في مواجهة المؤامرة على مصر.. تعالوا نتفق

بدر محمد بدر

[email protected]

من الواضح لكل ذي عينين أن مصر، الوطن والدولة والشعب، تتعرض في الوقت الراهن إلى مؤامرة كبرى، تستهدف تركيعها وإذلالها وانهيار مؤسساتها ومواردها حتى لا تقوم لها قائمة مرة أخرى، وتصبح خاضعة للإملاءات والشروط المهينة من هذه القوى أو تلك، لكي تبقى بعيدا عن حريتها وكرامتها، وقيمها الإسلامية وهويتها الحضارية.

هذه المؤامرة الكبرى تشارك فيها أطراف داخلية وخارجية عدة، كشفت عن إحداها صحيفة "الأخبار" في صدر صفحتها الأولى يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، نقلا عن مصادر تحقيق أمنية مصرية، تتعلق بتمويل شخصية إماراتية كبيرة لفوضى العنف والإجرام والإرهاب، الذي تتعرض له مؤسسات الوطن في الأيام الأخيرة، وذلك عن طريق استخدام المال والسلاح لإحداث الفوضى، أملا في إسقاط السلطة المنتخبة، وتعطيل المسار الديمقراطي، وإرهاق الشعب اقتصاديا.

هذه الشخصية الإماراتية المعروفة، التي أشعر كمصري بالأسف الشديد أنها تنتمي لنفس البلد الذي أنجب الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، الرجل الكبير الذي كان مثالا للوطنية والاحترام وحب الخير للجميع، يجب أن تكشف الأجهزة الأمنية حجم الأموال التي تم إنفاقها لقتل المصريين وحرق مؤسساتهم، ولحساب من يتم هذا الدور القذر، وما هو دور الأمريكان والصهاينة في هذه المؤامرة، ثم من تورط من السياسيين في القيام بدور الوكيل حتى يعرف الشعب كله حقيقة ما يجري الآن. 

وأعتقد أن النيابة العامة، التي هي ضمير الشعب المصري، ومعها كافة الأجهزة الأمنية، والمخابرات العامة أيضا، يقع عليها الآن العبء الكامل في كشف ما يحاك لمصر من مؤامرات وأزمات، وأنتظر مثل بقية شرفاء الوطن، كشف الستار عن جرائم هؤلاء وغيرهم، ومحاسبة الجناة أيا كانت مواقعهم ومناصبهم بكل حسم، وكشف الغطاء السياسي عمن يدعمهم، وتقديمهم إلى القضاء النزيه العادل، حتى يعود الأمن والأمان للمواطن، وتعود الهيبة والاحترام والتقدير لمؤسسات الوطن. 

المطالب السياسية المنطقية، يجب أن يتم مناقشتها والوصول إلى حلول لها، من خلال الحوار الهادئ والنقاش الموضوعي، ويتم تنفيذ ما نتفق عليه جميعا عبر المؤسسات الديمقراطية، وليس بالعنف أو التخريب، سواء بطريق مباشر أو عبر دعم سياسي وإعلامي غير مباشر، بشرط واحد: أن يتم ذلك كله في إطار احترام إرادة الشعب، وعدم القفز على المسار الديمقراطي، والعمل على مساعدة الوطن في هذه المرحلة الصعبة، فمصر تتقدم بأبنائها، وهي في حاجة إلى جهود الجميع.

تعالوا نتفق معا على أن الديمقراطية هي حلم الشعب المصري، وهي إحدى الثمار الرائعة لثورة يناير العظيمة، وينبغي علينا جميعا أن نحل مشكلاتنا من خلال اللجوء إلى الشعب، واحترام إرادته، وإشراكه دوما في تحمل المسئولية، حتى إذا اختار الطريق كان طبيعيا أن يتحمل النتائج، سلبا أو إيجابا، وأمامنا الآن استحقاق انتخابي مهم وهو انتخاب مجلس النواب الجديد، ومن يريد أن يغير ويعدل عليه أن ينزل إلى الشعب، ويطرح رموزه وبرامجه، حتى يحصل على التمثيل المناسب.

تعالوا نتفق معا على أن بناء واستقرار الوطن هو البداية الحقيقية لتحسين مستوى المعيشة، وعلاج أزمات المجتمع، وتحقيق كامل أهداف الثورة، وانطلاق مشروع النهضة والرخاء، وأن استمرار المناكفة السياسية، وحالة الاستقطاب التي تعيشها مصر الآن، ليست في صالح أحد وبخاصة المواطن البسيط، الذي لا يزال يعيش ظروفا اقتصادية ومعيشية صعبة، ويتطلع إلى الخروج من هذه الدائرة المفرغة التي تتجاهل متطلباته الأساسية.

تعالوا نتفق على أن مصلحة الوطن العليا تقتضي من الجميع الجلوس سويا، وحل مشكلاتنا بالحوار الجاد والمسئول، حتى نؤسس لبناء ونهضة مصر المستقبل.