الفرس.. وتجسيد الرسول

( صلى الله عليه وسلم )

في [ معركة ضروس ]  لتشويه الإسلام ..و,شخصياته المثالية القدوة

وبعد التجرؤ الفارسي على تجسيد شخصيات الأنبياء وكبار الصحابة وتشويه سيرهم

هل تتجرأ إيران على ضربة الهدم الأخيرة   

بتجسيد شخصية الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) على الشاشة ؟!

هاني البدري

ما تزال حرب ضروس تدور رحاها الآن على شاشات التلفزيون العربية. ويبدو أن رمضان الحالي سيكون  منطلقاً لمعركة أخرى وجدت ضالتها في التعبير عن خلافات الدين والسياسة بين طهران وعموم العرب والمسلمين.

إيران، ومن موقعها الديني والسياسي في المنطقة، وجدت من الشاشة آفاقا واسعة للتنفيس عن أزماتها الداخلية وعزلتها الدولية، فقررت أن تخرج علينا في كل مناسبة بإنتاج تلفزيوني جديد يحمل، ولأول مرة، صوراً حية وتجسيداً كاملا لأنبياء الله، بما يَفُضُ علناً وبفظاظةٍ غير مسبوقة جدران الثوابت الدينية واحترام قدسية الشخصيات المُجسدة، بدءاً من السيد المسيح عليه السلام ثم السيدة مريم، تبعهما بابتذال مسلسل يوسف الصديق الذي لم يبق على واحد من أنبياء الله في تلك الفترة التاريخية ألا وكان واحداً من شُخوص حية تعيش وتتحرك وتقول وتتلعثم، فتفتح الآفاق الرحبة لخيال المشاهد من دون أدنى احترام لجلال هذه القامات.

ما نزال هنا في خانة الخلاف بين إمكانية ظهور شخصيات ورموز دينية في أعمال تلفزيونية وسينمائية أو عدمها. ولم نقترب بعد من شبهة الفتنة المذهبية والطائفية القابعة وراء هذه الإنتاجات حتماً، كما أراد الواقفون وراء هذه الأعمال الدرامية بتكليف رسمي إيراني، حين تعمدوا ضخ الإساءات بالجملة لصحابةٍ بأعينهم، كما حدث في مسلسل "مختار نامة" (أو رسالة المختار) الذي يبثه التفزيون الرسمي الإيراني بالفارسية.

لم تأبه الجهات الحكومية الإيرانية للجدل الذي فجره المسلسل وقتها ولفتاوى أهل السنة في إيران بتحريم مشاهدة المسلسل. ولعلنا نشاهده قريباً مدبلجاً باللغة العربية على إحدى شاشاتنا العربية كما شاهدنا غيره بفضل استديوهات حزب الله للترجمة والدوبلاج!

وبعد أن سجلت مسلسلات إيران حول السيد المسيح والنبي يوسف والسيدة مريم والنبي أيوب أعلى نسب مشاهدة جماهيرية عربية، وهو أمر مفهوم بسبب إقبال المشاهد العربي بشغف على مشاهدة صور حية "ملفقة" لأنبياء الله، قرر صناع الدراما الفارسية أن يُطلقوا أكبر حملة ليُعَرفونا عن كثب على يونس ونوح وإبراهيم وولده إسماعيل. وقد تم بالفعل التنسيق مع الأشقاء في سورية ليحملوا عنهم مهمة الدوبلاج للعربية! وأطلقت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي باسم روابط محبي مسلسلات الأنبياء الإيرانية.

وسط الجدل الدائر الذي احتدم بعد إنتاج مسلسل الحسن والحسين الذي تعرضه قنوات عربية في شهر رمضان، والذي حاز على أذونات وفتاوى من بعض المراجع الإسلامية لبثه، وقوبل أيضاً بوابلٍ من بيانات الرفض من مراجع إسلامية أُخرى.. خرجت علينا جهاتٌ إيرانية كانت تعد العدة مسبقاً على ما يبدو، لتقول: انتظروا رمضان القادم لتشاهدوا الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) مُجسداً عبر شخصية درامية حية، تدب فيها الروح وتحمل ما تحمل من مضامين الدس وسموم الدراما التي تخترق عروق المشاهد، وتؤسس لمرحلة لا عصمة فيها لسيد الخلق ولا قدسية لرسالته ومكانته.

لكن ما الذي استفز الإيرانيين في مسلسل الحسن والحسين وهم أنفسهم لم يتورعوا عن تشخيص الحسن والحسين، وحتى عَلي- كَرّم الله وجهه- في تقليد شعبي يُحيي به الإيرانيون في عاشوراء ذكرى مقتل الحسين وروايات أخرى في التاريخ الإسلامي، عبر مسرحيات شعبية يسمونها هم "التشابيه" ويُمعنون فيها تشويهاً ومساساً برموز وشخصيات السنّة؟ ثم لماذا استنفر الإيرانيون غضباً من إنتاج عربي حول حقبة تاريخية تعرضت لسيرة رموز وشخصيات عظيمة عاشت تلك الحقبة وصنعت مراحلها، وقد فعلوا أكثر من ذلك؟ إنها كما يقول أشقاؤنا في لبنان "القلوب المليانة" بخلافات السياسة أُلبست لبوس الدين.

حرب الدراما التاريخية بين إيران والعالم العربي والإسلامي ما تزال مُرشحةً للتأجيج بما تحمل من ضرر على عقلية المشاهد العربي الذي بات يتعامل مع مسلسلات تُجسد شخصيات ورموز دينية عظيمة بعقلية من يتابع "حدوتة" تلفزيونية تحمل من الأوجاع والأفراح والأخطاء والخطايا والنجاحات والإخفاقات لشخصيات يثيرُ الغوص في تاريخها وبداياتها شهية المشاهد فيغُوص بها.

 ( عن جريدة الغد الأردنية ) ... ( مع تصرف في صياغة العنوان )