سورية والرقص على الأجساد

محمد علي الهرفي

ما يحدث في سورية أنطق العجم لكنه لم يستطع حتى الآن أن ينطق العرب، فالأحداث السورية تسير من سيئ إلى أسوأ؛ فالقتلى تزداد أعدادهم يوميا، والسجون تمتلئ بنزلاء جدد كل يوم، كما أن تلك الأحداث دفعت بآلاف السوريين إلى اللجوء إلى تركيا هربا من الموت الذي يلاحقهم في كل مكان.هذه الأحداث حركت مجموعة من الدول الأوروبية وأميركا فقالت كلمتها في تلك الجرائم التي رآها الجميع ما عدا الحكومة السورية وأنصارها، الأمين العام للأمم المتحدة حذر الحكومة السورية من مغبة تلك الجرائم، وحاول أمينها العام أن يتصل بالرئيس الأسد ـ ربما لينصحه ـ لكن الأسد رفض الرد عليه ربما لأنه يعرف أنه ليس لديه ما يقوله مما يمكن تصديقه. ما يحدث في سورية في غاية الغرابة وأحيانا يرى الإنسان ما يصعب استيعابه، جنود يقفون فوق أجساد أبناء بلدهم، ثم يرقصون فوق هذه الأجساد بفرح وحبور، جثث الأطفال المشوهة، وجثث النساء والشيوخ تملأ الشوارع وبدون خجل أو حياء من قاتليهم.

كذب أتباع السلطة لافت للنظر، فالمقتولون في كل أنحاء سورية هم عصابات مسلحة، وهم الذين يقتلون المواطنين والجنود على حد سواء والمؤكد أن أحدا منهم لم يسأل نفسه: لماذا لا تظهر هذه الجماعات إلا عندما يظهر الجيش، ثم كيف استطاعت هذه الجماعات إدخال كميات كبيرة من الأسلحة وفي كل محافظات سورية دون أن تنتبه الحكومة البوليسية التي تحصي على المواطن أنفاسه؟ وزير الخارجية السيد «وليد المعلم» يحذر الأمم المتحدة من مغبة اتخاذ أي قرار ضدها لأنه سيساعد المتطرفين على المضي في جرائمهم، كما أنه انتهاك للشأن السوري الداخلي لاسيما أن سورية ـ كما قال ـ تسير في منهج إصلاحي. Z

ولست أدري هل يظن السيد المعلم أن أحدا قد يصدق قوله؟ ثم أليس من حق الأمم المتحدة أن يكون لها موقف من انتهاك حقوق الإنسان، وكذلك القتل الوحشي لمواطنين عزل؟

من الواضح أن الحكومة السورية تسير في اتجاه خاطئ وفي غاية الخطورة على أمنها واستقرارها.

موقف الحكومة من مواطنيها قد يدفع إلى تدخل خارجي ضدها.. صحيح أنه ليس هناك ما يغري بالتدخل العسكري ضد سورية ولكن الوضع الإنساني إذا أصبح «فظيعا» ـ كما قال أردوغان ـ فإن العالم الحر لن يسكت، وعندها لن يجد أحد ما يدافع به عن سورية. الوضع السوري يستلزم من العرب وجامعتهم «الصامتة» بأن ينصحوا الأسد بأن يتوقف عن قتل مواطنيه، وأن يبدأ فورا بإصلاحات حقيقية تقنع السوريين قبل سراهم.

كما أن هذا الوضع يستلزم من إيران وحزب الله بألا يستمروا في صمتهم وهم يرون فظاعة الجرائم التي ترتكبها الحكومة السورية.. إن واجبهم أن يعملوا على إيقاف هذه الجرائم إذا أرادوا للأسد أن يستمر في حكمه.. الدفاع عن جرائمه يسيء إلى مصداقيتهم ونظرة الكثيرين الطيبة لهم.

نحب لسورية أن تبقى حرة كريمة، ونحب للشعب السوري ان يعيش حرا كريما، لكن محبتنا لا تكفي إذا لم تقتنع حكومتهم بأن من واجبها أن تتوقف عن قتلهم وتشريدهم وتتحرك للإصلاح الذي يحميها ويحمي شعبها.