العلمانيون .. لماذا يخافون الشريعة الإسلامية؟!

العلمانيون .. لماذا يخافون الشريعة الإسلامية؟!

بدر محمد بدر

[email protected]

كلما تحرك العلمانيون في الميدان السياسي انكشفت خباياهم أكثر، ونطقوا بما كانوا يكتمون عن الشعب ويخفون عن الأمة، ولعل أبرز مثال على ذلك هذه الضجة المثارة حاليا حول المادة 36 من المواد المقترحة للدستور الجديد، التي تنص على ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات "بما لا يخل بأحكام الشريعة الإسلامية".

ونص المادة هو "تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التى ترسخ مساواة المرأة مع الرجل فى مجالات الحياة السياسية، والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، وسائر المجالات الأخرى دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية، وتوفر الدولة خدمات الأمومة، والطفولة بالمجان، وتكفل للمرأة الرعاية الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية وحق الإرث، والتوفيق بين واجباتها نحو الأسرة وعملها فى المجتمع، وتولى الدولة حماية وعناية خاصة للمرأة المُعيلة والمطلقة والأرملة وغيرهن من النساء الأكثر احتياجاً".

لماذا أثارت هذه العبارة عن الالتزام بتحكيم الشريعة الإسلامية في أمور الأسرة ثائرة العلمانيين؟! ولماذا يتحدثون في الصحف والفضائيات والمؤتمرات العامة عن ضرورة احترام المعاهدات والمواثيق الدولية في مجال المرأة والأسرة بالذات؟! وهل من الكرامة الوطنية واحترام إرادة الشعب المصري أن تكون هناك قداسة واستعلاء للاتفاقيات الدولية على حساب المصلحة الوطنية العامة؟! ثم إن نص هذه المادة موجود في الدساتير السابقة، وآخرها دستور 1971 فما هي المشكلة إذن؟!

في تقديري أن هذه الضجة العلمانية تهدف إلى أمرين: الأول هو الضغط من أجل تنحية أحكام الشريعة الإسلامية في مجال الأسرة، بحجة تعارضها مع التزامات مصر الدولية، وبالتبعية تنحيتها في بقية مجالات الحياة، لأن أحكام الأسرة المسلمة هي آخر حصون الشريعة، والتنازل عنها يعني هدم ما تبقى من أحكام الإسلام في  المجتمع، والثاني هو إقناع المؤسسات الدولية التي تمول مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال الأسرة، بأنهم يبذلون جهدا كبيرا يستحقون عليه هذا التمويل.

ثم ما هي المواد التي أوجبتها أحكام الشريعة الغراء في مجال الأسرة، ويرفضها هؤلاء العلمانيون وبعض مرتزقة مؤسسات المجتمع المدني، التي تحصل على تمويل ضخم من الخارج، بدعوى أنها تتعارض مع المعاهدات الدولية؟ هذه المواد تتعلق بأنصبة الميراث، ووجوب المهر والنفقة، وحق الطلاق للرجل، وعدة المطلقة، وحرمة التبنى، وهي مواد لا خلاف عليها بين علماء الإسلام، ولكنها تتعارض مع المواثيق الدولية التى تطلب المساواة بين الجنسين، دون تمييز بينهما.

وهذا يعنى، حسب هذه المواثيق الدولية، أن حق المرأة هو ذات حق الرجل، ﻓﻲ عقد اﻟواج وفي ﻓﺴﺨﻪ، وكذلك ﺤﻘوق وﻤﺴئوﻟﻴﺎت الولاية واﻟقوامة والوصاية على الأطفال، وهو نفس الحق بالمساواة في الميراث الشرعي، وهذا يعنى واقعياً كما يأملون: حق الفتاة والمرأة المسلمة فى الزواج من رجل مسيحي، ليتساوى مع حق الرجل المسلم فى الزواج من مسيحية، زواجا مدنيا أي لا صداق ولا طلاق إلا بحكم قضائي، ولا ولي ولا ولاية ولا قوامة ولا تعدد زوجات ولا عدة ولا نفقة!

أضف إلى ذلك اقتسام الممتلكات بالتساوى عند الطلاق، وتساوى أنصبة الأبناء في الميراث، للذكر مثل حظ الأنثى، (وليس الأنثيين) كما قرر القرآن الكريم، وأيضا إجازة التبنى (من دون تقيد بالديانة)، وما يستتبعه ذلك من أحكام زواج، وميراث، والعجيب أن التعارض قائم أيضا بين هذه المواثيق وأحكام الأحوال الشخصية المسيحية المقترحة الآن دستوريا، فلماذا لم ير العلمانيون فى ذلك انتهاكا للمواثيق، التي اعتبرها الكونجرس الأمريكي "تدخلا في الشئون الداخلية"!

لكن العلمانيين في بلادنا لا يمانعون في تبعيتنا للغرب، في أخص قوانيننا وتشريعاتنا وقيمنا، وهذا هو سر فشلهم المستمر.