روسيا والإمارات في أفريقيا: المحور الغريب!

قدّم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» تنشر «القدس العربي» تلخيصا له في عددها اليوم، تفاصيل غريبة عن طرق دعم دولة الإمارات العربية لـ«قوات الدعم السريع» أحد طرفي الحرب العنيفة الدائرة حاليا في السودان.

استند مراسلو الصحيفة الأمريكية في تقريرهم على صور التقطتها الأقمار الاصطناعية لعمليات الدعم الإماراتي التي تدار من قاعدة عسكرية في دولة تشاد المجاورة، وكذلك على تصريحات لعدد من الدبلوماسيين والمسؤولين.

يصف التقرير الإمارات بـ»الدولة الحليفة والمهمة للولايات المتحدة في الخليج» كما يشير أيضا إلى دعم دولي آخر تقدّمه روسيا، لـ«الدعم السريع» عبر مجموعة «فاغنر» للمرتزقة العسكريين، مما يشير إلى توافق وتقاطعات واضحة بين أبو ظبي وموسكو، كما يشير إلى علاقة غريبة ثلاثية الأطراف، تجتمع فيها، حسب الظاهر، عناصر تناقض، بالنظر إلى التنافس والنزاع العسكري والسياسي بين واشنطن وموسكو في أفريقيا، كما في باقي بقاع العالم، كما بالنظر إلى «التحالف» الآنف الذكر بين واشنطن وأبو ظبي.

يتابع التحقيق خيط المحور الروسي ـ الإماراتي في أفريقيا عبر تسليح أبو ظبي لـ«أمير الحرب» خليفة حفتر، ويشرح كيف يسّرت أبو ظبي وصول صواريخ أرض ـ جو من مرتزقة «فاغنر» في جمهورية أفريقيا الوسطى إلى محمد حمدان دقلو «حميدتي» (قائد «الدعم السريع»).

تزامن نشر التقرير مع زيارة حفتر إلى موسكو حيث التقى، أول أمس الخميس، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بعد أقل من أسبوع على قيام وفد عسكري روسي بقيادة نائب وزير الدفاع يونس بك يفكوروف (الذي كان أيضا على رأس مستقبليه في المطار) وعلى الأغلب فإن لدى حفتر نقطتين رئيسيتين للنقاش: الأولى هي دور قوات فاغنر في ليبيا، التي يقارب عددها 1000 جندي، والثانية هي طلب مساعدات روسية بعد الانتقادات التي وجّهت لإدارة حفتر لأزمة مدينة درنة التي تعرضت لكارثة إنسانية كبرى إثر الإعصار دانيال.

قبل زيارته الحالية إلى موسكو، التقى حفتر قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا «أفريكوم» الجنرال مايكل لانغلي، وهو ما يعزز الإشارات المتضاربة التي تدور عبرها العلاقات بين أمريكا وروسيا والإمارات، وخصوصا إذا علمنا أن القوات الخاصة الأمريكية قامت، خلال الفترة من 2015 إلى 2017، وتحت إشراف قائد سابق لـ«أفريكوم» (الجنرال دون بولدوك) بتدريب 100 عسكري ليبي شكّلوا، حسب مجلة «إنترسبت» الأمريكية، «قوات النخبة» داخل جيش حفتر، غير أن القائد اللاحق للقوات الأمريكية في أفريقيا، ستيفن تاونسند، قدم تقييما لمجلس الشيوخ الأمريكي في عام 2019، يعتبر قوات حفتر «خطرا جسيما على استقرار ليبيا» كما نشرت الخارجية الأمريكية بعدها تقريرا عن أن «عناصر متعاقدة مع مجموعة فاغنر الروسية» التي تدعم جيش حفتر «ارتكبت العديد من الانتهاكات».

تظهر طريقة تعامل واشنطن المعتدلة مع انقلاب النيجر، أنها تقوم بإدارة الأزمات الأفريقية بطريقة الاحتواء، وتقبل تقاطعات الحد الأدنى الممكنة مع روسيا بدل دعم المسارات العنيفة لحلّ الأزمات المشتعلة، كما لتقبل «اجتهادات» الحلفاء الطامحين لأدوار إقليمية، كما هو الحال مع الإمارات، بغض النظر عن الأثمان الإنسانية الباهظة التي تدفعها الكثير من الشعوب العربية أو الأفريقية، وهو ما ينطبق على ليبيا والسودان، كما ينطبق على اليمن وسوريا وفلسطين.

وسوم: العدد 1052