الجسد الديني في دمشق

بين الممانعة على الإصلاح

والاسترخاء في أحضان السفاح

د. حسام الشريف

تصر الفعاليات الدينية في دمشق على تجاهلها والتزام دور الصامت المتفرج الأخرس لمايمارسه نظام الدكتاتور بشار الأسد من قتل وسجن وتعذيب وتشريد وتنكيل بحق الشعب السوري الأعزل إلا من كرامته وعزته وانتفاضته في وجه الطغيان البعثي العبثي، ويغيب عن هؤلاء ماذكره الأزهر أنه ((تُعَدُّ مواجهة أيّ احتجاج وطني سِلميّ بالقوّة والعُنفِ المسلَّح، وإراقة دماء المواطنين المسالمين، نقضًا لميثاق الحكْم بين الأمّة وحكّامها، ويُسقِطُ شرعيّةَ السُّلطة، ويهدر حقَّها في الاستمرار بالتَّراضِي، فإذا تمادتِ السُّلطةُ في طُغيانها، وركبت مركب الظلم والبغي والعدوان واستهانت بإراقة دِماء المواطنينَ الأبرياء، حِفاظًا على بقائها غير المشروع - وعلى الرغم من إرادة شعوبها - أصبحت السلطة مدانة بجرائم تُلَوِّثُ صفحاتها، واصبح من حق الشعوب المقهورة أن تعمل على عزل الحكام المتسلطين وعلى محاسبتهم، بل تغيير النِّظام بأكمله، مهما كانت المعاذير من حرص على الاستقرار أو مواجهة الفِتَنِ والمؤامرات، فانتهاكُ حرمة الدَّم المعصوم هو الخطّ الفاصل بين شرعية الحكم وسقوطه في الإثم والعدوان. وعلى الجيوش المنظّمة – في أوطاننا كلِّها - في هذه الأحوال أن تلتزم بواجباتها الدّستورية في حماية الأوطان من الخارج، ولا تتحوّل إلى أدواتٍ للقمع وإرهاب المواطنين وسفك دمائهم؛ فإنه" مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا "{5/32))..

 ولم تسجل غالب الأسر الدينية المتوارثة للعلم في دمشق أي موقف يرتفع بها عن الرز والحلويات والمشويات ومعاشرة الفتيات وركوب السيارات الفارهة كما أن آل الفرفور( الذين عاشوا على أكتاف الدين وحولوا الدين إلى بقرة حلوب ) والبزم (الغبي الصامت الذي يعلن فقره إلى الله وغناؤه بآل الأسد ) وكفتارو( عائلة التسبيح والتمجيد بالاب والابن ) والنابلسي ( الجبان الواعظ الهارب والمتوراي عن الأنظار ) لم يفكروا بأسئلة بسيطة تلامس تدينهم وتعطي لمواقفهم الميزان الشرعي اللازم :

· ماشرعية حكم بشار الأسد لسورية ؟

· وهل جاء بشار إلى الحكم بخبرة وموافقة أهل الحل والعقد أم بتوافق الطائفة العلوية ودموية الأجهزة الأمنية ؟

· هل الفترة المنصرمة من حكم الاب وابنه تم الحفاظ على المجتمع السوري أم تم تأصيل مجتمع الكراهية والخوف والطائفية والمشاكل المؤجلة الحل ؟

· هل تحولت سورية إلى واحة من العلم والمعرفة والبناء والتنمية أم سرقت سورية بأكملها وتم تحويلها إلى خد يلطم كلما فكر الرأس وإلى جيب يسرق كلما سنحت الفرصة ؟

لاتحتاج الإجابة على هذه الاسئلة إلى تعمق وكد عقلي بمقدار ما تحتاج إلى وقفة شرعية وواقعية تعيد:

1- لدمشق دورها المسلوب والذي يحرص النظام المتهالك التأكيد على نفاق أهل دمشق – في عمومه –

2- ترسم صورة صحيحة لكم أنكم كنتم وقود الشعب السوري في تحرره الثاني من قيد السجان الداخلي الذي مارس كل أنواع التكيل بكم وبدينكم ولعب على اللحى وأنتم أخبر وأدرى من يعرف ذلك ؟!

 تصر الجماعات الدينية في دمشق على موقف المتفرج والتزام الصمت ريثما تفصح الأجواء عن انتصار إما إرادة الشعب بإذن الله تعالى أو غلبة القهر البعثي وترسانته الأمنية لاقدر الله والكل في داخله يقول (( كل من غلب فهو لنا الأب ))

كما نجد في الأجواء الدينية الدمشقية سيطرة العلف الصالح -الذي يستند إلى الدين ظاهرا وإلى فلسفة عميقة من الجبن وذل النفس وحرصها على الحياة- العلف الصالح المخدر للناس بحجة أن الفتنة لاتجوز وعلى المسلم أن يصبر على فرعنة بشار وأن يلتزم الصمت مدى الحياة والموت مقهورا خرسا...يقول الأزهر : (( عندما يرتفع صوت المعارضة الوطنية الشعبية والاحتجاج السِّلميّ، الذي هو حقٌّ أصيلٌ للشُعوب لتقويم الحكّام وترشيدهم، ثم لا يستجيب الحكّام لنداء شعوبهم، ولا يُبادرونَ بالإصلاحات المطلوبة، بل يُمْعِنونَ في تجاهل المطالب الوطنية المشروعة التى تنادى بالحرية والعدالة والإنصاف، فإن هؤلاء المعارضين الوطنين لا يُعَدُّون من قَبيل البُغاة أبَدًا، وإنّما البُغاة هم الّذين تحدَّدت أوصافُهم فِقهيًا بامتلاك الشَّوكة والانعزال عن الأمَّة، ورَفع الأسلحة في مواجهةمخالفيهم، والإفساد في الأرض بالقُوّة، أمّا الحركات الوطنية السِّلميّة المعارضة، فهي من صميم حقوق الإنسان في الإسلام التي أكّدتها سائر المواثيق الدّوليّة، بل هيواجب المواطنين لإصلاح مجتمعهم وتقويم حُكّامهم، والاستجابة لها واجبٌ على الحكّام وأهل السُّلطة، دونَ مُراوغةٍ أو عنادٍ)).

أي دين مثل دين حسون والفرفور والبزم والنابلسي والبوطي والشلل الدينية الأقرب إلى حفاري القبور وسارقي الاسلام من أهله ؟إن نفاقية هذه الجماعات والشلل الإسلامية سيعرضها للمحاسبة القادمة بوصفها تجليا طبيعيا لحقبة الاستبداد والفساد ،بينما يصر الحسون على نشازه والبوطي على غبائه يختفي تماما راتب النابلسي والبزم والفرفور وكفتارو يتعامون عن الشبيحة وعن الحقن الطائفي وعن التنكيل بالشعب السوري وعن ارتفاع الاسعار وقطع الكهرباء وفقدان المازوت وتدهور حالة المواطن السوري الاقتصادية كل هذا من أجل من يرى نفسه رئيسا أو لا أحد من بعده إلا الطوفان.يقول الأزهر ((وقد دَرَجَ كثيرٌ من الحكّام على تعزيز سلطتهم المطلقة مُتشبِّثينَ بفهم مبتور للآية القرآنية الكريمة: "و أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ "{4/59} متجاهلين سِيَاقَها الواضح الصريح في قوله تعالى قبل ذلك فى الآية التي تسبق هذه الآية مباشرة: " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ " {4/58} ممّا يجعل الإخلال بشروط أمانة الحكْم وعَدَم إقامة العدل فيه مُسَوِّغًا شرعيًّا لمطالبة الشعوب حكامهم بإقامة العدل، ومقاومة الظلم والاستبداد، ومن قال من فقهائنا بوجوب الصبر على المتغلب المستبد من الحكام حرصًا على سلامة الأمة من الفوضى والهرْج والمرْج – فقد أجاز في الوقت نفسه عزل المستبد الظالم إذا تحققت القدرة على ذلك وانتفى احتمال الضرر والإضرار بسلامة الأمة ومجتمعاتها ))

أيها الشيوخ:

 لاتكونوا مساكين أمام النظام المتهالك سكاكين تنحر رقاب الشعب السوري المنتفض من أجل كرامته هل غسلت عقولكم قناة الدنيا أم تعيشون ذل العبودية للأفرع الأمنية؟

 لما لاتقفون مع الأزهر المبارك وبيانه الذي أكد فيه على حق الشعب في التعبير عن كرامته وحريته ومماجاءفيه (( إن علماء الأزهر وقادة الفكر والثقافة يُعلنونَ مناصرتهم التّامة لإرادة الشعوب العربية في التجديد والاصلاح ومجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية والتي انتصرت في تونس ومصر وليبيا، ولا تزال محتدمة في اليمن، ويدينون آلات القمع الوحشية التي تُحاول إطفاء جذوتها، ويَهيبونَ بالمجتمع العربي والإسلامي أن يتّخذ مبادرات حاسمةً وفعّالة لتأمين نجاحها بأقلِّ قَدْرٍ من الخسائر، تأكيدًا لحقِّ الشُعوب المطلق في اختيار الحُكّام، وواجبِها في تقويمهم مَنعًا للطُّغيان والفساد والاستغلال، فشرعيّةُ أيّة سُلطةٍ مرهونةٌ بإرادة الشّعب، وحقّ المعارضة الوطنيّة السّلمية غير المسلحة مكفولٌ في التّشريع الإسلامي في وجوب رفع الضّرَر، فضلاً عن كونه من صميم حقوق الإنسان في المواثيق الدّولية جميعًا.

أيها المشايخ :

الوقت لم يفت للمراجعة ويد واحدة لاتصفق والشعب السوري برمته ينتظر عودة علماء دمشق إلى كرامة حبنكة والرفاعي وراجح وخطاب والخطيب و...وثقوا أيها العلماء أن القسوة التي بدت مني في خطابكم وتفلت بعض عبارات التجريح الواضح مفسر بأن المقهور قد تند منه عبارات جارحة وان الشعب يعول عليكم فلاتكون شركاء لقتلة الابرياء .

 الصحوة الصحوة ياعلماء دمشق لاتكن مجالسكم مجالس تفكه وليست مجالس تفقه لاتكونا مشالح لبشار وإنما كونوا مشايخ للقرآن حتى تدونوا إسمكم في قائمة علماء صنعوا الاستقلال والاستقرار وأعادوا للدين كرامته وللشعب حريته فأنتم تلاميذ محمد ((ودين محمد كلو عزة)) .

ارفضوا أن تكونوا دراويش الدين ومساكينه أو سكاكين تذبح الشعب بصمتها وقفوا مع العشب فالله يحمي الشعب وثورته ولاتكون عشبا شيطانيا يطؤه حذاء بشار لأن بشار ماض إلى مزابل التاريخ فلاتشاركوه هذا المصير كما شارك بذلك البوطي وحسون وحبش وثلة من المنافقين ولتكن لكم ياعلماء دمشق وقفة عزة فموقف دمشق هو الحاسم والحازم ضد النظام المتهاوي (والعاقبة للمتقين ).