هل يعتبر وضع رابطة علماء المسلمين العالمية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية مؤشرا على عودة عصور امتحان العلماء

هل يعتبر وضع رابطة علماء المسلمين العالمية

ضمن قائمة المنظمات الإرهابية

مؤشرا على عودة عصور امتحان العلماء؟

محمد شركي

[email protected]

عرف التاريخ الإسلامي ظاهرة امتحان العلماء من طرف الساسة بسبب اختلاف المذهب أوالمعتقد . وأشهر امتحان للعلماء في تاريخنا الإسلامي هو امتحان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الذي خالف الاعتزال في الرأي ، وكان الاعتزال في عهد الخليفة العباسي المعتصم هو مذهب الدولة الذي لا يسمح لأحد بمخالفته . ولقد امتحن الإمام ابن حنبل وضرب بالسوط لمجرد ثباته على رأيه أمام رأي غيره . ولا يعتبر امتحان الإمام ابن حنبل الامتحان الوحيد للعلماء في التاريخ الإسلامي بل سجل هذا التاريخ العديد من محن العلماء على يد الساسة . ولقد أفرز الربيع العربي وما تمخض عنه من ثورات شعبية أسقطت أنظمة فاسدة ، وأقضت مضاجع أخرى ما يمكن اعتباره عودة إلى عصور امتحان العلماء ، ذلك أن دولة الإمارات العربية المتحدة أدرجت رابطة علماء المسلمين العالمية ضمن لائحة المنظمات الإرهابية ، والسبب وراء ذلك هو رفض العلماء الانقلاب العسكري على الشرعية و الديمقراطية في مصر خصوصا وأن دولة الإمارات العربية ضالعة ومتورطة في هذا الانقلاب لأسباب سياسية غير خافية . فها نحن أمام نموذج لمعتصم عباسي جديد ظهر في دولة الإمارات يحاكم رابطة العلماء المسلمين العالمية لمجرد اختلافها معه في الرأي في عصر الديمقراطيات والحريات وحقوق الإنسان . ولقد بدأت تداعيات اتهام دولة الإمارات لرابطة العلماء المسلمين العالمية تظهر في بعض الأقطار العربية مثل الأردن الذي اعتقل فيه بعض قادة جماعة الإخوان المسلمين المعترف بها بتهمة الإساءة أو المساس بدولة شقيقة أحسب أنها دولة الإمارات التي أدرجت رابطة العلماء المسلمين العالمية ضمن لائحة المنظمات الإرهابية ، وسوت بين العلماء وعصابات الإجرام من أجل تلطيخ سمعتهم بتهمة الانتماء للإرهاب . ولقد استغرب الملاحظون في العالم العربي إدراج دولة الإمارات رابطة العلماء المسلمين العالمية ضمن لائحة المنظمات الإرهابية دون امتلاك الجرأة على مجرد الإشارة إلى الكيان الصهيوني ككيان يمارس أبشع وأشنع الإرهاب ، وهو كيان تنسب له العديد من المنظمات الحقوقية العالمية ما يسمى جرائم الحرب ضد الإنسانية وهي أفظع الجرائم على الإطلاق . ومعلوم أن دولة الإمارات تدعم الانقلابيين في مصر في الوقت الذي تدينهم العديد من المنظمات الحقوقية العالمية لما ارتكبوه من مجازر وحشية في حق المتظاهرين السلميين العزل ، وما يرتكبونه يوميا من اعتداء على حقوق الإنسان في سجونهم ومعتقلاتهم الرهيبة أمام سمع وبصر العالم خصوصا ما يسمى بالعالم الحر ، والذي يدعي الوصاية على الدمقراطيات وعلى الحريات العامة والخاصة ، وعلى حقوق الإنسان. ويعتبر إدارج رابطة العلماء المسلمين العالمية ضمن لائحة المنظمات الإرهابية مساسا خطيرا بحريات الرأي والتعبير . وليس من العدالة استخدام تهمة الإرهاب ذريعة للنيل من حريات الرأي والتعبير التي تضمن الاختلاف والتباين والتنوع. وعلى دولة الإمارات أن تراجع قرارها الجائر ضد نخبة من خيرة أبناء الأمة عليهم المعول في توجيه الشعوب العربية وتربيتها على القيم الإسلامية ، وهم حماة الدين وحراس العقيدة . وعلى علماء دولة الإمارات الشرفاء الوقوف بحزم في وجه هذا القرار المسيء للعلم والعلماء بما فيهم علماء دولة الإمارات. وعلى رابطة العلماء المسلمين العالمية أن تصدر فتوى شرعية لتسفيه هذا الاتهام الباطل الذي يستهدف النخب العلمية لأغراض سياسية مكشوفة . وإذا كان الخليفة العباسي المعتصم قد امتحن الإمام أحمد بن حنبل ، والخليفة المتوكل رفعه عنه الظلم ، فليكن في دولة الإمارات مسؤول راشد رشد الخليفة المتوكل العباسي ، فيسقط إدراج رابطة العلماء المسلمين من لائحة المنظمات الإرهابية لأن التاريخ سيسجل ما سلجه على المعتصم وعلى المتوكل . ويبقى في الأخير لجوء رابطة العلماء المسلمين العالمية إلى المحكمة الإلهية لمقاضاة المسؤوليين السياسيين في دولة الإمارات ، ومن المعلوم أن لحوم العلماء مرة ، ويا خسارة من آذى ورثة الأنبياء.