لسنا سفهاء

وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدَ من دافع عن حقوق "الأنثى" وكانت شريعتُه الحقة لإنصاف الأناث عنوانا ..

وكتب أخ الأصل فيه انه من أهل العلم والفقه: "سفاهة المطالبين بحقوق الأنثى تجعلهم يظنون كل رعاية قيدا"

وحسبك من شر عنوانه..وسأناقش في وقفتي هذه هذا العنوان فقط، دلالته، وخطؤه وخطله، وبعده عن منهجية الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

وقد يكون في ذهن كاتب هذا العنوان، نماذج بائسة لبعض المدعين في الدفاع عن حقوق الأنثى - وألتزم بتعبيره/ وأنا أقصد حقوق المرأة وحقوق النساء، فتسرع في تعميم لا يستقيم، فوسم كل مدافع عن حقوق الأنثى بالسفاهة، وكان يعفيه ويعفينا من كل هذا، لو أضاف إلى عنوانه فقط كلمة: بعض. سفاهة بعض المطالبين..!!

وقيل لعربي: ما البلاغة ؟؟ قال: معرفة الوصل من الوصل. ومن البلاغة معرفة موضع القيد الذي لا يقيد النساء، وإنما يقيد الأهواء، ويلجم الأخطاء.

والدفاع عن "الأنثى" كان ومازال محورا من محاور الدعوة الربانية، الحقة، صونا، وحماية وارتقاء..

وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حياتَه، سيدَ من دافع عن حقوق الأنثى، وكنّ المستشعرات بالظلم والحيف يقع عليهن، يطفن ببيته، ويقفن معه، ويجادلنه، ويسمع جدالهن من هو في السماء إله وفي الأرض إله. (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)

كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حياتَه، موئلا وركنا للمستضعفات، وترك فيما نقل عن ربه من شريعة قواعد للبر والقسط والعدل والمودة والرحمة لا يعمى عنها ولا يزيغ عنها إلا مطموس. وما أكثر ما أوصى في وصاياه بضرورة تقوى الله في الضعفاء المستضعفين.

لا أشك بل لا نشك، بل لا يشك ذو عقل وذات عقل، أن في دعوات بعضهم وبعضهن من أدعياء الحقوق المزعومة، مما لم يأذن به الله، سفاهة وما هو أكثر من السفاهة، ولكن يبقى قولنا الحق أننا اتباع شريعة حملت منذ كانت هم المطالبة بحقوق الإناث، التي هي حقوق بالحق، وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوّلَنا وقائدنا؛ وما زلنا في أجيال أمته على رأس المطالين والمدافعين.وعلى كل المستويات.

المرأة الشقيق الذي يمثل الحلقة الأضعف، في كل المحتمعات، وتشهد على استضعافه كل الإحصاءات والتقارير وكثير من التشريعات والقوانين. وما أكرمهن إلا كريم وما تعسف الطرق في إهانتهن إلا لئيم..

لسنا سفهاء وإننا سادة من يدافع عن حقوق النساء بالحق..

وإن إطلاق القول: بسفاهة المطالبين بحقوق الأنثى، بإطلاق من غير قيد، هو تعميم لا يسوغ. بل يقابله القول: بجحود المنكرين لحقوق الأنثى!! وكم من حق شرعي إسلامي للأنثى يكرهه مجتمع جاهل، ومدّعون أجهل!!

فالمسلمون جميعا يطالبون بحق الأنثى في الحياة في مواجهة الذين يئدونها (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ)

يعتقد سيد العرندس المخطوف، والوصف بالخطف، للعرندس، الذي كان خطفه أكثر ضررا على الأمة من خطف كرسي الحكم، فبخطف العرندس ساد الجهل في عباءة العلم، وتقدّس!! يحسب سيّد العرندس المخطوف

أن الوأد جريمة تاريخية، وأن المجتمعات البشرية والإسلامية قد تجاوزتها منذ قرون!!

وارجعوا إلى حقيقة ما جرى في الصين في ظل تشريع "المولود الواحد" في سحابة القرن العشرين!! وإلى لماذا يمتنع العقلاء من الأطباء في بلاد المسلمين ومنها الشام ومصر والعراق وبلاد الحرمين، من إخبار الوالدين بجنس المولود؟؟!!

اسألوا وأحيبوا!!

يظن بعض سادة العرندس من المحدودين أن تأويل قوله تعالى (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ)، حالة متوارية في التاريخ، ولا يدركون أنها ما تزال حالة قائمة في حياة مجتمعات يسوسونها، ويدافعون عن جرائرها ومآسيها ويلبسونها على نحو ما سوف التقديس، ثم يطلقون وصف السفاهة على من يحاول أن يدفع غيلتها بعلم او بمعروف.!!

حق الأنثى في الحياة الأولية الحافية… ما زال مطلبا حتى في بلاد المسلمين

فيا ويلتاه… بل واسوأتاه!!حق الأنثى في الحياة "الحافية" ما زال مطلبا حيويا يدافع عنه الكرماء الحلماء، وأظن من غير الحكمة أن يوصف المدافعون عنه بالسفهاء. وما كنت لأرد الوصف المنكر على واصفه. ثم حق المرأة في اختيار شريك الحياة..

ووضعوا في مدوناتهم التي ظنوا: حق الولي المجبر ان يزوج الصغيرة التي لا تعي.

ويفرح بها جدها أو أبوها وهي بنت أربع سنين فيعقد لها بل عليها، يقولون مراعاة لمصلحتها..!! أتضحك أو تبكي..

وفي مجتمعات ممتدة أيضا، ما يزال زواج الشغار يحتل نسبة متقدمة فيها. زواج الشغار لمن لا يعرف "زوجني ابنتك ازوجْك ابنتي أو زوجني اختك ازوجْك أختي" صفقات تعقد لمصلحة متنفذَين، على حساب وجود أنثوي ناعم ضعيف مستضعف، أجمع أصحاب السلطة على خذلانه.

 سيقول لي : زواج تنكره الشريعة الاسلامية. وأقول له: ومن زعم أنني أكتب ضد الشريعة؟؟ بل نحن نكتب ضد واقع مختل مضطرب، ما زالت الأنثى الحلقة الأضعف فيه، ودافعة الثمن الأكبر لتبجحه وغروره!! ونكتب ضد جميع المتمسكين بزبد هذا الواقع وغروره!!

نكاح الشغار واقع ممتد وما زال سائدا في بلاد العرب والهند والسند حيث تنتشر الشريعة التي تنكره!! ولستُ سفيها حين أطالب بحق النساء المسلمات في اختيار الشريك..

ويجحف هذا "الباطل" بعض الفقهاء، سموا في طريقكم لإشباع شهواتكم، مبلغا اسميا أطلقوا عليه المهر، تفلتون من المحظور!! وما أسهل الافلات من المحظور، ولو على الورق…

لا يا سيدي الشيخ الفقيه لسنا سفهاء…!!

ولسنا سفهاء حين نطالب مع الشريعة المطهرة بحق المرأة في ميراثها من أبيها وأمها..!! هل تسمع وترى؟؟

وحقها في مهرها، هديتها الخاصة من الرجل الذي ستؤسس معه، مؤسسة عنوانها: الرحمة والود. حتى مهر فطينة يكون مهرا لزوجة أخيها، التي يتحول مهرها هي الأخرى مهرا لزينب…وتظل الدائرة تدور..

ولسنا سفهاء حين نطالب مع الشريعة بحق المرأة افي مساواة حقيقية واقعية ناجزة في إطار قول الله تعالى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) هذا حق نطالب به لشقائقنا من النساء ولا نبالي….

وكان سيدنا ابن عباس يقول "إني أحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي"

 ما أساء إلى الاسلام عقيدته وشريعته شيء مثل خطاب منفر أو مبتسر يريد أن يعربه فيعجمه.

لسنا سفهاء!!

ونطالب من منطلق إسلامي شرعي، ومن منطلق حياتي يومي؛ بحق الإناث أعني النساء اللواتي هن حسب شريعتنا "شقائق الرجال" في التعليم وفي العمل بكل مناحيه وفق ضوابطنا الشرعية..الميسرة التي لا تعنت ولا ترهق…

ما أجمل قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ)

ومن موقع المسلم المقارب أدعو علماء المسلمين الحكماء إلى إعادة فرز ما في الدعوات المنتشرة بين الناس على نور مبين من كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نقول بلسان الحق وليس بلسان العصبية والهوى هذا حق وهذا باطل، وهذا حلال وهذا حرام.

ومن طرائق المتهربين من مواجهة ما يتخبطون فيه، أنك كلما جادلتهم في واقع اجتماعي آسن، ردوا عليك بما يقتضيه الإسلام، وتأمر به الشريعة، فأي جدال بالتي هي أحسن هذا؟؟

وتساءل : وإذا ضرب الرجل امرأته ضرب تأديب فماتت، فهل عليه من شيء؟!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1018