كلمة إلى المجلس الوطني السوري

بدر الدين حسن قربي

كلمة إلى المجلس الوطني السوري

بدر الدين حسن قربي /سوريا

[email protected]

دخلت منذ أيام الثورة الشعبية السورية شهرها الثامن مستمرة في تظاهراتها السلمية المطالبة بسقوط النظام ورحليه.  وهي في الوقت نفسه تواجه ممارسات فاشية من طراز خاص ومتوحشه تجاوزت الآلاف قتلاً، وعشرات الآلاف تعذيباً واعتقالاً لم تتوقف على امتداد الشهور السابقة.  

مايلفتنا أن مايفعله النظام السوري بشعبه الأبيّ بحجة إحباط المؤامرة ودحض المتآمرين، هو دعوة سافرة للتدخل الأجنبي بصورة من الصور، يتحمل كامل مسؤوليتها، لأن المجتمع الدولي الذي يُتكلم عن ازدواجيته وتآمره ومؤامراته، لن يقف مكتوف الأيدي في النهاية ولن يسكت عن أعمال إجرامية لا إنسانية عمّت البلاد والعباد في ظل تعتيمٍ وتضليل، ومنعٍ لكل وسائل الإعلام حتى الحليفة منها.  فالنظام يعتبر فظائع جرائمة شأناً داخلياً لاعلاقة للخارج فيه، بل ويفترض أي تدخل هو من قبيل المؤامرة، ويعينه على ذلك موالون وأنصار يقومون بدور قميء من محاولة غسيلٍ لممارساته القامعة الباطشة والظالمة، والتصفيق لها دعماً وتأييداً بعذر المقاومة والممانعة حيناً، ومواجهة المؤامرات الصهيوأمريكية وأولويات المعركة مع أعداء الأمة أحياناً أخرى، فينظّرون ويحلّلُون ويحرّمون، ويظهرون ويثبتون، فإذا هم يخلطون حابل الوطن وقدسه، ومنظومة قيم الحرية والكرامة فيه بنابل القامعين والنهابين والعتاولة المجرمين.

ومايلفتنا أيضاً، وطنية المعارضة التي كانت مسألة التدخل الأجنبي عندها أمراً مرفوضاً من الأيام الأولى للتظاهر والاحتجاج، وإنما مع الممارسات المتوحشة للنظام وإيغاله في القتل في الشهور السبعة الماضية، بدأت تعلو أصوات فيها تطالب بوضع حد لهذه الممارسات التي يظن النظام ومعه حلفاؤه أن فيها حلّاً لمعضلته وانتهاء أجله مع شعب ينادي بإسقاطه ورحليه.  ولأننا مع هذا الرأي جملةً وتفصيلاً لتفهمنا المخاطر والعواقب، فإننا كنّا على الدوام ندعو الحريصين على سوريا الوطن والأرض والشعب أن يقنعوا النظام الذي يظن أن لن يقدر عليه أحد بالتوقف عن مواصلة حلوله ومواجهاته الأمنية والدموية لأنها من مسبّبات التدخل الخارجي والأعذار المبررة له فيما لو كانت.

وعليه، فلئن كان آخر الدواء الكي مع حالة استحال فيها إقناع النظام بالتوقف عن القتل وجرائم الإبادة ، ولئن كان قدر السوريين أيضاً مواجهة النظام الأقبح في العالم فساداً واستبداداً، ، فما على أصحاب هذا الرأي لو تبعوا نظامهم ولو لمرة واحدة فيما يدعو إليه حقيقة من تدخل دولي باستمرار آلة القتل وتواصل سفك الدماء وببلاهة أيضاً.

إن فيما يبدو ومما وصلت إليه الأمور أن لابدّ مما ليس منه بد، بأن يكون للمعارضة ممثلةً بالمجلس الوطني السوري قرارها وحركتها وإنذارها لإيقاف الذبح اليومي في الشوارع والساحات ومحاسبة الجزّار وربط ذلك بتوقيت محدّد ومعلوم، ترفع بعده نداء الاستغاثة والإنقاذ بالمطالبة بالتدخل العربي والإسلامي والدولي المباشر، وليحمل كل منهم، من كان بأجندة أو غير أجندة، مسؤوليته أمام نظام لم يتوقف يوماً عن قتل مواطنيه بمبررات واهية ومزعومة.

إن الفشل في إقناع النظام السوري بالتوقف عن القتل، وتأكد إجرامه المتجذّر فيما هو فاعل كل يوم، وأن لاطريقة لإيقاف توحشه من قبل متظاهرين سلميين إلا بعون خارجي من المجتمع الدولي، فليكن الطلب الصريح، ولتكن الاستعانة الواضحة ولو في حدها الأدنى ابتداءً بتواجد منظمات المجتمع المدني الدولية وحقوق الإنسان، والحضور الإعلامي الدولي بما يسمح بنقل حقيقة مايحصل في الداخل السوري إلى العالم مع حظر الطيران العسكري كاملاً، وإنما نذكّر السوريين على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم ألا ينسوا طلب اللعنة لقاتلٍ وقامع ومستذلّ ومستعبدٍ لم يترك لهم وسيلة للخلاص منه والتخلص إلا بطلب التدخل الخارجي، الذي فرضه عليهم فرضاً باستمراء قتلهم وسفك دمائهم وقتل أطفالهم ونسائهم والرقص عليها بقوة سلاحه ودباباته وطائراته وشبيحته.