أخونة الدولة حقيقة أم وهم ؟

أخونة الدولة حقيقة أم وهم ؟

رأفت عبيد أبو سلمى

[email protected]

عجيب أمر هؤلاء الذين يخوِّفون الناس من الإخوان  ، وكأن  الإخوان كائنات غريبة  جاءت  من كوكب آخر غير الذي نعيش فيه ، ويهددون أمن المجتمع وسلامه واستقراره !!

 كلما تابعت بعض البرامج المتلفزة سواء في التليفزيون المصري أو في الفضائيات صدمتني عبارة " أخونة الدولة " التي  أطلقها بعض أنصاف السياسيين ممن لا وجود لهم في الشارع المصري ، ودخلوا إلى السياسة من أبوابها الخلفية ، وليس من بابها الأصيل الذي يحتكم في الأساس إلى شيئين :

الشيء الأول وهو الالتحام بالشارع من خلال التواجد الفعلي والحقيقي بين الناس في رعاية مصالحهم والقيام على بعض شئونهم ، ومعايشة الجماهير آلامها وآمالها ، وتخفيف المعاناة عنها بقدر الإمكان وفي حدود الظروف المتاحة..

وأما الشيء الثاني فهو صندوق الانتخابات الذي لا يجامل أحدا على حساب الحق والحقيقة ، وفي هذا الصندوق حصاد العمل والبذل والتضحية والذي هو نتيجة الالتحام الصادق والفاعل والمثمر مع الجماهير ..

وبفضل الله تعالى استطاع الإخوان أن يحققوا الشيء الأول وهو الالتحام بالشارع فتحقق لهم الشيء الثاني وهو نيل ثقة الجماهير من خلال الانتخابات النزيهة كنتيجة طبيعية لمقدمة عقلية لا يختلف عليها أحد ولا ينكرها إلا جاحد موتور..

وأما هذه العبارة الرنانة " أخونة الدولة " والتي يرددها أشباه السياسيين ومن أفلسوا وفشلوا في تحقيق  الالتحام  بالشارع  فلم  يتحقق  لهم الأمل المنشود في نيل ثقة الجماهير التي عاقبتهم بحجب أصواتها عنهم ، لتعطي أصواتها مختارة  للتيار الإسلامي بصفة عامة والإخوان بصفة خاصة..

والسؤال الذي يطرح نفسه : هل أخونة الدولة حقيقة أم وهم ؟

وهنا وقبل أن أجيب على هذا السؤال أود أن أطرح سؤالا آخر وهو :هل الأخونة مشروعة أم لا ؟

وأقول : إذا كان المقصود بالأخونة هو طرْح الإخوان لأفكارهم ومعالم  مشروع نهضتهم على المجتمع المصري ..فما هو الأمر الذي يُعَابُ على الإخوان في ذلك  ، وللشارع أن يتقبل هذه الأفكار وله أيضا أن يرفضها فيضرب بها وجوه الإخوان  !!

ومما لا شك فيه أن هناك موازين يستطيع المجتمع كله  أن يزن بها أفكار الإخوان قبولا ورفضا ، وأن يحكم عليها لا على النوايا والتي لا يعلمها إلا الله تعالى ..

إذن من حق الإخوان – كغيرهم - وكفصيل مصري أصيل جاء من صميم قلب المجتمع المصري أن يقدم رؤيته للإصلاح كما يراها ، وليس من حق أحد كائنا من كان أن يصادر على الإخوان بأي حال من الأحوال  في عرض هذه الرؤية  لأن هذا الأمر متعلق بالإيجاب من جهة وبالقبول أو الرفض من جهة أخرى ..

وإذا كان المقصود بالأخونة سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة من خلال الاستحواذ على أجهزة هذه الدولة بعد فوز مستحق في انتخابات برلمانية فاز فيها الإخوان بالأكثرية ، وانتخابات أخرى رئاسية وصل فيها الإخوان إلى سدة الحكم بنزاهة شهد بها العالم وأثنى عليها كل من تابعها وراقبها ..فهل يعد هذا تجاوزا من الإخوان وتعديا ً على قوى سياسية فقدت رشدها وصوابها بسبب إخفاقها المر وفشلها الذريع !!

ومن الطبيعي أن نسأل هؤلاء كيف ستحاسبون الإخوان – فيما بعد – على نتائج سياسات أنتم الذين تتدخلون في رسم ملامحها ووضع معالمها بتدخل سافر وهمجية منكرة وإصرار عجيب !!

ويأتي السؤال الآخر : إذا كانت الأخونة هي السيطرة على مفاصل الدولة من خلال الوزارات والهيئات والمؤسسات فما مدى مساهمة الإخوان فيها

وما مدى سيطرتهم عليها ؟

تطالعنا الإحصائيات فتقول لنا أن من بين خمس وثلاثين وزيرا يوجد خمسة فقط من وزراء  الإخوان ..وأن من بين سبع وعشرين محافظا يوجد من بينهم أربعة  إخوان فقط فأين الأخونة التي يدَّعونها إذن ؟!!

وإذا كان المقصود بالأخونة هو تحول المجتمع المصري بكليته وبجميع أطيافه إلى الانتظام في جماعة الإخوان المسلمين والإيمان بأفكار هذه الجماعة المباركة فإنه قطعا لم يحدث ذلك حتى الآن ،  بل ولربما  لا يحدث هذا على المدى البعيد  ..

ونعود إلى السؤال المطروح : هل أخونة الدولة حقيقة أم وهم ؟

ومن هذا العرض السابق نستطيع أن نقول للناس جميعا أن  أخونة الدولة كلمة مضحكة أطلقها الكارهون للإخوان شكلا وموضوعا في البرامج الحوارية التي ظهروا فيها كمجاهدين من وراء الكاميرات وفقط ،، وذلك لأن هؤلاء المتربصين ذهبتْ به نفوسهم المريضة و أهؤاؤهم السقيمة إلى التشكيك في كل شيء إيجابي  يتعلق بجماعة الإخوان ، وكما استخدم نظام المخلوع " فزاعة الإخوان"  أو "  الإخوان فوبيا " على مدى ثلاثين عاما لإقصائهم  ، فإن من يطلق مثل هذه العبارة  لعلى آثاره مقتدون ،، ونقول لهم : ذهب المخلوع ونظامه وبقي الإخوان ، كما ذهب عبد الناصر وزبانيته من قبل وبقي الإخوان ، وإن كل محاولاتكم لإقصاء الإخوان عن المشهد السياسي  ستبوء بالفشل لأن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، وسيبقى الإخوان بمشيئة الله تعالى رقما فاعلا و مؤثرا في المعادلة السياسية المصرية ما التزموا بقيم وأخلاق دينهم ،  وبقدر إخلاصهم في حب هذا الوطن العزيز ..

دعوكم أيها القوم من هذه الترَّهات ،  وضعوا أيدينا في أيديكم ، واتركوا الفرصة للإخوان كاملة في إدارة الدولة فإن وفقهم الله فعلى بركة الله ، وكان الخير لمصرنا الحبيبة ولشعبها العظيم  ، وإن أخفقوا فكما جاءت بهم صناديق الانتخابات فإن نفس هذه الصناديق ستقصيهم بالإرادة الشعبية التي لا تجامل أحدا على حساب الحق والحقيقة ..