جنرالات الفضاء‏!‏

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

تحتشد بعض القنوات الخاصة بمجموعة من المذيعين ومقدمي البرامج يسعون في مواعيد البث المسائية والليلية إلي القيام بدور الزعماء والثوار الذين يقودون الجماهير إلي تحقيق النصر علي الحكام الطغاة المستبدين‏!‏

يتسلح كل منهم بمواهبه في إثبات وجوده الجماهيري والشعبي, ولكنه يحرص علي ارتداء زي الجنرال الذي يقود الفرق والكتائب لسحق الأعداء والغزاة. بالطبع لن نذكرهم بتواضع باربارا والترز ولا لاري كنج ولا أوبرا وينفري!

مهمة المذيع أو مقدم البرنامج جلاء الموضوع الذي يعرضه ويناقشه من مختلف الجوانب, فلا يركز علي ناحية واحدة ويترك بقية الجوانب, ولكن مهمته الإعلامية تدفعه كما ينبغي إلي رؤية الموضوع المعروض من الزوايا كافة, وبذا يكون الإعلام قد خدم المتلقي, وعرفه بموضوعه تعريفا جيدا, ويترك له مهمة الحكم والاختيار.

بعض الجنرالات لا يخافت بالعمل في اتجاه واحد, فيستضيف من يؤيد اتجاهه ويدعمه, بل يستدعي من يتصل من خارج الأستوديو داعما ومؤيدا, وبعضهم يعتمد علي نفسه; فيستخدم صوته العالي في توجيه القذائف اللفظية إلي رئيس الدولة والحكومة والمخالفين, دون أن يقدم بديلا لما يريد تغييره, وبعضهم يهبط إلي درجة السباب والإهانة والردح متصورا أن ذلك يضعه في مقام الثوار الأحرار, ويتناسي أنه كان يبكي علي المخلوع أيام الثورة ويعده خطا أحمر!

الجنرالات الفضائيون ليسوا ملكا لأنفسهم, ولكنهم ينفذون سياسة وأعداء الثورة من ملاك الفضائيات, ويؤدون دورا غير طيب ضد الشعب والثورة والدولة, فقد سودوا الدنيا, ويصرون علي إرباك النظام الجديد وتعطيله عن العمل وممارسة دوره الطبيعي في التفرغ لقضايا الشعب الأساسية.

إن الإعلام الفضائي قيل إنه ينفق أكثر من ستة مليارات جنيه, بينما إيراداته, كما كشف وزير الإعلام في الأخبار2013/1/16, لا تتجاوز مليارا ونصف المليار, وتبلغ الخسارة نحو أربعة مليارات ونصف المليار جنيه. فمن يتحمل هذه الخسارة ولماذا ؟ ومن ينفق علي هذه الفضائيات وما الغرض من هذا الإنفاق؟

لا ريب أن جنرالات الفضاء يقدمون لنا الإجابة التي تقول بلا لف ولا دوران: إن المستهدف هو ثورة الشعب المصري وحريته ومستقبله.