمن باب أولى أن نقاتلهم إذا تترسوا بأبنائهم .

2ـ الحكم النبوي في بني قريظة : طبقاً لهذا الحكم نعتبرهم شركاء لهذا النظام المجرم .

طالما أنهم قطعوا عنا الخدمات مثل الكهرباء والماء والاتصالات , فيمكن لنا أن نعاملهم بالمثل ونقطع عنهم هذه الخدمات حتى نضطرهم الى الاستسلام .

سؤال : بعد أن يسقط النظام كيف سيكون التعامل مع هؤلاء ؟؟

طبعاً نحن نتكلم عن شعب قد يزيد أو يقارب مليوني إنسان , وقلنا إن الحكم الشرعي لا يعاقب من لم يشترك في الجريمة , - نظرياً وبغض النظر عن التطورات وما قد يحصل – فنحن نرفع شعار معاقبة المجرمين أياً كانوا ( سني – علوي – درزي ...) ومن لم يثبت عليه جريمة فالأصل فيه البراءة , عملا بقاعدة (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) , لأن الاسلام سبق إلى تقرير هذه الأحكام , قال رسول الله ( ص ) : ( لو يعطى الناس بدعواهم , لادعى أناس دماء أناس وأموالهم , ولكن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ) .

إذاً نطبق مبدأ معاقبة المجرمين وبراءة البريء حتى تثبت إدانته إما بإقرار وإما بشهادة الشهود الثقاة.

وأما من بقي من هذه الطوائف فحكمه حكم الطوائف الأخرى , نتركهم , وسبيل العلاقة معهم الحوار والدعوة , فهم مواطنون لا يُقتلون ولا يُشردون ، و لنتذكر أن واجبنا الأكبر هو دعوة الناس الى هذا الدين .

ولنتذكر أن هذه الطوائف غدت أداة بأيدي دهاقنة المشاريع الصليبية و الصفوية فإذا كفت عن عدوانها كففنا عنها .

ويُذكر هنا أن معظم الجماعات والأحزاب والهيئات والحركات الإسلامية أعلنت عن مواقفها صراحة وأصدرت بذلك بيانات ومواثيق وعهودا بينت فيها أنها تقر بحقوق الأقليات والطوائف الدينية أو العرقية .

ولكن : على المدى الطويل يجب أن يكون لدينا خطة أو سياسة حكيمة تعالج وضع هؤلاء بما يضمن عدم عودتهم لغدر هذا الشعب وهذه الأمة , فصلاح الدين الأيوبي كان من وجهة نظره أن يضع شوكة سنية بجانبهم , والعثمانيون كان من وجهة نظرهم أن يُبقوهم في الجبال , أو أي سبيل آخر بحيث لا يسمح بعودة خيانة أو غدر هؤلاء .