مشروع النهضة المصري.. كيف سينجح؟!

مشروع النهضة المصري.. كيف سينجح؟!

مصطفى عبده طه السعدني

[email protected]

منذ اندلاع ثورة 25 يناير، والجميع من القوى الثورية على اختلاف ايدلوجياتها يتغنى بنهضة مصر - أرض الكنانة- ووجوب عودة مصر إلى سابق عهدها ومكانتها من حيث الريادة والتقدم ولا يستطيع أحد أن ينكر على آخر حبه لوطنه إن هو أبداه، أو رغبته في العمل الجاد لإعادة بناء مصر القوية أو تمكين مصر من دورها الريادي.

ومن هذا المنطلق تبارت تلك القوى السياسية في مصر في إبراز أفضل ما لديها من أفكار ورؤى وبرامج تعمل على تطور مصر على كافة المستويات سواء في الداخل أو الخارج ودفعها ذلك إلى الاستعانه بكافة الخبرات في جميع المجالات السياسية والاقتصادية...الخ

إن محاور النهضة في أي أمه لا تخرج عن ثلاث ركائز رئيسية هي:-

1-  الانسان :- وهو رمز للبشر جميعا الذين سيقومون بإعداد الخطط والبرامج والعمل على تنفيذها في الواقع.

2-  البيئة :- وتمثل المكان الذي سيقوم عليه مشاريع ليجسد النهضة

3-  الافكار والرؤى والبرامج والمشاريع :- وهي تمثل المنهج الذي سيتم التنفيذ على أساسه لمشروع النهضة.

وأرى ان الانسان هو العامل الفاعل والمؤثر في الحضارات التي مرت عبر التاريخ فكم قامت حضاره وكم اندثرت أخرى وبقي الإنسان برمزه منارة لكل حضاره تنشا، لأنه ما قامت حضارة  إلا بسواعدٍ تحملها وتضئ لها المشاعل عبر الاجيال، وما اندثرت إو إنطفات حضارة إلا بركونِ أصحابها من البشرإلى الراحة والدعة. وسلبية وغياب الضمير وكثرة التنازع بينهم.

وهذا بالظبط ما أكده (ادوين إشاور)* في كتابة –اليابانيون- عندما اوضح أن سر نهضة اليابان تكمن في أمرين اثنين الاول إرادة الانتقام من التاريخ (ما يعني العزيمة القوية)، والثاني بناء الانسان، من خلال منظومة تعليمية وبرامج موجهة ترفع من شانه وقدرة وتعيد تأهيله وتجعله أشبه بالفاكهة التي تثمر في كل الفصول.

وكان ذلك ما دفع اليابانيون إلى تطويع كل المظاهر البيئية التي وقفت أمامهم كعقبات وذلك من خلال تذليلها وإفرغ هذه العقبات من مضمونها بإرادة وعزيمة قوية لا يعرف الفتور أو اليأس إليهما طريق، وإنسان تفهم طبيعة المرحة التي يعيشها فتحمل الصعاب واستمرأ مر الايام.

"فمثلا على الرغم مما تتطلبه عملية ري محصول الأرز في اليابان  من حجم عمل هائل إلا أن نسبة إنتاج محصول الفدان الواحد منه اعلى كثيرا من مثيله في الغرب" **.

وأكد على هذا المعني المؤلف (شيف كيرا)*** عندما أجاب على سؤال

ما السر وراء أن بعض الافراد ؟أو المؤسسات أو الدول أكثر نجاحا من غيرها ؟!

فقال إنهم كذلك. لأنهم يفكرون ويتصرفون بشكل أكثر فعاليه وذلك من خلال الاستثمار في أغلى وأقيم الاصول على الاطلاق— وأعني الناس ( أي الانسان).

وهذا يضعنا بما لا يضع مجالا للشك اننا مهما أعتدنا من برامج ومشاريع ضخمه للإستثمار مؤهلة للنجاح،وقمنا برصد آلاف المليارات من الجنيهات لنهضة ما ،فلم ولن يكون هناك نهضة محققة إلا إذا كان لدينا إنسان مستعد لذلك ومؤهل لتبعات التغير إلى الأفضل وللأسف هذا ما يغفله الكثير من المصريين بعد الثورة، فقد ترك لنا النظام القديم ميراث ثقيل يتمثل في دوله متهالكة مفككة لا ترى فيها ملمح من ملامح النجاح والتقدم بالاضافة إلى بقايا بشر-(من الناحية المعنوية  التي تؤثر على جاهزية الناس )لإحداث نهضة أو تطور ما.

لذلك إن كلمة السر في أي محاولة لنهضة مصر يكمن في بناء الانسان وإعادة تأهيله من جديد ليكون على أتم استعداد لإحداث نقلة معنوية في حياته تؤثر بالطبع في البيئة التي يعيش فيها. وبالتالي سيتحمل الصعاب خلال تنفيذ الأفكار والرؤى والبرامج الخاصية بتطوير البلاد.

والله والمستعان.

               

هامش

* إدوين إشاور:-  السفير الامريكي لدى اليابان في الفترة من 1961-1966

** كتاب "اليابانيون"

*** شيف كير:- مؤلف أمريكي وخبير تعليمي ومستشار اعمال (مؤلف كتاب يمكنك أن تفوز)