لماذا كرهنا العلويين؟

لماذا كرهنا العلويين؟

ما لنا وللعلويين حتى نكرههم؟

عابدة العظم

فنحن –المسلمين- لا نكره أحداً لا العلويين ولا اليهود ولا الدروز... ونحن قوم عشنا مع الطوائف المختلفة قروناً طويلة في سلام وأمان، والتاريخ يشهد كيف كنا نكرمهم ونفك عانيهم، فجحدوا المعروف وبذلوا جهدهم في الإساءة إلينا، وهذا دأب كل لئيم.

وبقينا دهراً يسيؤون إلينا ونتغاضى عنهم، ويؤذوننا ونحسن إليهم ونسامحهم؛ أما سمعتم عن تسامحنا نحن المسلمين؟ أما عرفتم روعة أخلاقنا وسمو ردود أفعالنا؟

فلما آيسونا وتيقنا من كفرهم أُكرهنا على كرههم والنفور منهم، وكيف لا نفعل والإسلام أمرنا أن "نحب في الله ونكره في الله".

لقد كرهنا العلويين تقرباً إلى الله وأملاً بثوابه وجنته.

ولا تعجبوا، نعم، كرهناهم تقرباً إلى الله وطمعاً بثوابه لا غير:

1- كرهناهم لأنهم قوم كافرون، فهم فرع من الشيعة ضلوا وأضلوا وابتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله وعقيدتهم منحرفة وعباداتهم باطلة.

2- كرهناهم لأنهم أشعلوا نار الطائفية وأحرقوا بها البلاد والعباد.

3- كرهناهم لأنهم علمونا في المدرسة مخالفة الدين، وشجعونا على العصيان، وجلبوا لنا مدربات الفتوة يظلمننا وينقصن من علاماتنا (ويزدنها لأتباعهن)، ويعاقبننا ويضربننا على الوجه ويقبحن لأننا لم نحفظ هراءهم (الذي ألفوه وسموه "أسس النظام") كما نحفظ القرآن!؟ يساوون كلامهم البشري بكلام الله فأي قوم هؤلاء.

منعوني من الصلاة في المدرسة، وشجعوا رفيقاتي على نزع الحجاب، وأباحوا الفطر في رمضان، وأصبح الناس يأكلون في الشارع يوم الصيام ولا يبالون، وشاعت المشروبات الروحية في بعض المطاعم والمقاهي، وقل الدين وارتياد المساجد في البلاد.

4- كرهناهم لأنهم أفقرونا بالرشوة والغش والواسطة ونقلوا أموالنا من جيوبنا إلى جيوبهم، ثم استولوا على ما تبقى منها بالسرقات العلنية كمصادرة البيوت والأراضي، فاغتنوا وجاؤونا ليسرقونا مرة ثالثة بطريقة شريفة (وقد أصبحنا الحلقة الأضعف وهم الأثرياء) فاشتروا منا الأرض والبيت والدكان وطردونا خارج العاصمة.

هاجروا من قراهم وغزوا المدن المهمة الرئيسية وأخرجوا أهلها منها وبدلوا الأرض غير الأرض وورثوا دمشق وبيوتها، ونثروا العائلات العريقة في الريف واستحلوا بيوتهم وأموالهم ووظائفهم. قالت لي رفيقتي وقد غادرتُ سوريا: "اذهبي إلى مدارس دمشق وانظري، تجدي أسماء عائلات لم نسمع بها في حياتنا وتري وجوهاً لم تأليفها... تمشين في الشارع فتسمعين لهجات عجيبة ولا تفهمينها، وترين مناظر مخلة لا تحلمين بها، وتعانين من تعامل سيء جداً... لقد فسدت البلاد على زمانهم، وانهدمت القيم والأخلاق".

ولما بدأت الثورة سأل الناس: "أين دمشق أين أهلها، ما لنا لا نراهم في المظاهرات، ولا نسمع لهم صوتاً"، وما عرفوا أن الطاغية نفاهم إلى الريف فقل وجودهم في العاصمة وأصبحوا غرباء مبعدين.

5-كرهناهم من سلوكهم وإجرامهم وظلمهم؛ قتلوا رجال وأطفال حماة وأبادوا عائلات كاملة، واعتقلوا شباب جيل الثمانينات وهجروا الباقين الملاحقين خارج البلاد، وفرقونا شذر مذر في أنحاء الكرة الأرضية. فعانينا من التهميش والاضطهاد وأصبحنا دخلاء غرباء على بلاد المسلمين الأخرى، ونشأ أولادنا بلا وطن ولا انتماء.

6- كرهناهم لأنهم دمروا الاقتصاد، وكانت سوريا –لولاهم- من أغنى البلاد، قد أخذت من كل خير بطرف، فأهلها أذكياء نشطاء في الصناعة والتجارة، وفيها النفط، والماء متوفر بغزارة، ومناخها مناسب للزراعة، ولو وزعت خيراتها بالتساوي لكان دخل الفرد فيها يماثل دخل الفرد في أغنى دولة خليجة.

وكان أكثرنا من الطبقة الوسطى، سواء في سكننا وإنفاقنا ولباسنا، فجعلونا طبقتين، وفرقوا بيننا، فَعَلا بعضنا على بعض، وظهرت أمراض اجتماعية كالكبر وغمط الحق.

7- كرهناهم لأنهم بدلوا قيمنا وحولوها باتجاه الشر ووظفوا الناس جواسيس بعضهم على بعض، فانتشرت ثقافة الخوف والخنوع، وظهر الكذب والنفاق شهادة الزور، وجعلوا أعزة أهل البلاد أذلة فمد بعضهم يده للرشوة مكرهاً، وتحالف آخرون مع النظام ليأمنوا شره ويتابعوا أعمالهم ويحموا مصالحهم.

وباختصار: كرهناهم من تعاملهم وسلوكهم.

*  *  *

كرهناهم ولم نؤذهم، وبقينا على ودهم والتعايش معهم فكان جزاؤنا منهم الذبح والقتل... وما تعرفون –أيها الناس- وما تسمعون!؟

فتذكروا ما فعلوه بنا. ولا تَشُّكوا أن العلويين يستحقون منا الخير؟! أو أننا ظلمناهم بثورتنا عليهم!؟ أو أنهم منا ونحن منهم!؟