سورية في القرن الحادي والعشرين

رواندا والبوسنة في التسعينات

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

إن مايجري الآن في سورية قد يقترب في تنفيذه على الأرض ويتشابه مع أحداث رواند , والصراع في رواندا له جذور قد   تختلف في الشكل والمضمون عن الصراع في سورية , فالصراع في سورية هو من طرف واحد ضد شعب أعزل

التركيبة السكانية تتكون  من قبيلتين الهوتو ذات الأغلبية السكانية وتشكل 85% والتوتسي 14% والتوا 1% التوتسي هي التي تحكم رواندا مع وجود التجانس الديني والتزاوج بين القبيلتين وهذا لم يمنع من الإقتتال بين القبيلتين , فاستغلت قبيلة التوتسي الجيش ضد الهوتو وكان إثر اغتيال الرئيس جوفينال هابيريمانا عام 1994 وكان نتيجة تلك الحرب مقتل 500 -800ألف شخص من الهوتو في أيام قليلة وانتهت الحرب بعد ذلك بالتوافق وتشكيل حكومة وبتدخل مباشر من الأمم المتحدة

في البوسنة والهرسك , وكرد مباشر على نتيجة الإنتخابات في عام 1992 والتي جرت فيها من أجل الإستقلال عن صربيا , لم يعجب الصرب  فشنوا حرباً طائفية تطهيرية ضد مسلمي البوسنة ليذهب ضحيتها مئات الآلاف من البوسنيين في مذابح كلنا شاهدناها وعشناها , وانتهت بتدخل الأمم المتحدة واسقاط حكومة الصرب من قبل حلف الناتو

وفي سورية الجريحة وبمقارنة ماحدث ويحدث فيها من مذابح وترويع وقتل منذاستلام البعث وحتى الآن , وبمقارنة هذه الأحداث بما جرى في رواندا وماجرى في البوسنة والهرسك  ونقطة التلاقي بين محاور المثلث والتشابه بين الأحداث نجد في سورية الأحداث الحالية تقترب جداً من أحداث رواندا , وكذلك تتشابه مع أحداث البوسنة والهرسك

التركيبة السكانية من حيث الإنتماء الطائفي :

فيها حوالي 75% من الطائفة السنية و12% من الطائفة النصيرية(العلوية ) والباقي من طوائف أخرى

الطائفة العلوية تحكم سورية منذ أربعين سنة عندما استلم حافظ الأسد الحكم عام 1971 وكانت أحداث الثمانينات بين السلطة وبين حركة الأخوان المسلمين نتيجة مباشرة للتمييز الطائفي في سورية مابين أقلية مهيمنة وبين أكثرية مهمشة

وذهب ضحية هذه الأحداث بين مشرد ومعتقل ومفقود ومعدوم مئات الآلاف من الطائفة السنية فقط , وعدد قليل لايقارن من الطوائف الأخرى

وبعد تلك الأحداث وسيطرة الدولة على مجريات الأمور وانتصر النظام انتصاراً ساحقا على شعبه , وبقيت سيطرة الأقلية على مجريات الأمور قي سورية والدولة هي دولة أمنية مطلقة موجههة لكبت الطائفة السنية , ولم يتم التوصل لأي تسوية بين الفريقين وبقيت قضية السوريين منسية وغطى عليها الزمن ولم يهتم فيها لاالعالم المتحضر ولا المتخلف

وجاءت الثورات العربية ونهض الشعب السوري ضد النظام القائم والمهمش لأغلبية الشعب السوري , وتحول في زمن بشار الأسد لنظام عصابات أسرية تغيب فيه القيادة السياسية وترك الأمر لهذه العصابات مع الإستعانة بحزب الله في لبنان وكذلك بطهران ذوي التناغم الطائفي

مع أن المظاهرات الحالية والثورة السورية لاتحمل أي منحى طائفي أو عرقي  , وتنادي بالحرية والمساوات بين جميع مكونات الوطن السوري , لكن النظام وجد نفسه ضعيفاً امام هذا التحرك الجماهيري الواسع والذي يضم في أطيافه كل المتضررين من الحكم العائلي الفردي المستبد , حاول بشتى الوسائل جر المجتمع لصراع طائفي بغيض , واعتمد في جرائمه على الطائفة التي ينتمي إلبيها فكان الإتجاه , القاتل علوي والمقتول سني , من الجيش والأمن والذين رفضوا القتل , فالمعتقل سني والمذل سني وحتى عندما قتل بعض الأشخاص الأحرار من طائفته لصقها بعصابات سنية سلفية لزيادة الخوف عند طائفته وفي نفس الوقت تخويف الطائفة وحتى من المعارضين لهذا النظام , وركز على تسليحهم وتحضيرهم لحرب أهلية طائفية ومشاركة أبناءهم في الجرائم  التي تتم أو تمت

سؤالي هنا للعقلاء من الطائفة العلوية :

لماذا هذا القتل والذي يتم من قبلكم على إخوانكم في الوطن , ولغتكم واحدة وأرضكم مشتركة وحياة مشتركة ممتدة عبر تاريخ سورية ؟

لماذا تزرعون الحقد في نفوس الغير تجاهكم وتجاه أبنائكم فالحياة متغيرة والقيادات والحكام زائلون والباقي هو الشعب , فهل يكون تصرفكم هذا ودعمكم لهؤلاء المجرمين سيكون خيراً لكم في الحاضر والمستقبل , أم سيكون عكس ذلك؟

هي دعوة لكم لكي تكونوا شركاء في الوطن الحر والنظام الديمقراطي القادم , فذرع الخير يقابله خير , حتماً وزرع الشر لن يكون حصاده إلا شراً كبيراً وعندها لاينفع الندم

تعالوا مع شعبكم وإخوانكم ضد هذه العائلة والتي ضمت من يساندها للبقاء شرار سورية من سنة وعلويين ومسيحيين ودروز

فوحدتنا مع بعض ومن جميع الخيريين والأحرار في الوطن يمكننا من إنهاء الصراع لصالح الجميع , وإن لم نفعل فالمخطط واضح سيستمر القتل والتشريد والإعتقال ويتدفق اللاجئون للبلاد المجاورة وعندها سوف تتحول سورية ليوغسلافيا سابقاً ورواندا أيضا والعراق حاليا

ولن نستطيع عندها الوقوف ضد أي تدخل أجنبي  للقضاء على النظام المستبد , حيث مازلنا نراهن على قدرة شعبنا ووحدته لكافة أطيافه في التغيير والوصول لسورية الحديثة ودون تفريق بين مواطنيها في الحقوق والواجبات والكفاءات.