حتى إسرائيل لا تقتلنا بهذا البرود

كاظم فنجان الحمامي

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

أتحدى إسرائيل, وأتحدى أعدائنا كلهم أن يفعلوا بنا مثلما فعلنا نحن بأنفسنا في العراق, وأتحداهم أن يفعلوا بنا مثلما فعل بنا زعماء الفتن, الذين أبحروا بنا نحو الضلالة بزوارق السوء, فقتلونا كلنا بخناجر العصابات المشبعة بالحقد, ثم بعثروا أشلائنا بمفخخات الكتائب الموتورة, واغتالونا بمسدسات قادة سرايا الموت من كل الأطياف والألوان والتوجهات, فسرقوا أمننا واستقرارنا بخطابات وعاظ السلاطين على اختلاف سحناتهم ولهجاتهم وعمائمهم, واشترك معهم أيضاً أرباب المداهنة والنفاق.

فيا لفرحة أعدائنا بما يرتكبه هؤلاء من مجازر, ويا لفرحتهم بما يخططون له من فتن, وما ينسجونه من دسائس, وما يؤججونه من صراعات عرقية وطائفية وفئوية, وما يطلقونه من فتاوى ضالة مضللة تدعو إلى التحاقد والتباغض والتمزق والتفكك والتشرذم والتفرقة. .

ويا لفرحتهم بهذه النماذج المنتخبة من الزعماء الذين يتآمر بعضهم على بعض, ويرهق بعضهم بعضاً, ويهلك بعضهم بعضا, ويستفز بعضهم بعضا, قد تبهرك أعدادهم الكثيرة, وأموالهم الوفيرة, لكنهم غثاءٌ كغثاءِ السيل, نزع الله من قلوبهم الرحمة, ففقدوا بصرهم وبصيرتهم, وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم, وإن يقولوا تسمع لقولهم, كأنّهم خُشُبٌ مُسَنّدَةٌ, يحسبون كل صيحة عليهم, هم العدو فاحذرهم, قاتلهم الله أنى يؤفكون. .

يا لفرحتهم بتجمعاتنا العشائرية التي لم تجمعنا في يوم من الأيام على كلمة واحدة, ولم تسع لتوحيدنا وتآخينا وتعاضدنا ولملمة شملنا, بل كانت في مواقف كثيرة هي التي تثير الزوابع, وهي التي تصنع القلاقل, وهي التي تصب الزيت على النار. .

يا لفرحة إسرائيل وأمريكا بانتصاراتها الساحقة علينا, من دون أن تطلق علينا رصاصة واحدة, فقد لبى دعوتها زعماء الفتن وانضموا تحت لواءها في حروبهم المعلنة ضدنا, وكانوا خير عون لها, وخير من قام بدور المقاول المتحمس لتنفيذ مشاريع القتل العشوائي على الهوية, فشهدت لهم تل أبيب بذلك, فالحق ما شهدت به الأعداء. .

لقد تفرقت كلمة الناس, وغفلوا عما يضرهم وما ينفعهم, وقنعوا بحياة الركود والتقوقع, ولكن متى أمكن لأحدهم أن يضر أخاه لا يقصر في إلحاق الضرر به, فجعلوا بأسهم بينهم, في الوقت الذي ابتلعهم فيه لقمة بعد أخرى, فرضوا بكل عارض, ورضخوا لكل مصيبة, وتقاعسوا إلى القنوط وركنوا إلى الذل. .   

لا سعادة في هذا الكون الفسيح تضاهي سعادة أعدائنا في المرحلة الراهنة, فما نشاهده ونسمع به من اغتيالات بالمسدسات الكاتمة, وما نواجهه اليوم من تهديدات علنية بالتهجير والترهيب, تسببت في تعطيل عجلة النمو في بلداننا, وفي زعزعة أمننا واستقرارنا, وتفشي الفوضى والدمار في الشوارع والساحات والميادين والأسواق والمساجد ومراكز التعليم, يجعل أعدائنا هم الأسعد في الكون, خصوصا بعد أن صارت الطائفية لعبتهم المفضلة, وسلاحهم الاستراتيجي الأقوى والأمضى والأرخص والأسرع في إشعال حروبنا الأهلية, وافتعال أزماتنا الداخلية.

فهل تم اختطاف الإسلام حقاً على يد هذه الوحوش الكاسرة, التي تقطع الرؤوس, وتسفك الدماء وتقتل الأبرياء على أصوات التكبير, فحسبنا الله في زعماء الفتن, يكرِّهون الناس بعضهم ببعض, يحرضون الطوائف على بعضها, ويشجعونهم على احتقار المذاهب الأخرى, حتى أصبحوا من أمهر قادة فرق الموت باسم الدين, فأي دين هذا الذي يؤمن بنظريات جنكيزخان وينفذ خطط هتلر ؟.

فيا لفرحة أعداء الأمة بهؤلاء, ويا لسعادتهم وهم يتراقصون طرباً وسروراً على انقسامنا وتناحرنا وتشرذمنا وتفككنا وتمزقنا في هذه المرحلة المخيفة. .

والله يستر من الجايات