مرة أخرى.. دفاعا عن عودة البرلمان الحالي

بدر محمد بدر

[email protected]

أسعدتني آراء وتعليقات القراء على مقالي في هذه المساحة في الأسبوع الماضي، والذي أطالب فيه بعودة أنزه مجلس شعب تم انتخابه في تاريخ مصر، وهي تعليقات تثبت أننا بالفعل كشعب، نمتلك وعيا حقيقيا ورؤية واقعية وشعورا واضحا بالمسئولية الوطنية، رغم كل هذا الكم الهائل من التضليل والتزييف الذي يقوم به سياسيون وإعلاميون فاسدون.

وتلخصت ردود السادة القراء في استنكار كيف يمكن إهدار هذا البرلمان، الذي أكد الجميع أنه الأكثر نزاهة في تاريخ الوطن، والذي شارك في انتخابه أكثر من ثلاثين مليون مصري بدعوى أنه أهدر حقوق الأفراد المستقلين لحساب المنتمين إلى الأحزاب السياسية، أو بمعنى أدق أثر على فرص فوزهم، بينما يتم علاج ذلك بإهدار أصوات كل هذه الملايين من أبناء الشعب، والأدهى من ذلك تعطيل السلطة التشريعية، وهي أحد أهم أركان الدولة المعاصرة، بما يمثله ذلك من بقاء الأزمة.

وتعجب أحد القراء من إصرار البعض على إهالة التراب على مجلس شعب منتخب، يتولى السلطة التشريعية والرقابية، في الوقت الذي يصرخ فيه نفس هؤلاء الأشخاص، خوفا وقلقا من امتلاك السيد رئيس الجمهورية سلطة التشريع بسبب تعطيل عمل البرلمان، وفق المثل الذي يعبر عنه بيت الشعر: ألقاه في اليم مكتوفا وقال له: إياك إياك أن تبتل بالماء! فإذا كان البعض يرفض إعطاء السيد الرئيس صلاحيات التشريع، فلماذا يسعى هؤلاء إلى استمرار تعطيل المجلس؟!

وتساءل البعض أيضا: كيف يطالب رجال السياسة والإعلام السيد الرئيس بإنجاز الملفات الخمسة، التي أعلن عن إيجاد حلول لها في حملته الرئاسية، في المائة يوم الأولى، بينما هو لا يستطيع أن يعدل قانونا يمكن أن يساعد في حل المشكلات وإصلاح الخلل الموجود في الغابة التشريعية القائمة، ومنها مثلا: تعديل قانون الطوارئ بما يسمح بمواجهة أعمال البلطجة وقطع الطرق وخطف الناس والفساد وغيرها؟ كيف نطالبه بتوفير الأمن ونحن نرفض أن يتم ذلك من خلال القانون؟!

واتفقت ردود السادة القراء، وهذا شيئ رائع، على احترام أحكام القضاء المصري أيا كانت هذه الأحكام، وعلى ضرورة انتظار حكم المحكمة الإدارية العليا، المقرر يوم الإثنين الرابع والعشرين من سبتمبر الجاري، وهو حكم محكمة الموضوع في الدعوى المرفوعة بعدم الدستورية، وهو ما أشار إليه د سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب الحالي في تصريحه الأخير، والذي تعامل معه بعض المغرضين بمنطق "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة.." والتصريح يقرر أن الموضوع بيد القضاء.

لكن تعليق الدكتور محمد البرادعي في هذا الموضوع، الذي من المفترض أن يقدم لنا رؤية ديمقراطية صحيحة باعتباره ينتمي للمدرسة الليبرالية، كان ـ كعادته في رأيي ومن خلال متابعتي لمواقفه ـ شاذا وغريبا وصادما، عندما حذر المسئولين في السلطة من "مجرد التفكير" في عودة البرلمان الذي حلته الدستورية! بدعوى احترام الشرعية ودولة القانون، والسؤال هنا: هل لو حكم القضاء بصحة البرلمان الحالي أو بصحة عضوية الثلثين مثلا، فهذا لن يكون مقبولا لدى السيد البرادعي؟!

إن بعض قصار النظر من السياسيين والإعلاميين، من دعاة العلمانية واليسار ومدعي الليبرالية مع الأسف، يبذلون قصارى جهدهم من أجل هدف وحيد، هو إقصاء الإخوان المسلمين سياسيا واجتماعيا وثقافيا عن مواقع التأثير وصنع القرار، ومحاولة التشويش عليهم وتشويه صورتهم وإنجازاتهم وتحجيم دورهم بزعم "الأخونة"، رغم حضورهم الشعبي القوي والواسع والمؤثر، ويتوهمون أنهم بذلك يحسنون صنعا، وهذا الهدف بالطبع لن يجنوا من ورائه إلا الفشل، لأنه ضد طبيعة السياسة.