هل إبادة شعب يطالب بالحرية شأن داخلي؟

أيها العالم ..

طارق أبو جابر

سؤال نتوجه به إلى المنظمات الدولية والإنسانية والمفكرين والأدباء والعلماء والأحرار، وسائر أهل الرأي والداعين إلى الأمن والسلم العلمي .. هل إبادة شعب يطالب بالحقوق الإنسانية الأساسية ، وحقه في العيش على أرض وطنه بحرية وكرامة بلا تمييز وقمع وتسلط واستبداد .. هل هذا شأن داخلي ؟ هل إغلاق المنافذ، وقطع الاتصالات مع العالم الخارجي والداخلي ، ومنع وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية من التعرف عما يجري داخل قطر من الأقطار ، وقد أفادت التقارير المتوالية والمتواترة بالصوت والصورة ، أن مجزرة كبرى متواصلة تنفذ بحق أبنائه،  هل هذا شأن داخلي ، ولا يحق لأحد أن يسأل أو يستفسر أو يطمئن ؟ حتى لو كان هذا القطر يحكمه نظام يعرف العالم كله ، أنه نظام همجي متخلف مفروض على الشعب بالقوة ، وأنه نظام ديكتاتوري بوليسي مخابراتي قمعي ،  يحكم بالقوانين الاستثنائية ، والمحاكم العسكرية والميدانية ، وينص دستوره على تطبيق حكم الإعدام بحق من يحمل فكرا معينا ، ويطبق القتل والسجن والبطش والتنكيل بحق كل من يخالفه الرأي؟ هل تحول العالم إلى غابة ؟ ومتى سيتحرك العالم ومنظماته الدولية والإنسانية ؟ هل ينتظر العالم أن يباد ربع الشعب ، أو نصفه ، أو ماذا ينتظر هذا العالم الغارق في رعاية نفوذ ومصالح الكبار والأقوياء ؟ ماذا تفعل عبارات الشجب والتنديد والاستنكار ؟ هل ترد روحا أزهقت ؟ هل تنقذ سجينا مغيبا ؟ هل تحمي شعبا مستباحا ؟ وهل تنفع هذه الأساليب مع نظام يعرفه العالم – كل العالم – حق المعرفة ؟ ويعرف سجله الذي يمثل أسوأ سجل على وجه الأرض ، في مجال الحريات وحقوق الإنسان ؟ إننا في سوريا المستباحة نقدم للعالم الذي يزعم أنه حر ومتحضر ومتمدن .. نقدم له هذا المبدأ الإنساني الذي ندين به ونؤمن ونتعبد ، لكي يرى هذا العالم موقعه من الإنسان والإنسانية ، ويرى مدى ظلمه وجوره على بني الإنسان المكرم ، وهو قول الحق عز وجل في محكم قرآنه الحكيم : (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) [ سورة المائدة الآية 32].

وقول نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم:(لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما). والآية الكريمة والحديث النبوي الشريف ، واضحان في دلالتهما ، ولا يحتاجان إلى مزيد إيضاح ، وهما توجيه واضح صريح وحض على الضرب على يد المجرم ، وكف يده ، بمجرد أن يزهق نفسا بريئة واحدة ، أو يسيل نقطة دم واحدة ، فأين أنت أيها العالم ، مما يحدث اليوم في سوريا من إزهاق أرواح العشرات والمئات من المواطنين الأبرياء المسالمين منذ أسابيع ، وفي كل يوم، على يد حاكمه الطاغية المتوحش المتجبر؟ أين أنتم أيها الحقوقيون ، أين أنتم أيها الأحرار ؟ أين أنتم أيها البشر؟ كم أنت متخلف أيها العالم ، كم أنت مستهتر بأرواح البشر ودمائهم أيها العالم ؟ ألا من يقظة ؟ ألا من نخوة ؟ ألا من مروءة ؟ ألا وألا وألا .. قبل أن يباد الأحرار الأخيار في سوريا مرة أخرى؟!