ثمن الخوف

محمد جمعة

يقول سيد قطب رحمه الله (بعض النفوس الضعيفة يخيل إليها أن للكرامة ضريبة باهظة، لا تطاق، فتختار الذل والمهانة هرباً من هذه التكاليف الثقال، فتعيش عيشة تافهة، رخيصة، مفزعة، قلقة، تخاف من ظلها، وتَفْرَقُ من صداها، "يحسبون كل صيحة عليهم" ، "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة.

هؤلاء الأذلاء يؤدون ضريبة أفدح من تكاليف الكرامة، إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة، يؤدونها من نفوسهم، ويؤدونها من أقدارهم، ويؤدونها من سمعتهم، ويؤدونها من اطمئنانهم، وكثيراً ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون) .إنتهى كلامه  رحمه الله .

الناس في الإنجاز أنواع :

إنسان يعمل ويتقن ما يعمل .

إنسان يعمل ولا يتقن ما يعمل .

إنسان كسول عن العمل.

فالذي يعمل ويتقن إنسان واقعي ، ويدرك ما يدور حوله ، ويرى أمامه منجزاته .

أما الذي يعمل ولا يتقن فهو إنسان سطحي ، ويدري ما يدور حوله ولكنه لا يستطيع إصلاحه ، ولو أصلحه أصلحه بطريقة مشوهة.              

أما الكسول فهو مريض ، يرى  الخير يهدر أمامه ، بل قد يرى كرامته  تهدر أمامه ، ولكنه متراخي ومتواني عن حركة أو قفزة بسيطة يمكن أن يغير بها واقعه السيئ  .

يقول عليه الصلاة والسلام [ إنَ الله يحبُ إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ] .ومفهوم الكلام أن الكسل لا يحبه الله ، وهذا معروف لأنَ الكسلان يقصر في حقوق بدنه ، وحقوق أهله ، وحقوق وطنه ، وحقوق ربه. فكل المخلوقات لها منازل .

سبحان الله جلُ المخلوقات تعيش حراك يؤدي الى الإنجاز ( وطن ) كما قال: نزار قباني.

يا وطني .. كل العصافير لها منازل

إلا العصافير التى تحترف الحرية

فهى تموت خارج الأوطان.

الموت موت  ما دمت تنشد الحرية وتكره الذل والعبوية ما يضرك اين هلكت .

لا يوجد إنسان لا يخشى المخاطر :

الناس أيضا تجاه المخاطر أنواع :

1-               نوع يضع المخاطر في حدودها المتوقع .

2-               ونوع يهول المخاطر أكثر بكثير من تهديدها.

يقول المسيح عليه السلام : ليس كل ما يُخاف يكون .

يقول فاروق جويدة :

اغضب فإن الله لم يخلق شعوباً تستكين

اغضب فإن الأرض تحنى رأسها للغاضبين

اغضب ستلقىَ الأرض بركاناً ويغدو صوتك الدامي نشيد المُتعبين

اغضب

فالأرض تحزن حين ترتجف النسور

ويحتويها الخوف والحزن الدفين

الأرض تحزن حين يسترخى الرجال

مع النهاية .. عاجزين

 اغضب

فإن العار يسكننا

ويسرق من عيون الناس .. لون الفرح

يقتل في جوانحنا الحنين

ارفض زمان العهر

والمجد المدنس تحت أقدام الطغاة المعتدين.

أشجع الناس هو الذي يحذر المخاطر ، ويضعها في حدودها المتوقعة ، وأكثر الناس مصيبتهم أنهم يتوقعون أسوء الإحتمالات .

أعرف أصدقاء يخيل لهم كل من نظر اليهم نظرة حادة أنه رجل مخابرات .

وأعرف  أصدقاء أن كل كلمة ينطقون بها يعرفها الحاكم في بلدهم .

وأعرف أصدقاء  يتخيلون أنَ مخابرات بلدهم تعرف السر وأخفى .

وأعرف أصدقاء يظنون أنَ رزقهم متوقف ألا ينطقوا  ولو كلمة نصح  ضعك من نقد .

وأعرف أصدقاء يهربون من كل من يتكلم ضد النظام  .

وأعرف أصدقاء يشتمون النظام في المجالس الخاصة ، ويمدحونه في الملأ .

وأعرف أصدقاء يشتمون النظام في الظلام ، ويخيطون أفواههم في النهار .

يقول الشيخ  يوسف القرضاوي:

يا أمـتـي وجـب الكفاح فدعي التشدق والصياح

ودعـي الـتقاعس ليس ينصر من تقاعس واستراح

ودعـي  الـريـاء فـقـد تكلمت المذابح والجراح

مـا عـاد يـجـدينا البكاء على الطلول ولا النواح.

قال الله تعالى(أتخشونهم فالله أحق ان تخشوه إن كنتم مؤمنين )    .

(ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ) .

( وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) ،  الخوف من غير الله محرم إن كان مانعا من فعل واجب أو ترك محرم ، أو السكوت عن ظلم متعين لا يزول إلا بنهيك عنه ومقاومتك له ، وإنكارك له  .

والساكت عن الحق شيطان أخرص .

الخوف من الله من أشرف مقامات العبودية :

أما الخوف من الله فهوا من أشرف المقامات وأجلها ، وقد وعد الله من خافه بجنتين فقال : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) . ، فمن خاف من الله أخاف الله منه كل شيئ ، ومن خاف من غير الله خوفه الله من كل شيئ .

هذه الكلمة موجه الى كل من يتقاعس عن كلمة الحق بالرغم من علمه  بوجود المظالم  ، وإنتهاكات حقوق إخوانه في الوطن ، وتسلط حكم الفرد الذي يشقي الناس اليوم من أجل نزواته وشهواته الجامحة.