عودة إلى الأقليات

عودة إلى الأقليات

من يطمئن من في سورية اليوم؟

د. محمد حكمت وليد

تشير تطورات القضية السورية إلى المنحنى الخطير الذي تتزلق إليه البلاد ، وأن بشار الأسد يعمل بكل صلف وغرور على جرِّ نفسه والبلد معه إلى الهاوية.

الرئيس السوري بعد زيارة نائب وزير الخارجية الصيني منذ أيام أن هناك من يستهدف تقسيم سورية ، كما يروي بعض المقربين منه قوله لمسؤول لبناني يوضح أن النظام لن يسقط حتى ولو تمَّ تقسيم سورية.

إذا أضفنا تصريحات بشار الأسد هذه إلى إصراره على الحل الأمني العسكري لعلمنا أنه ليس لديه مانع من الاستمرار في كرسي الرئاسة حتى ولو جلس فوق كومة من الخرائب والجماجم ، في بقعة قصية من بقاع سورية.

لم يفقد بشار الأسد عقله فقط وإنما فقد أخلاقه وآدميته ، وأجرى من دماء الرجال والنساء والأطفال ما جعل بينه وبين الشعب السوري حاجزاً إلى يوم الدين، ولو كان فيه بقية من عقل أو ضمير لتنحَّى وترك سورية غير مأسوف عليه.

وعليه رغم تواضع الإنجاز في مؤتمر أصدقاء سورية الأخير في تونس فإن الرسائل التي أرسلها للنظام كانت واضحة ... لا يمكن لبشار الأسد أن يستمر في حكم سورية حتى ولو وجد في الفيتو الروسي والتخاذل الغربي فسحة يستمر فيها بقاؤه إلى حين.

إن بشار الأسد زائل... وهو يسير في درب الطغاة الزائلين قبله طال المقام به أم قصر.

وإزاء هذا الواقع المر تنطلق الصيحات بين الفينة والأخرى مطالبة برسائل تطمين إلى الطوائف والأقليات بعد سقوط النظام خاصة الطائفة العلوية.

ولا يملك الإنسان إلا أن يتساءل وألسنة اللهيب وأعمدة الدخان تنطلق من مدافع الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري: من يحتاج في سورية إلى التطمين اليوم؟

لا شك أن أطفال القرى العلوية بحاجة إلى تطمينات بأنَّ الذبح لن يصل إلى قراهم بعد سقوط النظام ، ولكن أطفال بابا عمرو والخالدية والبياضة وإدلب وحماه وريف دمشق بحاجة إلى من يطمئنهم بأن الذبح اليومي لهم ولآبائهم وأمهاتهم سوف يتوقف أيضاً.

وسورية بحاجة إلى من يطمئنها أن عدد كبار الضباط العلويين في الجيش السوري الذي يبلغ ثمانمائة من أصل ألف ضابط هو نسبة غير عادلة ولا تمثِّل نسيج المجتمع السوري الحقيقي.

وسورية بحاجة إلى من يطمئنها أن الوضع لا يمكن أن يستمر مع رئيس يملك مع أقاربه المليارات في بلد يعيش أكثرية خمسين بالمائة من أبنائه تحت خط الفقر...

وسورية بحاجة إلى من يطمئنها أن هامش الحريَّة للمواطن السوري سوف يرتفع فوق سقف أحذية الجنود الذين كانوا يركلون وجوه المواطنين المقيَّدين بالأصفاد في البياضة .

إن الرئيس الحقيقي لا ينتصر على شعبه بالفيتو الروسي والصيني ، نصره الحقيقي يكون في صورة بلده والحفاظ على أرواح شعبه.

وإن أكبر تطمين للطائفة هو أن ينتفض عقلاؤها ومثقفوها، في وجه الديكتاتور السفَّاح الذي يجنِّدهم ويستغل فقرهم وحاجتهم لتقتيل إخوتهم في الوطن.

إنَّ سورية اليوم بحاجة إلى جماهير غفيرة أمثال وحيد حيدر ، ومنذر زاخوم ، وعارف دليلة، ومنذر ماخوس ،وحبيب عيسى ، وفدوى سليمان ...

 جماهير علوية غفيرة تقول للطاغية: ...لا .... كفاك قتلاً وتشريداً وتقتيلاً وتنكيلاً بإخوتنا في الوطن.

إن بشار الأسد زائل والطائفة باقية ، وسورية الحرية والعدل والقانون آتية فهل يطمئنا إخواتنا العلويون على وحدة سورية ، ومستقبل شبابها وأطفالها ونسائها، ومستقبل سهلها وجبلها وساحلها.