الأكثرية.. بحاجة إلى ضمانات من الأقليات

عبد الله خليل شبيب

عبد الله خليل شبيب

[email protected]

لقد عاشت الأقليات المتنوعة – في ظلال الدولة الإسلامية والعربية في أمان واطمئنان ..وقلما كان ينتقص لأحد من أفرادها حق أو يناله ضيم .. إلا في بعض الحالات  الشاذة أو التي كان العسف فيها يعم الجميع ..مسلمين وعربا وغيرهم ..في بعض نظم أو فترات فساد واستبداد !

.. والمتأمل في حال الأقليات في بلادنا – حاليا - ..يرى أن أوضاعها أفضل من أغلب الأكثرية في كثير من الأمور !.. فلو نظرنا للأقليات .. لوجدناها تملك قوى اقتصادية ومالية وسياسية وغيرها ..أضعاف نسبتها ..!ومع ذلك يطالب البعض بضمانات للأقليات !

..والحق أن الأغلبية [ المسحوقة غالبا ] هي التي يجب أن تطالب بالضمانات ..حتى لا تجور عليها الأقليات في حال سيطرتها ..كما رأينا ونرى عيانا في سيطرة الأقلية اليهودية في فلسطين ..وكيف كان اليهود يعيشون – خلال التاريخ الماضي كله – تحت ظلال الدول الإسلامية المتعاقبة – في أمان كامل ..بل إن الفتح الإسلامي للأندلس مثلا .جلب الفرج لليهود الذين كانوا يعانون من أوضاع سيئة ..وتحكم بعضهم في بعض العهود الإسلامية .. بتقلدهم وظائف كبرى ..وظلموا المسلمين كثيرا ..بالرغم من أن الخليفة عادة مسلم !.. وحين أُخرج المسلمون من الأندلس واضطهدوا ..نال ذلك الهيود أيضا ولم يجدوا لهم ملاذا إلا في كنف الدولة الإسلامية العثمانية .. فكافأوها بأن ظلوا يحفرون تحت أساساتها – ويتآمرون مع أعدائها ..حتى قوضوها !

واليهود يعرفون جيدا – ويعترفون ..بأنهم لم يعرفوا الأمن الحقيقي والحماية الكاملة إلا في ظل الدولة الإسلامية – منذ عهد النبوة ..حيث كتب النبي صلى الله عليه وسلم ..- عقب وصوله المدينة المنورة – كتب – أول دستور مخطوط في التاريخ - ( صحيفة المدينة ) التي ورد فيها بالحرف ( للمسلمين دينهم ..ولليهود دينهم ) ..نص فيها على حرية الدين والمساواة الكاملة في الحقوق ..وعلى حفظ العهود والاتفاقات والعلاقات ..والتعاون والتكافل بين الجميع واعتبر اليهود جزءاً من مجتمع الدولة الحديثة - ..,لكن اليهود نقضوا ..وغدروا تباعا ..وتهجمواعلى الإسلام والرسول والمسلمين ..وألبوا عليهم المشركين [ الأعداء] ..وتحالفوا معهم ..حتى عوقب كل منهم بما يستحق ويناسب ..!

.. وحين تغلبت الأقلية اليهودية على فلسطين – نتيجة مؤامرات معروفة مشهورة – لا زلنا نعيش آثارها ومظاهرها ..ماذا فعلوا ( بمجيري الأمس ) ؟!..لا نظن أحدا يجهل ماذا فعلت الأقلية اليهودية بالأكثرية العربية والإسلامية ..ولا زالت تفعل ..وتلاحق الفلسطينيين وتحرض عليهم في كل مكان وكل مناسبة !!.. والأكثرية – التي يحاول اليهود إبادتها وتشتيتها وتحويلها إلى أقلية ..تطالب بأدنى الحقوق ..والضمانات ..واليهود في طغيانهم يعمهون ويلجّون !!

.. وكذلك – ما زلنا نعيش ..في كابوس سيطرة الطائفة النصيرية – أو حتى جزء منها – على سوريا ..وكيف أذلت المسلمين ..ونكلت بهم ..وشتت مئات الآلاف ..وقتلت وهتكت وشردت ..وفعلت ما لا تفعله وحوش الغاب .. بالرغم من أنها – كغيرها من الطوائف – عاشت مئات السنين .. بين الأكثرية السنية – آمنة مطمنة ..نادرا ما يصيب أحدا منها ضيم ..- بالرغم من  تحالف بعضها وتعاونهم مع مختلف  قوى الغزو والاحتلال – عبر التاريخ !.. ضد الوطن وأغلبيته !  

 فهل فعل المسلمون ( الأغلبية ) 1% في النصيرية [العلويين ] مما يفعل بهم نظام شبيحة الأسد الآن ؟!

.. لو كان هؤلاء النصيرية  في الأندلس – وخصوصا مع سلوك مثل سلوكهم هذا- أو بعضه – ماذا كان يفعل بهم القوط – مثلا - إذا غلبوا عليهم ؟!.. هل كانوا يكتفون بمحاكم التفتيش التي ابتكروها لتعذيب [ الأغلبية ] وتفننوا في ابتداع صنوف العذاب والنكال ؟ّ

.. وصليبيو جنوب السودان.. لم يعجبهم أن يعيشوا مع الأكثرية المسلمة –متساوين في الحقوق والواجبات .. بل استجابوا للتحريضات الصهيونية والأمريكية والصليبية العالمية ..وقاموا بثورات ظالمة استنزفت الدولة السودانية .وأسهمت في تخلفها ..وتأزيم أوضاعها..حتى اضطرت إلى عقد [اتفاق نيفاشا ] الذي كان واضحا أنه سيؤول إلى الانفصال ..وها هي دولة الصليبية الصهيونية في جنوب السودان تمثل بؤرة توتر واستفزاز دائمة -وحربة [ مُدمية ] في خاصرته ..كما تمثل الدولة الصهيونية في قلب العالم العربي والإسلامي ..بسبب [ التسامح الأبله ..والمزمن والمدمن  للمسلمين – الأغلبية الطيبة - !!!!]

.. ولذا فلا بد للأغلبية المسلمة [ وخصوصا السنية – وينطبق الكلام على الأقلية الشيعية في العراق التي تآمرت مع إيران وأمريكا ..وشتت الأغلبية المسلمة السنية حتى حولتها إلى أقلية في وطنها ].. لابد لهذه إلأغلبية أن تطالب [ أقليات بلادها ..المنضوية تحت جناحها حاليا ] بضمانات ..ألاّ تسيء معاملة الأغلبية – إذا سيطرت وتمكنت [ كالعلويين [ النصيرات] في سورية واليهود في فلسطين !! .. في [ غفلة ؛ أو غدرة ..من الزمن ] !!!