سرقة محاضرة الأستاذ عبد القادر بومعزة

عبد الله لالي

بسكرة الجزائر

[email protected]

من أعجب وأغرب السّرقات الفكريّة والتي يمكن أن نسميها سرقة مع سبق الإصرار والترصّد كما يقول رجال المباحث والقانون؛ هي تلك السّرقة الشنيعة التي حدثت مؤخرا في ولاية بسكرة ( الجزائر ) من رجل يزعم أنّه دكتور جامعي من ولاية الشلف، وإليكم القصّة كما رواها صاحبها:

قال لي الأستاذ عبد القادر بومعزة أنّه سمع بالأيّام الوطنيّة الأولى للمخطوطات التي عُقدت في مارس الماضي بولاية بسكرة ( الجزائر ) وقال أنّه كان منشغلا جدّا لكن قال في نفسه أعرّج على قاعة الفكر والأدب بدار الثقافة للاستطلاع فقدّمت له مطويّة فيها برنامج المحاضرات، فأخذها ورجع إلى البيت، ثم ترك المطويّة جانبا فتناولتها زوجته وبدأت تقرأ ما فيها فاجتذبها عنوان إحدى المحاضرات فقالت لزوجها: هذه محاضرة قد تهمّك .. فطلب منها أن تقرأ عليه عنوانها فلمّا قرأته وهو يسمع لم يجده غريبا عليه (علماء الزيبان من خلال المخطوطات والوثائق التاريخية )، فأخذ المطويّة منها وقرأ العنوان جيّدا فوجده يتطابق تماما مع عنوان بحث كان قد كتبه ونشره في عدّة مواقع، ومنها ( أصوات الشمال ) وقرّر أن يتأكد من الأمر وكانت المحاضرة ستلقى في اليوم الموالي، ومن الغد ذهب إلى عمله ثم استأذن في الخروج لأمر هام فأُذن له.

عندما وصل الأستاذ عبد القادر بمعزة إلى قاعة الفكر والأدب جلس يستمع إلى المحاضرات، وجاء دور المحاضرة التي شدّت انتباهه وكان الذي ألقاها عرّف نفسه بأنّه دكتور من جامعة الشلف، وبدأ كلامه بقوله أنّه أوّل مرّة يزور بسكرة وهذا منتهى الغباء منه أو هو استغفال لعقول المستمعين، إذ أنّه بعد ذلك بقليل بدأ يقول أنّه زار الزّاوية العثمانيّة ورأى مخطوطاتها ( طبعا كان الذي رأى تلك المخطوطات حقيقة هو الأستاذ عبد القادر بومعزة )، ثمّ قال في أثناء محاضرته أنّه التقى بالأستاذ يوسف بولعراس وتحدّث معه، وكان الأستاذ يوسف بولعراس جالسا في القاعة يستمع إلى جانب الأستاذ عبد القادر فقال بصوت منخفض ومتى التقاني..؟ ! فأنا لا أعرفه ! ذكر كلّ هذه المعلومات والتي يزعم أنّها جرت له في بسكرة وهو قال في مقدّمة محاضرته أنّه يزور بسكرة لأوّل مرّة.. !! وكأنّه لم يقرأ المحاضرة أصلا ولم يطّلع عليها.. !! ففضح نفسه ووقع في شرّ أعماله.

ولمّا أنهى محاضرته قام الأستاذ عبد القادر بومعزة وطلب التدخّل، ثمّ أراد أن يستدرج المحاضر حتى يحشره في الزاوية الحادة كما يقال، فشكره على هذه المحاضرة القيّمة وسأله ساخرا:

لا شكّ أنّك تعبت في هذه المحاضرة وبذلت فيها جهدا كبيرا، فقال الرجل نعم لقد تعبت فيها أكثر من شهرين..فقال له: هل أنت متأكد من ذلك ؟ فقال طبعا أنا على يقين ..لقد تعبت فيها كثيرا.

فقال الأستاذ عبد القادر بومعزة حينها فلتعلم إذن وليعلم الحاضرون أنّ صاحب هذه المحاضرة هو شخص آخر، وأنّه معنا في هذه القاعة وهو العبد الضعيف الواقف أمامكم.. !

ثمّ أضاف قائلا: هذه المحاضرة هي لي وهي عبارة عن بحث كتبته منذ مدّة ونشرته في عدّة مواقع على شبكة الأنترنت ومنها موقع ( أصوات الشمال ) بتاريخ 12 جوان 2012 م  ( وهي فعلا منشورة على هذا الرّابط http://www.aswat-elchamal.com/ar/?p=98&a=27722) كما نشرته أيضا في جريدة ( الزيبان نيوز ) العدد 24 فسكت المحاضر ولم ينطق بكلمة.

قال: فقال له المدير الولائي للثقافة الأستاذ عمر كبّور وكان حاضرا: أجبه .. دافع عن نفسك.. فلم ينبس ببنت شفة.. ثمّ لملم أوراقه وأخذ محفظته وخرج مستخذيّا..

وهذه لعمري من أغرب السّرقات العلميّة، رجل يأخذ بحثا ليس له من شبكة الأنرتنت، يتحدّث عن منطقة الزيبان ويأخذ هذا البحث إلى هذه المنطقة ليلقيه باسمه وهو لا يفكّر بأنّ صاحب البحث ربّما كان من سكّان المنطقة، ولعلّه يكون أحد الحاضرين في الملتقى وقد يكون أيضا ضمن المحاضرين.. أكلُّ هذا غباء أم استغباء للمثقفين والباحثين أم وقاحة وقِحَة ..؟!