الأخضر الإبراهيمي .. تحت السقف المزدوج الروسي الصيني

الأخضر الإبراهيمي ..

تحت السقف المزدوج الروسي الصيني

أي إنجاز ؟!

زهير سالم*

[email protected]

يكاد يجمع السوريون على إعلان ثقتهم بالسيد الأخضر الإبراهيمي : عقله وقلبه ونفسه . يكادون يجمعون على أنه لا أحد يشكك في  الحكيم العربي لا في عقله وفكره ولا في قلبه وإخلاصه ولا في سلوكه وصورة نفسه . ويكادون يجمعون على أن الرجل آثر ألا يتخلى عن شعب يشاركه العقيدة والرؤية والدم ويبادله الوفاء والحب حين قرر أن يتخلى عنه الأكثرون . وحين يكتب مقهور مثلي أو مثل الكثيرين من السوريين : ( لا شيء خير من هذا الشيء .... ) يجيب الحكيم العربي المدرك لأبعاد المأساة السورية بكل عمقها وأبعادها : السياسة فن الممكن فلنحاول ..

راهنا وراهن الكثيرون على فشل الهدنة التي طالب بها السيد الأخضر . تندرنا حولها . حول ظروفها وشروطها وأرضها وسقفها وعمقها . لا أظن أن امله فيها كان يختلف عن أملنا . ولا أظنه كان يرجو منها أو يعول عليها . وكرجل استأثر بوصف الحكيم الذي لم يحظ به إلا القليل في هذا العالم ومع أمنياته العذاب لكي يمر على السوريين ( عيد بلا دم ) ؛ إلا أنه كان في الوقت نفسه يراهن على فشل الهدنة كما كان يتمنى نجاحها . وها هنا يكمن سر الحكمة الذي يغيب عن الكثيرين منا .

قبل أن تنقضي أيام العيد الأربعة حمل السيد الأخضر فشل الهدنة الهزيلة بسقفها الواطئ ليضعه على طاولة الروس والصينيين المتبنين لمشروعها ولمشروع الحوار وجنيف وليقول لهم هذا هو فعل صاحبكم فماذا أنتم فاعلون ؟!

إن من تابع المؤتمر الصحفي للسيد الأخضر مع وزير الخارجية الروسية يدرك أن الرجل طار إلى هناك ليطالب بثمن فشل الهدنة الذي كان سببه الأول من يملك الطائرات في والدبابات والمدفعية على الأرض وفي السماء السورية كما قال .

ولا بد للمتابع أيضا أن يلحظ ( حيص بيص ) الذي كان يضطرب فيه لا فروف ، والذي ظل يحاول الاستنجاد بما سماه ( اتفاق جنيف ) والإبراهيمي يقول له إن صديقكم أو حليفكم لم يوافق عمليا على هدنة أربعة أيام فكيف يوافق على حكومة انتقالية ؟ ! . كان سر زيارة الأخضر لروسية والصين أنه يطالب الدولتين بالمنطق الذي يقول : إذا كنتم حريصين فعلا على وقف إطلاق نار ، وعلى مرحلة انتقالية ، وعلى حوار وطني ، فعليكم أن تمرروا في مجلس الأمن قرارا مساعدا يُلجئ بشار الأسد إلى القبول بكل هذا الذي تدعون إليه . إن بشار الأسد الذي يستظل بحمايتكم غير مستعد للذهاب معكم إلى القدر الذي تدعون إليه للقاء مع ( الشعب السوري ) ولو على بعد خطوة من الموقع الذي هو فيه . إنه ما يزال يرى أن القتل هو الطريق الأيسر للاحتفاظ بالسلطة وهو مصمم للسير فيه حتى النهاية . وأنتم وحدكم من يبسط له ظل الحماية لتحقيق ذلك .

لقد كان هذا سر مسارعة السيد الأخضر إلى موسكو ثم إلى بكين ليستثمر الانعكاس العملي الساخن لفشل مشروع الهدنة الذي سعى الرجل إليه . ولكن يبقى السؤال إلى أي حد هناك إرادة دولية تتنازل عن سورية الدولة والشعب كمنطقة نفوذ روسي ؟! أو بعبارة أدق إلى أي مدى ستترك الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لروسية أن تحدد مستقبل سورية وسقف الحريات الذي يمكن أن يتكرم به بوتين على شعبها ؟! وكيف سيسمح بوتين لهذا الشعب أن بشرب من كف بشار الأسد ، حسب ما يجود به المندوب السامي الروسي والصيني والإيراني .

وإذا اقتضت مصالح الدول النافذة في المجتمع الدولي أن تتناسى أن سورية دولة مستقلة منذ السابع عشر من نيسان 1946 . وأن شعبها ثار على الفرنسيين حتى تحرر من انتدابهم ووصايتهم منذ ذلك التاريخ ؛ فإن الشعب السوري لن يقبل أي وصاية من دولة أخرى مهما يكن شأنها ، وأن ثورته من أجل حقوقه الوطنية والمدنية والإنسانية قد ضمنتها كل المواثيق والمعاهدات الدولية الضامنة لحقوق الإنسان .

ستمضي هذه الثورة المباركة إلى أهدافها وسيتحرر الشعب السوري من مستعمريه ومستعبديه وجلاديه . وسيكون للمواقف والسياسات الدولية انعكاساتها المباشرة على مستقبل سورية الذي أراده هؤلاء الثوار منذ اليوم الأول الأجمل والأرحب ..

يبقى السؤال المطروح على السيد الأخضر إذا كان سقف المسعى الذي تسعون إليه هو الإرادة الروسية والصينية المعبرة مباشرة عن إرادة بشار الأسد فأي إنجاز تحت هذا السقف تتوقعون ؟!

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية