لا مكان لدويلة طائفية في بلادنا

لا مكان لدويلة طائفية في بلادنا

عقاب يحيى

يكثر الحديث في بعض الأوساط عن وجود مشروع لإقامة دويلة طائفية في الساحل، قد تلجأ إليها الطغمة إذا ما انحشرت، وفقدت مواقعها الرئيسة ....

ـ بعض المقتنعين يرسمون خرائط وحدود لها تصل إلى ما بعد حمص، وأجزاء من حلب(على غرار خرائط المغالين من الأكراد)، ويدللون على ذلك بما يحكى عن تخزين السلاح بكميات كبيرة، ونوعيات ثقيلة واستراتيجية، ووجود أنفاق ومخازن تحت الأرض، وتفاصيل كثيرة يدعّمها أصحابها بما يشبه الكلام التوثيقي ..

ـ الصديق القديم، الباحث العمالي، واليساري/ عبد الله حنا/ يكتب بحثاً تصويراً، توثيقياً مطولاً عن تاريخ المواقف العلوية من موضوع الدولة العلوية، والكيان السوري، ويمر على الرسالة التي طالما جرى تداولها ونشرها واستثمارها التي وقعها عدد من الوجهاء العلويين عام 1936 الموجهة لفرنسا لطلب إقامة دولة علوية مستقلة، نافياً أن تكون معبرة عن حقيقة مواقف الوجهاء والزعامات وشيوخ العشائر العلوية، وأن الأسماء التي وقعت لا تتجاوز الستة، وهي لا تمثل جميع العلويين .. ويركز الباحث على عاملين متراكبين :

ـ الشعور بالاضطهاد الناجم عن فعل مركّب : طبقي ـ مذهبي مارسه الإقطاع الآخر على الفلاحين العلويين، مع تناول طبيعة الأرض الفلاحية الجبلية، وحالات الانعزال، وصعوبة قيام مصانع ومنشآت، محاولاً إبراز عامل الصراع الطبقي في المواقف، بينما ينمو شعور الاضطهاد في البيئة، والوعي، والخزين ويمكن أن يشكل بؤرة تجميع ضد الآخر بالجملة، لا تقتصر على جانبها الطبقي، ووإنما تعيد إنتاج مفاعيل الاضطهاد بطريقة تدفع لنوع من التكور، والحذر ضد الآخر، مع ما يلفح ذلك من نمو الحقد، والكره، وروحية الانتقام .

ـ إن التفكير بدويلة، أو دويلة علوية يبدو شطحة من شطحات التهويم، أو واحدة من وسائل التعبئة الطائفية عند من يروجها في الجانبين، ذلك أن مقومات هذه الدولة غير قائمة موضوعياً وذاتيا، ناهيك عن العامل الأهم : وجود قوى فعلية ترفضها داخل الطائفة، وهي القوى الوطنية التي تنتمي إلى الوطن السوري كياناً،ـ والعربي انتماء والتي يستحيل عليها أن تسلخ جلدها السوري ـ العربي لتحقيق بعض أحلام سرابية لدى زمر طائفية محاصرة من الشعب بفعل ممارساتها الإجرامية، وآيلة للشقوط كنتاج حتمي لما فعلته بسورية والشعب من عمليات إبادة ومجازر وتدمير .

ـ لقد داعبت الطاغية الأسد ـ الأب ـ أحلاماً إمبراطورية تقترب من حلم السوريين القوميين بسورية الكبرى، ورفع الابن شعارات الوالد القومية الملتبسة، ويصعب لذلك أن يُختزل ذلك النزوع إلى شيءي مقزم يصعب أن يكون قابلاً للحياة، وهو ـ نظام الطغمة ـ يراهن، وما يزال على سحق الثورة بالعنف والقتل، ليبقى حاكماً شبه أبدي لسورية، ولن يكون بمقدوره، حتى لو تفتقت بعض الذهنيت الطائفية المأزومة عن فكرة الدولة الفئوية، أن يجسدها لأن مآله معروف، وقادم ...ولن تتوقف الثورة إلا بسقوطه واشتلاع بناه ومرتكزاته، وتصفية آثاره ..