نعيب الفتنة... بين المسلمين
والنعيب صوت الغراب. ويقول المثل: اتبع الغراب يدلك على الخراب. وما زالت ثقافات شعوب الأرض تتشاءم أو تتطير من الغراب، ومع إيماني أن لا طيرة، فما زلت أتوجس منه منذ أن كنت فتيا في حلب، وفي حلب كنا نتقي سوء طالعه بقولنا إذا سمعنا نعيبه بقولنا "خير يا طير"
وما زالت تصلني فيديوهات لأشخاص أنهم مرجوون، يحرضون على الفتنة، ويؤزون نارها أزا، يكبرون الصغير، ويعظمون الحقير، ويشعلون نارا من مستصغر الشرر..
و الحق والحقيقة أننا في المشهد الذي نحن فيه، يجب أن يكون لنا في كل مدينة، موقف علمائي جمعي. يحذر من مثل هذه الأمور..ويلوي أعناق دعاة الفتنة، ينذرهم أو يحذر منهم.
الفزعات الفردية في تبادل التراشق، يحمي ولايبزد، يشعل ولا يخمد، وكل ذلك مما لا ينفع بل يزيد المشهد بلبلة، والناس أكثر احتراقا..
نحن السوريين عموما والمقيمي الصلاة من المسلمين خصوصا؛ بحاجة إلى رص الصفوف وراء القائمين على الأمر، فقوتهم قوتنا، ومن يستهدفهم يستهدفنا أكثر..
ونحن بحاجة في الوقت نفسه للتحقق ثم للتنبه والحذر من هذه الفيديوهات ومن هذه الاختراقات البنيوية التي يتصيد بها بعض الناس، ويتعيش عليها كسبا آخرون..
لسنا بحاجة إلى لغة التجييش، ولكننا بحاجة إلى لغة الوعي والحذر والحكمة والريث…
لمثل هذه الأيام تعتد الشعوب والحركات حكماءها.. لسنا داعين لصراع، ولا متعجلين لإعلان سخط، ولكن في الوقت نفسه لا يجوز أن نصمت عن نصرة حق نعتقده.
كل الذي سمعناه حتى الآن من أصحاب الكلمة كان مبشرا ومطمئنا.. فليتدارك العقلاء ما وراء ذلك. أكتب هذا لئلا يتهمني أحد بإفراط أو تفريط.
شعارنا فتبينوا، وضعوا الأمر في نصابه، وتداركوا..
المسؤولية. في حياتي القصيرة التي عشتها في حلب كان من أساتذتي في الصف الأول الإعدادي الأستاذان رحمهما الله تعالى: نزار لبنية ودرسنا اللغة العربية، وهو على نهج المدرسة الكلتاوية، والأستاذ عبد الرحمن جلبي رحمه الله تعالى، كان يدرسنا العلوم، وكان على نهج المدرسة السلفية.. كنت قريبا ومقربا من الأستاذين..
كان بعض التلاميذ يحاول تسعير فتنة بالمراسلة. يقولون لهذا الأستاذ قال الآخر كذا..
في الوقود المذهبي للفتنة أعتقد أن سورية تتسع لنا جميعا. كل الذي نرجوه أن يتوقف البغي باسم السلطة على جميع المحاور، وأن يتوقف التهييج من كل المهيجين..
كانت معركتنا مع الأسدين على حقيقة الشهادتين، وعلى حقنا في إقامة الصلاة، دون إن تتسبب صلاتنا إلى إلحاق الضرر بنا. أيها الأخوة الدعاة جميعا إن معركتنا مع "أس الباطل لم تنته"
الحكيم فينا من جمع وليس من فرّق..
يقدحون بأسلوبي لأنني فيما يزعمون عني ألف وأدور لأبلغ المعنى، دون أن أجهر به!! نعم ألف وأدور وأحيانا عشر لفات، لأن كلمة الحق مرة. وأنتم من جيل أصبحت فيه حبوب الدواء كلها مغلفة. وشراباته مطعمة.. وأنا من جيل شربت فيه جرعة الكينا الصفراء، و الكينا الصفراء مرة حتى قالوا مرارا الكينا، وكلمة الحق أشد مرارة ..، وشربت فيه شربة زيت الخروع وهو الله كريه، وكانوا يدفعون طعمه عنا بسفة البن والسكر، وكان البن أهم من السكر..
أيها الأحباب جميعا..
ما زال زعانف بشار الأسد مختبئين لنا وراء الأكمة، وما زال فرقاء ممن يوازيهم ولا يقل عنهم يتربصون بنا الدوائر…
لتكن لنا نخب من العقلاء الحكماء الحلماء.. نخب منظمة تنظيما أهليا، تجمعنا، ترد عنا، بغي بعضنا على بعض (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ..)
وكان بعضنا أياما وفي صفوف الصلاة، يختلفون على الإمام إذا قام وقعد.. ويختلفون أحدهم على الآخر حول تحريك السبابة في قعود التشهد..
وأقسم لكم بالله غير حانث أن مشاكل الإسلام والمسلمين في عصرنا أكبر من ذلك..
يسبيني أكثر ما يسبيني قوله تعالى، وكل قول ربي يسبيني: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) وضعت السكون على حاء يصلح لأقول مجزوم جوابا للطلب. بمعنى أننا إذا اتقينا الله، وقلنا قولا سديدا، أصلح الله لنا بمنه وفضله أعمالنا.
وسوم: العدد 1127