المسلمون.. وظاهرة الإسلاموفوبيا

د. عامر البوسلامة

[email protected]

هجمة شرسة على الإسلام والمسلمين، تقودها قوى الشر، وتكتلات الظلام، ومحاور الشيطان، وتجمعات الإفلاس الحضاري، من الذين يعيشون عقد الماضي والحاضر، ويستشرفون المستقبل بروح الكراهية.

وأعجب ما في الأمر، أن هؤلاء الذين يبثون الكراهية، ويثيرون الأحقاد، ويمارسون هدم لغة الحوار، وينسفون مفهوم التعايش من جذوره، ويلغون مفردات الاحترام للآخرين من قاموس حياتهم، فيشتمون، ويسيؤون، ويسخرون، ويغمزون، ويلمزون، وينفخون في بالون الحقد، بكل لغات العالم، هم أكثر الناس اتهاماً للمسلمين، أنهم إقصائيون، ويثيرون الكراهية، ليصدق عليهم المثل: "رمتني بدائها وانسلت"، وفي الحديث الصحيح: "إذا لم تستحِي فاصنع ما شئت".

هذا الصنف من أشباه البشر، هم من يقود، حملات عنصرية، بكل حامل الكلمة من معنى؛ عنصرية العدوان الحضاري، عنصرية التعصب العرقي، عنصرية اللون، عنصرية الانتماء، عنصرية الجهل المطبق، عنصرية الفوضى والعبث، عنصرية التاريخ والجغرافيا، عنصرية التفوق الوهمي، عنصرية التميز السرابي، عنصرية الضياع والشرود، عنصرية اللسان، عنصرية المرجع.

هم كل هذا وأكثر، ورغم هذا يرمون الإسلام والمسلمين، بأقذع التهم، ويكيلون جملة من الافتراءات والأكاذيب عن الإسلام والمسلمين، على القرآن الكريم، كتاب الله وكلامه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من عزيز رحيم، وعلى نبينا المصطفى، سيد الأولين والآخرين، نبي رب العالمين، المبعوث رحمة للبشرية كلها، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إنه الخوف من الإسلام، وإن غلفوه بأغلفة الحرية، وحاولا تلوينه بألوان مائية أو زيتية، الخوف من الإسلام، دين العلم والعدل والحرية والكرامة والحقوق والقوة، دين الحضارة والرقي، دين التغلب على الشهوات حتى لا يرتكس المرء في حمأة الضياع والهلاك، دين نبذ كل ألوان العصبيات؛ "قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر".

وصفوا كتاب الله بالإرهاب، ورسموا نبينا ورسولنا – صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم – بصور غير لائقة بمقامه الشريف، ومكانته العظيمة، وكبير فضله عند الله عز وجل؛ "كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً".

وصفوا الإسلام بالتخلف، والبدائية، والعداوة للنساء، وأنه يحارب الثقافة، والحريات، ويتسم بالعنف والإرهاب، والوحشية، بينما أرسل الله نبينا ليكون رحمة للعالمين؛ "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وهو الذي علمنا حتى في عز الحرب، والاقتتال مع العدو، أخلاق السمو والرفعة، والتعاليم التي امتلأت بالإنسانية والرحمة؛ "لا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا امرأة، ولا شيخاً كبيراً، ولا تقتلوا راهباً في صومعته، ولا تقلعوا شجرة" الله أكبر! هذه تعاليم الرقي الحضاري، بشمولها الإنساني، الذي يحمل في طياته، كل معالم الفضيلة.

هذا الرهاب من الإسلام، إنما هو تعبير عن حقد دفين، وعصبية مقيتة، ويهدف من ضمن ما يهدف، إلى تقليص دور المؤسسات الإسلامية، وأثر ذلك على الحياة والمجتمع، في كل زمان ومكان، ليس في الغرب فحسب، كما يحلوا للبعض أن يصور ذلك، بل هي حرب شاملة، لكل مفاصل النبض الحياتي، حتى لا تكون للمسلمين صولة وجولة، بل حتى يبقى المسلمون ضعافاً، يستجدون المواقف، على أبواب صناع السياسة، ليمنوا عليهم بكسرة من رغيف موقف، أو قطعة من كعكة صفقة.

وفي خضم هذه الهجمة الشرسة، لا بد من وضع بعض النقاط، موضع المؤشر المنهجي، في عالم المواجهة والتصدي والتحدي، ومنها:

- الحذر كل الحذر، من معالجة الأمر بلغة العنف، أو بردود أفعال غير منضبطة، فهذا لا يجدي، بل يزيد الطين بلة، بالنظر إلى فقه النواتج والمآلات، وكذلك في فقه المقاصد.

- هذا لا يعني السكوت وترك الأمر، كلا، بل تجب المواجهة، بالحكمة، مع ضبط النفس، فرب تصرف غير صحيح، يؤدي إلى ما هو قبيح.       

- التعبير عن رفضنا لهذه الهجمات الظالمة، على ديننا ونبينا، بكل الوسائل المتاحة، من مثل المظاهرات، والوقفات الاحتجاجية، وصرخات الرد، ولا فتات الاستنكار، وشارات الغضب.

- ممارسة الضغط السياسي، بكل أشكاله وصوره، لمنع تكرار مثل هذه الجرائم التي ترتكب بحق دينا ونبينا.

- أسلوب الكتابة، من الأساليب النافعة والمفيدة في هذا الشأن، من مقالة إلى قصيدة إلى كتاب، إلى دراسة، إلى نشرة، إلى بحث، إلى تغريدة وخاطرة، ولا ننس "الفيسبوك" والتوتير، فوسائل التواصل هذه لها أكبر الأثر، في الذب والضغط، والرد والبيان، فهذا من الواجبات، والسكوت حرام.

- تحريك المؤسسات الأهلية، والمراكز البحثية، للقيام بواجبها تجاه هذه الهجمة.

- الإفادة من المؤسسات الرسمية، لخدمة ذات الغرض.

- التعاون مع أنصار التعايش، والإفادة منهم في مناصرة قضايانا.