تاريخ عرب الأحواز

العالم والباحث الأحوازي عبدالنبي القيم يرد على مزاعم كسروي في

تاريخ عرب الأحواز

عبدالنبي القيم

الكاتب الإيراني يتناول جميع الكتب التاريخية الفارسية والعربية والأجنبية التي كتبت عن تاريخ عرب الاحواز ويبيّن للقارئ هفوات وثغرات بعضها

ميدل ايست أونلاين

الأحواز ـ للأحواز تاريخ ضارب في القدم، عمره يزيد على عمر تاريخ ايران بآلاف السنين. لكن عدم اهتمام الباحثين بتاريخ الاحواز والإفراط في التقصير في هذا المجال، وتهاون الكتّاب في نقد الكتاب الوحيد لتاريخ الاحواز، وهو كتاب احمد كسروي أديا إلى عدم معرفة تاريخه بصورة صحيحة، من هذا المنطلق كتب عبدالنبي القيم تاريخ عرب الاحواز. وصدر عن دار مدارك للنشر بعنوان "تاريخ عرب الاحواز"، والكتاب ترجمة لكتاب "بانصد سال تاريخ خوزستان" الذي صدر قبل عامين في طهران باللغة الفارسية ونال إقبالا واستحسانا في ايران ولا سيما بين الأوساط الثقافية الاحوازية.

وبما أن كتاب "تاريخ پانصد ساله خوزستان" للكاتب الايراني أحمد كسروي كان الكتاب الوحيد عن عرب الاحواز (تأليف1944) في العقود الماضية وأن كسروي يحمل آراء ووجهات نظر قومية متشددة وعداء للعرب وفي كتابه شوه تاريخ عرب الاحواز، لهذا السبب ركز القيم كتابه علي نقد كتاب كسروي وسلط الضوء على هفوات وثغرات كسروي ونظرته الفوقية والعدائية لعرب الاحواز

يقول الباحث: كان من المقرر في البداية أن اكتب نقدا على كتاب كسروي في مقالة لا تزيد على خمس عشرة صفحة، ولكني حين شرعت بالعمل، خاصة عند وصولي إلي المشعشعيين باعتبارهم حكومة عربية مستقلة في الحويزة في القرن التاسع الهجري لاحظت أنّ أكثر ما كتبه كسروي عن السيد محمد المشعشعي غير صحيح ومغرض، لهذا السبب تغيّر إطار العمل بسرعة كبيرة وأصبح نقد كتاب كسروي عاملاً وسبباً لوضع جميع الحوادث من خلالها في دائرة البحث والنقد. من هنا فإن هذا الكتاب بالإضافة إلى دراسة وسرد تاريخ عرب الاحواز، يكون نقداً وتحليلاً لكتاب "بانصد ساله ي خوزستان" تأليف احمد كسروي، فبناء على ذلك الكتاب يحمل عنوان" تاريخ عرب الاحواز - ونقد كتاب أحمد كسروي".

تناول عبدالنبي القيم جميع الكتب التاريخية الفارسية والعربية والأجنبية التي كتبت عن تاريخ عرب الاحواز وبيّن للقارئ هفوات وثغرات بعضهن وكتب عن إيجابيات بعض الآخر في الفصل الأول.

السمة البارزة للباحث والميزة الأصلية للكتاب هو الإنصاف في تقييم الكتب والمقالات، يتجلي ذلك عندما يتحدث الباحث عن آراء احمد كسروي، حين يرى آراءه الصحيحة والصائبة يؤيد تلك الآراء، ويعتبرها صحيحة ولو تكون تلك الآراء ضد سيد محمد المشعشع. إن الباحث يؤيد ما كتبه كسروي عن غلو السيد محمد لكن يعتبر ما كتبه كسروي عن غلو السيد محمد فيه نوع من المبالغة.

ايضاً عبدالنبي القيم يشيد بما كتبه كسروي عن الشيخ سلمان الكعبي باعتباره شيخا محنكا وحكيما. ويقول: ما كتبه كسروي عن الشيخ سلمان بعيد كل البعد عن النزعة الشوفيينة الفارسية ولو انتهج كسروي تلك النهج في جميع فصول كتابه لأصبح كتابه من أفضل الكتب في مجال تاريخ عرب الاحواز.

خصص الباحث الفصل الأول من الكتاب إلى الكتب التاريخية التي كتبت عن تاريخ عرب الاحواز. وفي الفصل الثالث عرفنا على سيرة احمد كسروي وقصة حياته وكتبه ومقالته، وفي هذا الفصل بيّن لنا القيم أن مجيئ كسروي إلى تستر في شمالي الاحواز وفي عهد الشيخ خزعل كان من قبل رضاخان رئيس الوزراء طهران من أجل تضعيف سطوة الشيخ خزعل والاتصال ببعض القبائل العربية وإحداث شرخ بين العرب من أجل تمهيد الظروف للقضاء على الشيخ.

كتب القيم في الفصل الثالث من الكتاب عن تاريخ الاحواز بإيجاز وفي عدة صفحات ليصل إلى عام 845 الهجري القمري عام تأسيس حكم المشعشعيين، كما كتب عن قدم اسم الاحواز على خوزستان، وعن تسمية الفرس للأهواز في القرن التاسع للهجرة باسم عربستان.

في الفصل الرابع يسرد الباحث وفي أكثر من 214 صفحة حكم المشعشعيين ابتداءً من السيد محمد المشعشع مؤسس هذه السلالة في عام 845 من الهجرة ووصولاً إلى يومنا هذا أي العقود الماضية. كما يكتب عن حكمهم المستقل الذي كان يبتدي من جنوب بغداد ويمر من كرمانشاه وجبال اللور ويصل إلى البصرة وجميع أراضي الاحواز وموانئ الخليج). حتى أطاح بحكمهم الشاه اسماعيل الصفوي في عام914، لكن رغم ذلك بقوا هم حكام هذه الأرض حيث وصل بهم الأمر في فترة 998 إلى 1025 الهجري يحكمهم السيد مبارك بن السيد مطلب المشعشعي الذي دحر العثمانيين وأجبرهم على التراجع، ويكتب لوريمر في "دليل الخليج" بأن عهد السيد مبارك كان العصر الذهبي لأهل الحويزة، وكان الشاه عباس الصفوي يخشى المشعشعيين لهذا السبب زوّج أخته لإبن السيد مطلب، السيد ناصر.

خصص الباحث الفصل الخامس لحكم "بني كعب" ويكتب عن حكمهم الذي استمر لمدة تقترب من ثلاثة قرون في الفلاحية، ويعرفنا على الشيخ سلمان الكعبي شيخ المحنك والحكيم للكعبيين (1182-1150) وما قام به من عمران وبناء سد علي نهر كارون و اهتمامه بمعيشة الناس. ويكتب لنا غزو كريم خان الزند على الشيخ سلمان وعدم انتصار الحاكم الفارسي على الشيخ، كما يسرد غزوات المتتالية للوالي العثماني لبغداد (ثلاث مرات) وصمود الشيخ سلمان وهزيمة العثمانيين ويكتب عن هجوم البريطانيين على الفلاحية بمشاركة العثمانيين في "حرب ابو طوق" وباقي هجمات البريطانيين والذي كان نصيبهم الفشل والتراجع.

كما جاء عن حكم أولاد وأحفاد الشيخ سلمان وعن معركة "الرقة" بني كعب مع الكويتيين ومحاولات باشا بغداد والبريطانيين لإخضاعهم. وخصص الكاتب أكثر من 130صفحة من الكتاب لشرح تاريخ بني كعب وينهي هذه الحقبة في عام 1258 للهجرة أي عام 1847 للميلاد.

الفصل الثالث من الكتاب خصص لحكم آلبوكاسب المعروفين بحكام المحمرة، فكتب الباحث عن أصل آلبوكاسب وجذورهم ويبرهن لنا أن آلبوكاسب ينتمون إلى القبيلة العربية المعروفة بني كعب وبهذه الحجة يفند ويدحض كل ما جاء على لسان أعداء آلبوكاسب بالطعن بعروبتهم.

سبق وأن قدم الباحث أدلة ومصادر عن أصل بني كعب الفلاحية وأبطل كل أقاويل كسروي عن أصول بنوكعب وأن بني كعب ليس فرعاً من بني خفاجية بل هم أولاد عامر.

يعرف لنا الكتاب الحاج جابربن مرداو بن علي بن كاسب حاكم المحمرة في عام1248 للهجرة أي 1832 للميلاد وأنه تسلم مقاليد الحكم بدهائه وتدبيره وقام بعمران المدينة وأعلن المحمرة ميناء حرا، وفي عهده ازدهرت المحمرة، وجاء من بعده أبنه الأكبر الشيخ مزعل. وينتهي هذا الباب من الكتاب والذي جاء في 83 صفحة في عام1897 سنة مقتل الشيخ مزعل و مجيئ أخيه الشيخ خزعل لسدة الحكم.

في هذا الباب يعرض عبدالنبي القيم حصيلة دراساته عن أسم الاحواز وجذوره ويستند إلى كلام كبار الجغرافيين وما جاء في الكتب التاريخية ويقول لنا أن ما كتبه ياقوت الحموي عن جذور اسم الاحواز أصح وأوثق من باقي الأقوال.

من أهم ميزات هذا الكتاب؛ أستناد الباحث لمصادر وكتب معتبره و موثوقة، حيث لم يجد القارئ كلاما إلا مصدره معه، لهذا السبب نرى أن عبدالنبي القيم استفاد من أكثر من 230 مصدرا في تأليف كتابه، وأصبح الكتاب مصدرا لجميع الدراسات عن تاريخ الاحواز.