هذا أوان التوافق الوطني من أجل مصر الحرة

هذا أوان التوافق الوطني

من أجل مصر الحرة

بدر محمد بدر

[email protected]

حقا.. هذا هو الشعب المصري العظيم، وهذا هو سلوكه الأخلاقي والإنساني والحضاري، وهذا هو وعيه السياسي الفطري الجميل في اختياره الحر، لأول رئيس جمهورية مصري منتخب، وهذه هي حماسته الوطنية الرائعة، التي تجلت في ذهابه إلى الصناديق يومي الأربعاء والخميس (23 و24 /5)، ليقف الجميع له احتراما وتقديرا.

لقد عشنا عرسا ديمقراطيا حقيقيا، أكدنا فيه ثقتنا بأنفسنا وتاريخنا ومستقبلنا، وتطلعنا فيه إلى إصلاح واقعنا وبناء غدنا المشرق، واخترنا فيه رئيسا من بين ثلاثة عشر مرشحا من كل الأطياف، قدموا أفكارا وبرامج ووعودا جيدة، وصوت فيه أكثر من ثلثي الشعب لصالح الثورة والمشروع الإسلامي وبناء النهضة، بينما صوت أغلبية الثلث الباقي من خلفيات عدة؛ وليس جميعهم من أزلام النظام الفاسد، أو من أصحاب المصالح، أو من الكارهين للثورة، أو ممن أدمنوا القهر والمذلة.

صعود الفريق أحمد شفيق إلى المرتبة الثانية، ودخوله جولة الإعادة، وضع الكثيرين في موقف صعب، فلأول مرة يكون لدينا مرشح، يمكن أن يصبح رئيسا، تعرض للرشق بالحجارة في أكثر من موقف، وهو أيضا معرض للعزل إن قضت المحكمة الدستورية بدستورية قانون العزل السياسي، وهو أيضا رئيس الوزراء الذي الذي حدثت في عهده موقعة الجمل، التي هددت بإنهاء الثورة، وهو أيضا الرجل المتهم في قضايا فساد منظورة أمام المحاكم، فماذا لو نجح رغم كل ذلك؟!    

في تقديري لو نجحنا في إزالة مخاوف كثير من الناس (خصوصا الثلث الخائف والقلق) من استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار، والتأكيد على بذل كل الجهود لاستعادة الأمن ومحاربة الجريمة في أسرع وقت، وإعادة عجلة الإنتاج إلى الانطلاق ومحاربة البطالة والفساد بقوة، والتأكيد على احترام القانون والدستور وبناء دولة المؤسسات، وفي هذه الحالة سوف تتغير أمور كثيرة لصالح مستقبل مصر الثورة، وهذا هو واجب القيادات الإسلامية والوطنية والثورية الآن.

ورسالتي الأولى إلى الزميل حمدين صباحي والأخ والصديق د. عبد المنعم أبو الفتوح وأنصارهما: لقد نجحتم في التأكيد على أن الشعب المصري الواعي قادر على الاختيار بين الماضي والمستقبل، بين الحرية والاستبداد، وحصدتم كل هذه الأصوات الغالية، التي تأمل في مستقبل أفضل لها ولأبنائها، وآن الأوان أن يصب ذلك كله في وحدة الصف ومصلحة الوطن، فسارعوا إلى الاتفاق على معالم المرحلة المقبلة مع مرشح الإخوان وسيذكر لكم التاريخ هذا الموقف الوطني الحر.

ورسالتي الثانية إلى قادة جماعة الإخوان: لقد أكرمكم الله بالحرية والأمان بعد سنوات عجاف، تحملتم فيها وأبناء دعوتكم ما لا يطيقه بشر، ومنح سبحانه دعوتكم هذه الفرصة الذهبية التاريخية، في ترسيخ الحرية والديمقراطية والعدالة، وبناء مشروع النهضة، وعليكم ان تثبتوا، لمن لا يعرفكم، أنكم الحضن الدافئ لكل القوى السياسية والثورية، وأن تفسحوا صدوركم لكل نقد أو نصيحة، وأن تتحملوا كل تجريح أو تطاول أو انتهازية أو جحود، ليخرج الوطن من هذه المحنة أكثر عافية.

ورسالتي الثالثة إلى شباب وفتيات ورجال ونساء الإخوان: لقد بذلتم ما تستطيعون من جهد وعرق في هذه الفترة القصيرة (أقل من شهر) لنصرة دعوتكم ومشروعكم ومرشحكم، وأتاح الله لكم فترة أو فرصة أخرى (باقي أسبوعان) كي تثبتوا ميدانيا أنكم قادرون على الوصول إلى جميع فئات المجتمع المصري، التي روعها الإعلام من مشروعكم الوطني، وأقلقها استمرار تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، وأعجزها ضعف الثقة في المستقبل، كي تصححوا الصورة.

إن مصر الحرة سوف تبقى شامخة، مهما تآمر المتآمرون، ودبر المجرمون.