لكم شيعتكم.... ولنا شيعتنا

د. عبد الرحمن المحمود

د. عبد الرحمن محمود المحمود

 مدير مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي لدراسة الحضارة العربية والاسلامية

 لم أكن أعرف الفرق بين المدهب الشيعي والمدهب السني الا عندما أعادت لنا طفلة جيراننا الشيعة صاع الرز زكاة الفطر التي حملتها اليهم وأنا طفل صغير لا أعي من أمور الدنيا شيئا فكيف بأمور الدين !! فما كان من والدتي الا أن أخبرت والدي رحمهما الله تعالى وكان تعليق والدي الوحيد : انهم على حق !ء 

 لم تجادل الوالدة رحمها الله تعالى , فليس من طبع نساء دلك الزمان أن يجادلن في مثل تلك الأمور 

 نشأت في حي (فريج) أم غويلينة أمنا الرؤم التي احتضنتنا صغارا ونسيناها كهولا ( على المستوى الشخصي لم أنس فريجي القديم فقد وضعت عنه كتابا لازلت أتلكأفي طبعه تلكأ المنتظر بمن يزودني بدكريات رجاله لكي أضيفها اليه ولكن يبدو أنه انتظار عودة السيد المسيح عليه السلام الى الأرض !) . كان حينا العريق يضم خليطا من عائلات قطرية متجانسة في كل شيء , المستوى المعيشي والثقافي والمهني والتعليمي الخ , وكان منهم عائلات عربية عريقة تعتنق المدهب الشيعي , ولكن رغم دلك لم ألحظ أي فرق بيننا وبينهم , علاقات حميمة متبادلة , وعادات متطابقة , ولم أسمع بمصطلحات مثل النواصب والروافض الا بعد مغادرتي قطر للدراسة الجامعية . سألت : ومادا يعني النواصب ؟! قال محدثي : الدين ناصبوا أهل بيت رسول الله العداء ! لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ! ومن هم هؤلاء قبحهم الله ؟! قال : انهم السنة !! انا لله وانا اليه راجعون !! كيف وأنا من السنة ولم أسمع أحدا لا من عائلتي ولا من العائلات السنية الأخرى ناصب أحدا قط العداء ؟!... ومن هم الروافض ؟ قال : هدا لقب يطلقه السنة على الشيعة !! كيف وأنا أسمع به لأول مرة ؟!ء

 قامت الثورة الايرانية لأسباب داخلية بحتة وان كان لها في بعض بلاد العرب نظيرولكن بلا منظر ! شارك في الثورة أطياف مختلفة من أقصى اليمين السياسي الى أقصى اليسار , ولكن نظرا لالتفاف الناس حول بعض الفقهاء لمكانتهم الدينية , فقد تولى قيادة الثورة في الداخل أمثال شريعة مداري وطالقاني , أما من الخارج فقد كان مرشدها الروحي هو الخميني المقيم في دلك الوقت في العراق ومن ثم فرنسا 

 استبشرت الجماهير العربية (السنية) خيرا بانتصار الثورة الايرانية خاصة التيارات الاسلامية في معظم الدول العربية والاسلامية الى درجة أن العديد من العائلات السنية أطلقت على أولادها اسم الخميني تيمنا به , وانتظر مسلمو العالم أن يتولى الخميني القيادة الروحية لمسلمي العالم بتسامحه مع أصحاب المداهب الأخرى كالسنةمثلا وترفعه عن صغائر الخلافات الفقهية , ولكنه انحاز الى مدهبه !ء 

 لم يكتف نظام الخميني الثوري الجديد بتلك القطيعة , بل عمل على تصدير مدهبه للدول الاسلامية الأخرى من خلال شعارات تصدير الثورة التي نادى بها مسئولين كبار في حكومته والهدف هو ليس نشر المدهب الجعفري , بل استغلال المدهب لبسط الهيمنة القومية الايرانية على سائر الشعوب ! والا فالمدهب الشيعي عربي المنشأ والتكوين ومرجعيته كان ينبغي لها أن تكون في موقع نشأته العراق لا قم !ء

 مند دلك الحين والحكومات الايرانية المتعاقبة من خلال مباركة المرشدالايراني الراحل والحالي وهي تعمل بكل ما في وسعها على بسط هيمنتها على دول العالم من خلال تبني مشاريع الأقليات الشيعية فيها , وان لم يكن فيها تأسسها من الصفر سواء من خلال الدعوة المكثفة وسط المسلمين السنة وغيرهم , أومن خلال تأسيس مؤسسات ثقافية وتجارية وغيرها 

 شيعتنا في قطر عرب أقحاح , انتماؤهم لقبائلهم العربية العريقة , ولاؤهم لوطنهم , عشت معهم نيف ونصف قرن لم أسمع منهم سبا ولا قدفا في أحد كما يفعل جهلاء وحاقدي شيعة البدع الدين نشأوا على عداوات وأحقاد تخص بيئتهم وظروفهم وعقلياتهم ونفسياتهم ولا شأن لشيعتنا بها 

 لقد امتهنت العائلات الشيعية العربية مهنا كان لها دور عظيم في ركب الحضارة مثل القلافة أي صناعة السفن , والحدادة والصياغة والفلاحة والزراعة وغيرها , وهي مهن فنية تتطلب مهارات عقلية ويدوية فائقة , كما أنهم برعوا في الصيرفة والأعمال المالية الأخرى لدا فارتباطهم بوطنهم وبيئتهم أعظم وأكبر من أن تؤثر عليه عوامل خارجية مؤدية وهم أكثر وعيا ووطنية من أن تؤثر فيهم تلك العوامل الخارجية الغريبة عنهم 

خلاصة القول خدوا شيعتكم ودعوا لنا شيعتنا فهم أقرب لنا منكم