شهادة حق أمام الله

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

أنا أضع بين أيديكم أمانة أن تنقلوها لكل إنسان وحقائق وأمور يقف لها شعر الرأس والله على ما أقول شهيد أن كل الذي سأكتبه هو حصل لأني كنت حاضراً وخدمت خمس سنوات وهذه هي القصة وهذه أول مرة أكتبها لأني أشعر أنها أمانة يجب أن اطلع شعبنا الغالي عليها ليعرفوا حقائق ما جرى في مدينة حماة.

في سنة ١٩٨٠ جاء لنا أمر بالتحرك من ضيعة صغيرة في دمشق اسمها الغسولة وكانت ملاصقة لمطار دمشق الدولي التحرك إلى مدينة حماه وكان فوجنا أول فوج يصل إلى مدينة حماة وكان الفوج يضم ثلاث كتائب كل كتيبة ٦٠٠ عسكري وكل كتيبة إلى خمس سرايا وكل سرية مئة عسكري يزيد أو ينقص قليلا وكانت هناك سرية تسمى الهاون وسرية تسمى سرية الصواريخ وثلاث سريات الباقية هي مشاة وأسلحتها هي الرشاشات اسمها البيكيسيه وكانت مسلحة أيضا بالقوازف الآربيجيه والبنادق الكلاشينكوف والقنابل الهجومية والدفاعية بالإضافة للحربة هذا هو تسليح كل كتيبة وكان قائد الفوج اسمه ديب ضاهر وقائد أركان هذا الفوج اسمه محمود معلا، الفوج ٤٥ وحدات خاصة.

وتحركنا من ضيعة الغسولة مع أسلحتنا وكانت هناك سيارات أكثر من ٥٠ سيارة خاصة لنقل الأسلحة والصواريخ والذخيرة والمطبخ وغيره وتوجهنا إلى مدينة حماه في سيارات الغاز ٦٦ والجيب للضباط والتاترا للسلاح والصواريخ وغيره ووصلنا إلى مدينة حماه في الساعة الرابعة بعد الظهر وتموضعنا في مطار حماه العسكري ومدينة صغيرة اسمها محردة ونصبنا الخيام والآسرة وجهزنا ساحات الاجتماع وأصلحنا الأرض ووضعنا المحارس والمتاريس استغرق هذا ثلاثة أيام وباليوم الرابع الساعة الثانية مساء وكنا نيام فجاء بعض صف ا لضباط إلى كل خيمة وصحونا من نومنا وقالو لنا اجتماع باللباس الميداني الكامل.

وفعلا لم يأخذ معنا الوقت أكثر من ٤٥ دقيقة وتوزعت كل سرية إلى عدة مجموعات وكل مجموعة على رأسها رقيب أو مساعد يقودها وأنا كنت عريف متطوع ونحن في الاجتماع وبعد أن توزعنا لمجموعات لا نعرف إلى أين ذاهبون وكان الضباط متوترين جدا وصف الضباط ومستعجلين جداً ويريدوا أن يتحركوا بسرعة ونحن لا نعرف ما هي القصة فتحركت أول أربع سيارات فيها حوالي ٦٠ عسكري ولحقتنا أربع سيارات أخرى بعد خمس دقائق وهكذا كل أربع سيارات بينهم خمس دقائق ونحن وصلنا إلى منطقة في حماة تسمى باب طرابلس وكان شارع عريض يتفرع لعدة شوارع وكان الشارع مضاءً وكانت الساعة الثالثة تقريباً وإذا بصاروخ آر بي جي يدخل في نصف السيارة التي أمامنا وأنا كنت في السيارة الثانية وبعد القذيفة بدؤوا يطلقوا علينا النار بشكل كثيف ليقتلوا أكبر عدد منا وكان هذا الإطلاق من مقبرة كانت على يسارنا وكانت ملاصقة إلى كلية البيطرة في حماة فعند سماعنا ورؤيتنا القذيفة التي أصابت السيارة الأولى فورا توقفنا وانتشرنا وبدأنا نرد على إطلاق النار على المقبرة ولكن كنا نطلق النار على المقبرة بشكل كثيف جدا بدون أن نرى أحد وكنا نطلق النار بكل الاتجاهات وكنا نحن مكشوفين بسبب الإنارة في الشوارع وهم كانت رؤيتهم صعبة بسبب الظلام وبعد نصف ساعة متواصلة من إطلاق النار أوقفنا النار ولم نعد نسمع ا طلاق نار من المقبرة وكانت لحظة مرعبة ومفاجئة لنا وبعد توقف النار أصبحنا نتحرك بحذر شديد وذهبنا إلى السيارة التي أصيبت لنتأكد ماذا حصل لرفاقنا وإذا اثنين من رفاقنا قتلا وستة جرحى فأسعفنا الجرحى ووضعنا القتلى في سيارة أخرى وأربع من رفاقنا رجعو بهم إلى مركزنا وهو مطار حماه العسكري وتابعنا عملنا وهو انه انتشرنا وبدأنا نفتش المقبرة وحواليها ونمشط المنطقة كلها وكانت الساعة قد أصبحت الرابعة صباحا فدخلنا المقبرة وتوقعنا أننا قتلنا أحدهم على الأقل إلا أننا تفاجآنا أننا لم نقتل احد فقط عثرنا على مخازن فارغة وجحش مقتول والشاهدات تبع القبر أغلبها مصابة ومحطمة وتابعنا تمشيطنا للمنطقة وفي الساعة الخامسة صباحا بدأنا نسمع إطلاق نار كثيف جدا ونرى في السماء نور من كثر إطلاق النار والصواريخ واشتعلت حماه عن بكرة أبيها وبعد طلوع الفجر تمركزنا نحن مجموعتنا وعددها حوالي ٥٠ عسكريا في كلية البيطرة و٦٠ عسكري أخر في فرع الحزب مقابل النواعير وبعض المجموعات في القلعة والمدارس والأبنية الحكومية وغيرها والشوارع مليئة بعناصر الوحدات بين العسكري والعسكري أمتار قليلة وبدأنا في الصباح نضع الخطط وننفذها وسمعنا من أصدقائنا من سرية الإشارة أن بعض رفاقنا قتلو وجرحوا وأعطونا أسمائهم وجاءتنا أوامر بتفتيش البيوت بيتا بيتا وحارة حارة وانتشرنا على أسطحة البنايات والمنازل وبدأنا نفتش البيوت ونعتقل الشباب من سن ١٥ سنة إلى ٧٥ سنة فذهبنا إلى منطقة يقال لها بستان السعادة والاصطفائية والشريعة والحاضر والملعب البلدي وكل حارة بحارتها نعتقلهم ونخرجهم من بيوتهم منهم بالبيجما ومنهم بالشرط ونوقفهم بآخر الحارة ونضعهم على الحائط ونعدمهم بدون لا سؤال ولا جواب ولا نسمع لأحد ولا نسمح لأحد أن يتكلم وكنا أوقات نعدم العائلة كلها أقصد الأب وأولاده ونترك النساء واستمرينا على هذه الحالة أشهر وكانت مجموعتنا تقتل كل يوم خلق كثير وبعد إعدامهم كان بعضهم أحياء وكنت أسمع صوت أنينهم وكنت أرى الدماء تجري بعيني كأن أمطار نزلت وتجمعت وتذهب هذه الدماء الطاهرة الذكية وتنزل في حفرة المجاري.

وكان الألم يعتصر قلبي وليس بيدي حيلة وكانت عيوني تدمع ولكن بدون أن يراني احد لأنهم لو كشفوني فإنهم لن يثقوا بي وممكن أنهم يعدموني وكان معنا أوامر من قائدنا قائد الوحدات الخاصة علي حيدر وكان دايما يجتمع معنا وينقل لنا تحيات الرئيس حافظ أسد ويخطب فينا ويعطينا تعليمات ومن هذه التعليمات بقتل كل شخص نشك به مهما كان هذا الشخص ذو قيمة أو منصب والحقيقة انه كنا نعدم ونقتل الناس حتى بدون شك لقد قتلنا ضباطاَ وأطباء ومهندسين وطلاب جامعات وطلاب مدارس وأساتذه وناس عاديين هناك في حماة لحد الآن عائلات كثيرة لا يوجد عندهم شب واحد كلهم نساء وبنات.

وبعد إعدامنا مجموعات كبيرة كانت تأتي سيارات الحجر القلاب ومعها تركس يشحر الجثث ويضعها في السيارات ويذهبون بهذه الجثث إلى غاب حماة ومنهم لم يمت فيحفرون لهم الحفر هناك ويرموهم بها ويردون عليهم التراب وبعد شهرين رجعنا إلى مركزنا إلى مطار حماه وأبقينا حوالي ألف عسكري موزعة في بعض المناطق لنرتاح قليلا أيام ونعود ليعود غيرنا يرتاح وهكذا وخلال هذه الفترة لم تقف حالات الاعتقال والإعدامات ولم نعد نرى في الشوارع احد وكان الكثير من ضباطنا والجنود عندما يرون شخصا في الشارع من بعيد أو يفتح نافذة أو على سطح يقتلوه ويقنصوه وظللنا هكذا شهرين بقلب المدينة وليس صحيحا أبداً أن المجازر بدأت في عام ٨٢ إنما بدأت بعام ٨٠ وبعد حوالي السنة دخلت سنة ٨١ وكنا في مشروع تدريبي قاسي جدا جاءتنا أوامر بالتحرك مباشرة إلى قلب المدينة وقالو لنا الضباط إن الإخوان المسلمين احتلوا بعض المدارس والمباني والشوارع والجوامع وهناك احد الإخوان من القيادات موجود في احد البيوت وان محافظ حماه وأمين فرع الحزب اذكر منهم أمين فرع الحزب اسمه أحمد الأسعد والمحافظ محمد حربه محاصرين من قبل الإخوان ويريدون قتلهم فتوجهنا إلى بيت أمين الفرع وجرت معركة كبيرة بيننا وبينهم وكان أحمد الأسعد مصابا في رجله وقد قتل من رفاقنا جنديان وقتلنا من الإخوان حوالي سبعة أشخاص والباقي هرب وكذلك حصل معنا عندما أردنا أن نفك الحصار على محافظ حماه ولكن لم يقتل سوى جندي وكنا قتلنا ثلاثة أشخاص فقط وهرب الباقي كانت حماه قد اشتعلت فيها حرب الشوارع الحقيقية وكان الإخوان قد قتلو الكثير من أعضاء حزب البعث وضباطا للمخابرات وضباط شرطة وكنا نراهم بالعين وهم أيضا يرونا فقتلنا منهم حوالي عشرة أشخاص في هذا اليوم وتوجهنا بعدها إلى المدارس لفك الحصار عنها وقتل أو اعتقال الموجود وكان الأمر معطى لنا أن الأولوية القبض على الإخوان وإذا تعذر وليس عندكم طريقة لاعتقاله فاقتلوه وللحق أقول إننا لم نعتقل احد كانوا لا يسلمون أنفسهم أبدا إما أن يقتلوا أو يهربوا وطلبنا من اللواء ٤٧ مدفعية بإنزال دباباته وفعلا نزلت الدبابات وتمركزت فصار البناية أو المدرسة أو الجامع الذي يصدر منه إطلاق نار يضرب بالدبابات ويدمر على ما فيه ولم يعد أحد يرانا في الشوارع لأننا أصبحنا على اسطحة البنايات ومختبئين بشكل تكتيكي من اجل كشف المزيد من الإخوان فبدأنا كالأول بحملات تفتيش ولكن هذه المرة أقسى وأطول وذهبنا إلى حي نسيت اسمه وكان يوجد فيه احد قيادات الإخوان وكنيته البرازي نسيت اسمه الأول واقتحمنا المنزل فرأينا سفرة طعام موجودة عليها براد شاي وصحن زيتون وجبنة والبراد سخن جدا ولكن لم نقبض عليه.

كان الإخوان يهربون لا نراهم كانوا يختفون ولا نعرف لهم طريق علما أننا كثيرو العدد ومحاصرين حماه وفي هذه الأثناء أغلقنا مدينة حماة لا احد يخرج ولا احد يدخل وبدأنا كما بدأنا أول مرة ندخل البيت ونأخذ الشباب والرجال نضعهم على آخر الشارع ونعدمهم شارع شارع وكانت أصوات النساء والأطفال يبكون بشدة وينزلون على أرجلنا ويقبلوها وهم يبكون ويقولون والله ابني بريء والله زوجي بريء والله أخي بريء وكانوا يترجونا ويمسكو بنا والبكاء شديد حتى الشباب تبكي وتقول أبرياء والله نحنا لسنا إخوان هكذا كنا نعامل أهلنا كنا بدون قلب ولا مشاعر ولا رحمة ندفع النساء وأوقات نضربهم بأخمص البارودة ونرفسهم ونهددهم بالاغتصاب على فكرة ضباطنا وجنودنا اغتصبوا الكثير من النساء والبنات ونهبنا الكثير وكالعادة نعدم الناس ونجمعهم ويأتي التركس مع سيارات الحجر القلاب فيشحرهم التركس وكان منظر بشع جدا جدا لماذا لان شوك التركس أصابعه تدخل في أجساد الشهداء فترى أيديهم وهذا رأسه وهذه أمعائه وهذه رجله متدلين والدماء تسقط منهم والتركس مليء بالدماء ومنهم تدخل أصابيع التركس منهم أحياء لأننا عندما نعدمهم بشكل جماعي كانوا يسقطون على الأرض فوق بعضهم فمنهم من يكون مات ومنهم ينزف حتى الموت ومنهم يبقى على قيد الحياة فيشحرون في التركس ويقلبهم التركس في قلب السيارات وتذهب السيارات إلى الغاب فتحفر الحفر لهم هناك ويكبوهم فيها كالقمامة ويردموهم بالتراب ومنهم اسمع أنينهم أحياء يتم طمرهم والله يا إخوتي مضى على هذه الجرائم حوالي ٣١ سنة وكأنها أمامي الآن منذ ذاك اليوم وحتى هذه الساعة أصحوا بالليل وأكلم نفسي لقد قتلنا الكثير منهم واعتقلنا أيضا الآلاف حتى الآن لم يعرفوا أهلهم هل هم أحياء أو أموات والذين نعتقلهم كنا نضعهم في تدمر ومنهم إلى حلب ومنهم إلى دمشق وذهبنا إلى المنطقة الصناعية في حمص وقتلنا واعتقلنا حوالي ألف شخص وبنفس الطريقة ندخل إلى المحلات والبيوت وهم نائمون نخرجهم من بيوتهم نعدمهم فورا ومنهم من نعتقله حسب ردة فعله وكلامه وشكله نتصرف وذهبنا إلى جسر الشغور بطائرات الهيلوكبتر قتلنا أكثر من ٣٠٠ شخص هناك والمعرة قتلنا أكثر من مئة وخمسون شخصا خلال ساعات أنجزنا مهمة جسر الشغور والمعرة وجاء رفعت الأسد بقوات سرايا الدفاع بطائرات هيلوكبتر وطائرات روسية صغيرة وكان أصدقائنا يحرسون السجن هناك من فوجئنا فدخلت قواته إلى المهاجع وكانت موزعة إلى مجموعات وحوالي ٨٠ عسكري من سرايا الدفاع وحوالي ستة ضباط من مقدم وتحت فدخلت هذه القوات فأعدمت ١٨٥٠ سجين وعادت إلى دمشق وظلت هذه الحوادث بين شد وجذب حتى دخلت ال ٨٢ فعادت المقاومة من الإخوان وبدأنا نقاتل الإخوان قتلنا منهم العشرات وقتلوا منا حوالي عشر جنود وصف ضابط وهرب الباقي وبدأت في شباط ٨٢ هذه المقاومة وبعد هروب بعض الإخوان بدأنا في حملة تطهير شاملة والمناطق التي سأذكرها والإعدامات حصلت حصراً في شباط أولاً مجزرة الملعب البلدي ٣٥٠ شخص مجزرة مقبرة سريحين ٤٠ شخص وخارجها ٢٠٠ شخص مجزرة حي البياض في النهار ١٠٠ شخص وفي الليل ٨٠ شخص مجزرة حي الشجرة ٩٠ شخص مجزرة الدباغة ٢٢٠ شخص ومجزرة حي البارودية ٢٦٠ شخص وحي الزكار ٧٥ شخص وفي المساء عدنا لنفس الحي وأخذنا ٧٠ شخصا وكل هؤلاء الناس نأخذهم من بيوتهم بدون لا سؤال ولا جواب ولا نسأل عن هوياتهم ولا عن أسمائهم ما كان يهمنا هذا لأنه ليس عندنا أسماء بالإخوان لا نعرف أسمائهم فقط نعتقل ونعدم مجزرة جامع الجديد دخلنا عليه وأخرجنا المصلين وقتلناهم ومنهم من قتلناهم داخل المسجد وحرقنا ذقونهم وشوا ربهم وضربناهم بقسوة جدا على رؤوسهم بالبواريد ووجوههم وأرجلهم ونصفعهم باللكمات وكفوف وهؤلاء المساكين ضربوا بقسوة جدا جدا منهم تهشم وجهه وكسر أيديهم وأرجلهم لأنه كان بعض الضباط معاهم عصي غليظة فتكسرت جماجمهم وأضلاعهم قبل إعدامهم وكان عددهم حوالي ٧٠ شخصا منهم ١٥ سنة و١٧ و٢٥ و٦٠ و٤٠ ومجزرة القلعة أكثر من مئة شخص وهكذا استمرينا بالإعدامات على هذا الشكل حتى أخر عام ٨٢ وبعدها خفت الحوادث واذكر أن رفعت الأسد كان سيدمر حماة كلها فوق شعبها لكن وجودنا نحن الوحدات الخاصة منعه من ذلك لأننا كنا دائما على خلاف معهم قيادة وجنود كانوا يكرهونا ونحن كذلك لان رفعت الأسد وعلي حيدر كانوا أعداء قبل الحوادث ورفضنا الخروج من حماه واجتمع معنا علي حيدر وقال لنا أن رفعت الأسد يريد أن نخرج من حماه ليدمرها فوق سكانها ولكن لن نخرج وقال انه ابلغ الرئيس حافظ بهذا فقال له لا تخرج وقال علي حيدر إن الأمور مستقرة فلا يوجد ضرورة لتدمير كل المدينة طبعا اعرف اسم كل ضابط ورتبته ارتكب هذه المجازر وأود أن أرى جهة ما حتى أوثق كل هذا وأقسم بالله العظيم أني لم اضرب إنسانا قط ولم أعدم إنسانا قط ولم اسرق شيء ولم أذي إنسان قط ولم اجرح آنسانا قط وقصة الفتاة صاحبة ال١٤ ربيعا فقط وأخيها ١٨ سنة مزقت قلبي وأثرت في حياتي ولن أنساها في حياتي حتى الفظ أنفاسي، توجهنا إلى منطقة لم اعد اذكرها وهذا أول بيت نطرق الباب بيدنا كنا نكسر الأبواب كالوحوش وندخل فجأة إلى البيت وكثيرا صادفنا نساء مع أزواجها يتجامعون لأننا بلحظة نكون فوق رؤوسهم وعندما ندخل نتوزع فورا في أنحاء البيت كله وكثير من الأطفال ارتعبو ومنهم من شكل لسانه ومنهم من بدآ يرجف ومنهم كبيرون في السن يصفرنون في الأرض المهم فتح لنا الباب فدخلنا فورا ووجهنا بنادقنا على العائلة وأنا كنت واحد من الذين اقتحموا البيت وكنا حوالي ١٢ عسكري وصف ضابط وبعد دخولنا البيت رأينا ثلاث بنات والأم والأب فسألنا الأب والأم أين ايمن مرءة وأين مجد مرءة فقال لنا والدها أنهم عند أختهم يزورون هناك ويدرسون من اجل الفحص بعد أسبوعين وهذا في سنة٨١ الشهر ال١١ الساعة الثانية عشر ليلا يوم السبت فأخذنا معنا الأم وكانت خائفة جدا وزوجها كان خائفا أكثر والبنات اصفرت وجوههم الحقيقة لم ندخل بيت إلا وخاف من فيه وأكثرهم بكى كثيرا لأننا ندخل كالوحوش ونقتل فورا بدون سبب لهذا كانوا يخافون جدا ذهبنا إلى بيت ابنتها وكان المنزل في منطقة الحاضر فدخلنا البيت كسرنا البيت ودخلنا فوجدنا أطفال أربعة نائمين على الآسرة ومنهم على الأرض وأمهم وأبيهم ورأينا شاب عمره ١٨ سنة هادئ وكان أبيض الوجه كالنور وكانت الكتب بين يديه يدرس وكانت هناك طفلة جميلة جدا البراءة في وجهها وكانت أيضاً الكتب بين يديها وهم الوحيدين الذي لم يكونوا نائمين وبعد دخولنا كل نائم استيقظ فالأطفال بدأت بالبكاء والصراخ من الخوف فسألنا الشاب ما اسمك قال ايمن مرءة فسألنا الأم التي هي معنا أين ابنك مجد فقالت ليس عندي ولد اسمه مجد عندي هذه البنت اسمها مجدة فتفاجئنا فقلنا للرقيب شيء خطآ نحن جئنا لنقبض على شابين ايمن ومجد ولكن هذه بنت صغيرة واسمها مجدة فاتصل الرقيب وقال للضابط أمامي اسمع كلامه حرفا حرفا سيدي نحن وجدنا ايمن ولا يوجد شاب اسمه مجد ولكن هناك بنت اسمها مجدة وهي أخته لأيمن ماذا تريدني أن افعل قال له الضابط اقبض عليهم الاثنين قال له حاضر سيدي فدخلنا البيت مرة ثانية وطلبنا من ايمن ومجدة أن يلبسوا ثيابهم ويذهبوا معنا وهنا بدأت الأم والأخت الكبيرة والطفلة البريئة تبكي وتقول والله أنا مالي عاملة شي شو مساوية الله يخليكم أرجوكم ويبكون والأطفال الصغار تبكي والأم تبكي والأخت الكبيرة تبكي موقف يبكي الحجر ويدمي القلب فمسكت أنا يد الولد وصديق آخر مسك يدها وركبنا سيارة الغاز ٦٦ فجلس الشاب ايمن في ارض السيارة وجلست الفتاة في مقابلي على المقعد الخشبي وأنا كنت بجانب الشاب انظر إلى وجهه وأقول ما شاء الله وجهه نور وكان هادئ جدا وعندما كانت أمه وأخته يبكون فقال لأمه ماما ليه عم تبكي أنا مالي عامل شي هلئ بحققو معي وبرجع البيت فقبلته أمه وقال لامه لا تخافي يا أمي هلئ برجع وركضت الأم لبنتها مجدة وهي في حالة خوف شديد وتبكي وكل من في البيت يبكي ماعدا الشاب ايمن والبنت تتمسك بأمها والأم أيضا قالت الأم خذوني أنا بدالها الله يوفقكم والله ولادي أبرياء وعمرهم ما أذو إنسان وبنتي هاي صغيرة أرجوكم أبوس ايدكم ورجلكم ولكن لم نسمع ولم نحس كنا كالضباع والذئاب وبعد ما مشينا في السيارة خمس دقائق اتصل صف الضابط بالضابط وقال له لقد قبضنا على الاثنين سيدي فقال له الضابط أعدمهم على الطريق فقال حاضر سيدي فوقفت السيارة فنادى صف الضابط بالاسم انزل فلان وفلان اعدمو الشاب فنزل اثنين من رفاقي وانزلو الشاب وكان سائق السيارة يلبس شماخ أي شالة فلسطينية أو الذي يلبسوها الخليجيون وربطوها على عيونه وكرفص الشاب في نصف الشارع على رصيف كان يفصل شارعين وكل هذا أمام عين أخته الطفلة البريئة وهي تزيد في بكائها وتتوسل وتقول والله أخي بريء أرجوكم وبعد ربط عيونه ابتعدوا أمتاراً قليلة وأطلقوا النار عليه مخزنين كاملين ٦٠ طلقة وهو يقول الله اكبر الله اكبر وبعدها توجه الجنود إلى السيارة وركبو بها وبعد مسير دقيقتين وقفت السيارة ونادى صف الضابط باسمي ونادى لرفيقي وقال نزلو البنت وأعدموها فنزلت أنا ونزل رفيقي وكانت الساعة الوحدة والنصف ليلا وأمسكت بيدها وأنزلتها من السيارة وكانت تلبس بوط جلد بني وتضع ايشارب على رأسها وتلبس مانطو وكان في رقبتها زردة ذهب خفيفة وهي تبكي طبعا عندما نزلنا من السيارة كانت السيارة تبعد عنا أكثر من ٥٠٠ متر لان الوضع كان متوتراً جداً وكان الإخوان يقاومون بشراسة وأصوات الرصاص والمدافع والقواذف تملئ السماء وفي كل مكان فأجلسنا مجدة على تلة تراب وكنت لا أرفع نظري عنها وعندما جلست وهي تبكي بكاء شديد وترجف وتقول لي أبوس إيدك والله أنا بريئة أنا ما بخرج من البيت أبوس اجرك المنظر والموقف يا إخواني ليس كالكلام وضعت يدي على ركبتيها وطلبت منها أن تعطيني الطوق برقبتها ذكرى فقالت بكل براءة والله هذا هدية من عمي فطلبت منها أن اقبلها من جبينها وعيوني يملئها الدموع فرفضت فنهضت وأنزلت بارودتي لكي أطلق الرصاص عليها وكان رفيقي يستعجلني ويقول لي بسرعة يا فلان قبل أن تأتينا قذيفة أو قناصة وعندما أردت أن أطلق النار بدآ جسمي يرجف وأنا انظر إليها وهي كالبدر وتبكي وتتوسل فوضعت بارودتي في كتفي وتركت رفيقي ومجدة وركضت وأنا ابكي كالأطفال وجسمي كله يرجف ووصلت للسيارة وعند وصولي قفزت إلى السيارة وتمددت على بطني وغبت عن الوعي وبعد عشر دقائق سكبو علي المياه وتفقدوا جسدي حسبو أنني أصبت فقلت لهم لا فنزل جندي آخر وذهب لهناك واعدموا مجدة فماتت الطفلة ومات قلبي معها ومع أخيها وبعد عشر دقائق وصل الضابط بسيارته الجيب مع مرافقته وقال ماذا حصل معكم قلنا له سيدي أعدمنا الشاب والفتاة فقال أين أعدمتم الشاب أراد أن يتأكد فذهبنا لندله على الشاب ايمن ليراه والوقت بين إعدام الشاب وأخته وقدوم الضابط ليتأكد كان حوالي ٢٥ دقيقة وعندما ذهبنا رأينا الشاب ايمن وهو يتحرك ٦٠ رصاصة في جسمه ومازال يتحرك فاخرج الملازم مسدسه ووضعه بعد شبرين عن رأسه وأطلق على رأسه أربع رصاصات وعدنا إلى البنت فجاء الملازم ونظر إليها ووضع يده على نبضها ليتأكد أنها ميتة وكانت أسلمت روحها لبارئها أصبحت عصبي المزاج جدا جدا وتعذبت في حياتي ونفسيتي من ذلك الوقت وقد مضى على هذه الأحداث ٣١ سنة وكأنها أمامي كأنها البارحة اذكر كل قتيل وأتذكر الأمهات والبنات الصغار كيف كانوا يبكون من الخوف على نفسهم وإخوانهم وأولادهم أتذكر الدماء والجثث، شيء فظيع فظيع الكلام ليس مثل الحقيقة اختصرت لكم الكثير الكثير مما رأيت اقسم بالله العلي العظيم هذا ما حصل أعدمنا خيرة الشباب مثل الورود ١٣ سنة و١٤ و١٥ سنة أعدمنا و اغتصبنا النساء والبنات ونهبنا البيوت والله لا يفعلها اليهود قتلنا أهلنا أخواتنا وإخوتنا بطرق وحشية ودفنا ناس أحياء ودمرنا البشر والحجر وتركنا وراءنا آلاف من الأيتام وآلاف من الأرامل.

إن الذي حصل بمدينة حماه ما هي إلا جرائم ضد الإنسانية جرائم بشعة يندى لها الجبين لا يمكن من يرتكب هذه الجرائم أن يكون فيه ذرة شرف أو إنسانية أو رجولة أو أخلاق أو أن يكون إلا وحش عديم الوصف لا أجد وصفا لهؤلاء القتلة السفاحين وأتعجب أين حقوق الإنسان وأوربا وأمريكا في يوغسلافيا قتل الصرب ٨٠٠٠ آلاف مسلم قامت الدنيا وأعلنو الحرب على يوغسلافيا وقسموها وحاكموا مرتكبين الجرائم لماذا سكتوا عن أكثر وأفظع جرائم الإنسانية، أكثر من مئة ألف قتيل في كل المحافظات وأكثر من ٥٠ ألف سجين منذ عام ٨٠ إلى ٨٢ أين العدالة الدولية ومازال هذا النظام يعتقل ويقتل ويعذب وينفي ويفعل كل أشكال وأنواع الظلم لا يعتبر لطفلة أو شاب أو مسن أو مريض يبطش وكأنه هو الرب هو الخالق وهو له الحق في أن يقتل متى شاء ويعتقل ويسجن وينفي ويعذب متى شاء أين العدل في هذا العالم والله اليهود ارحم منكم يا حكام سوريا والله الذئاب ارحم منكم والله الحيتان والتماسيح ارحم ولله الوحوش ارحم منكم يا رب يا رب يا رب أنت العزيز الجبار تمهل ولا تهمل يا رب إن هؤلاء الحكام الظلمة قتلو أولادنا واغتصبوا بناتنا ونهبوا بلادنا وذلونا وقهرونا بغير حق يا رب أرنا عجائب قدرتك فيهم يا الله إن هؤلاء الظلمة استباحوا ديننا وأعراضنا وسفكوا دماء أبرياء يا رب انزل عقابك عليهم في الدنيا قبل الآخرة يا الله أنت خذ حقوق هؤلاء الشهداء يا كريم وحسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل.