الهجمة على الأخوان: افتراضية أم حقيقة؟

الهجمة على الأخوان: افتراضية أم حقيقة؟

عبد الله شنبو* - أورينت نت

قد يتساءل البعض.. ما سبب الهجمة التي يتعرض لها إخوان سوريا..خصوصاً في الآونة الأخيرة بعد انتخاب غسان هيتو رئيساً للحكومة الانتقالية.. والذي ذاع صيته على أنه أخواني متخفٍ!! 

وأيضا بعض التسريبات التي تواردت إلى أذهان بعض المعارضين الفسيبوكيين بأن الإخوان مسيطرون كلياً على جميع التشكيلات السياسية للمعارضة السورية.. مع أنهم لا يشكلون سوى 15 بالمئة من الائتلاف الوطني الذي يضم غالبية القوى الثورية ولكنهم كسبوا ثقة الكثير من المعارضين السوريين المستقلين وأيضا ثقة بعض الأحزاب الأخرى.. ذات الطابع الإسلامي.. و هي تحالفات سياسية مشروعة تمارس في أغلب الديموقراطيات العالمية.. ولكن ربما حرمت ممارستها على الإخوان! 

ولكن لو تساءلنا هل تجاوز هذا الهجوم شبكات التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية إلى أرض الواقع.. أم أنه ظل محصوراً بها..؟؟

تاريخ الأخوان في سوريا يعود إلى عام 1945 عندما أخذ مصطفى السباعي على عاتقه نشر الفكر الاخواني في سوريا.. ومن ثم عاش الاخوان وتعايشوا كأحد أهم الأحزاب السياسية في سوريا.. وإحدى مكونات الشعب السوري.. ومارسوا مع غيرهم من الأحزاب الأخرى حياة سياسية رغيدة، في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.. إلى أن جاء البعث وحاول عزلهم وتنحيتهم عن الحياة السياسية.. وصولاً إلى مجزرة حماة الشهيرة.. ولن أخوض في التفاصيل أكثر.. لمعرفة الغالبية بها.

إذاً حقيقة ثورية يحملها الاخوان في سوريا في سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي.. لا ينكرها عاقل.. كلفتهم الكثير من أبناء الجماعة أو المتحالفين معهم فكريا سواء كشهداء أو مفقودين أو معتقلين لعشرات السنوات وهم من خيرة أبناء المجتمع السوري ومن خيرة مثقفيه.

وبالتالي كانوا ولا زالوا أحد مكونات الشعب السوري ولهم قاعدة شعبية لا يستطيع أحد إنكارها..فلماذا الإقصاء في التعامل معهم ولماذا إتهامهم بالإقصاء السياسي ولماذا كل هذا التخوين الذي يمارس ضدهم واتهامهم أيضا بالعمالة وتنفيذ أجندات قطر في المنطقة.. في الوقت الذي لم نسمع أحداً من قيادات الإخوان المسلمين يخرج علناً ويتهم أياً كان من رموز المعارضة العلمانية.. ولم نجدهم يمارسون الإقصاء الذي يمارس بحقهم من قبل التيارات العلمانية .

انخرط الاخوان منذ بداية الثورة السورية في صفوفها مثلهم مثل كل مكونات الشعب السوري الحر.. ومارسوا أدوارهم بشكل طبيعي من الإغاثة إلى الدعم المادي والمعنوي إلى أن نصل إلى الدور الجهادي.. فعاد الآلاف من أبنائهم ممن عاشوا وولدوا خارج الحدود السورية و تربوا خارجها.. عادوا إلى وطنهم لكي يشاركوا إخوتهم في الدفاع عن سوريا وأرضها ضد المغتصب الأسدي .

ولا شك أن استلام الإخوان لمقاليد الحكم في كل مصر وتونس وسوء إدارة المرحلة الانتقالية الذي مورس من قبلهم، والنابع عن ظروف عدة أبرزها غياب الوعي السياسي والديموقراطي لدى شعوب منطقتنا العربية لعشرات السنين.. وأيضا الفساد الذي لا زال مستشريا في تلك الدول في مختلف أجهزتها، سواء الأمنية منها أم الإقتصادية.. لا شك أنه أثر سلبا وبشكل كبير على إخوان سوريا فبدأ بعض الناس ينظرون نظرة سلبية لجماعة الإخوان على أنهم مشاريع حكام سوء.. ويريدون شراً بالبلاد والعباد إن هم استلموا السلطة !!

أما المتصيدون المهرة، فوجدوا أرضاً خصبة وصيداً وفيراً بانتظارهم.. فأخذوا يكيلون الإتهامات للإخوان على شتى الصعد.. من سوء إدارة، إلى استئثار بالسلطة، إلى استحواذ عليها، وصولاً إلى: أخونة دول الربيع العربي..!!! إلى أن وصل الأمر لحد تشبيههم بالأنظمة القمعية السابقة.. التي جثمت على صدورنا عشرات السنين.. متناسين أن الإخوان كانو أشد المتضررين من تلك الأنظمة، وكانو أكثر الخاسرين على مستوى الأحزاب السياسية ولو أن لجدران السجون العربية العربية ألسناً لقالت كلمتها عنهم!

ولا شك أن الصراع الإسلامي العلماني صراع أزلي.. وها هو يطفو على السطح مجددا وبقوة، خصوصا في دول الربيع العربي، وتحديدا في ظل الانقسام حول شكل الدولة المتوقع.. سواء أكانت إسلامية أم مدنية!! وفي ظل غياب مفهوم واضح للكلمتين اللتين من الممكن أن تلتقيا في نقطة واحدة ..

" بشر نصيب ونخطئ" جملة لطالما رددها رموز الاخوان المسلمين ولكنها ربما لم تكن طعما جليا للصيادين الذين تحدثنا عنهم آنفا.. فقرروا أن يثوروا من الإقصاء إلى الإقصاء..

تلك هي حال بعض الرموز العلمانية في المعارضة السورية.. التي لا تلبث أن تسمع كلمة الإسلامي إلا وأصابها الغثيان السياسي. والنتيجة: معارضة مشرذمة مقطعة الأوصال, والعدو القاتل قابع في قصره, ينظر إلى معارضته, صارخاً في وجوههم.." استمروا في قتالكم , استمروا لكي أحيا "...

* من أسرة تلفزيون الأورينت