اعتقال المعارض السوري لؤي حسين

اعتقال المعارض السوري لؤي حسين

أيُّ رسالة ... أي حل .. أي شراكة ؟!

زهير سالم*

[email protected]

منذ انطلاقة الثورة السورية وتقلبها في أطوارها المختلفة يتمسك الرئيس الأمريكي بموقف ساذج جامد يصر فيه على مايسميه ( الحل السياسي ) في سورية  . الحل السياسي الذي يقوم على نوع من الشراكة بين قوى الثورة السورية الوطنية وبين نظام  ( بشار الأسد ) بتركيبته العسكرية والأمنية ، المنفذة العملية لكل هذا الإثم والمرتكبة لكل هذه الجرائم والفظائع .

ومع أن أكثر القوى الراشدة في المعارضة السورية وتشكيلاتها لا ترفض الحل السياسي ، بل هي جميعا تتبناه وتدعو إليه ولكن بين جميع ( المكونات  الأهلية والمدنية ) السورية بلا نبذ ولا إقصاء ؛ إلا أن ذلك لم يغير شيئا من موقف ما يسمى ( المجتمع الدولي ) وعلى رأسه الولايات المتحدة التي أطلقت العنان لبشار الأسد وطاقمه على مدى ما يقرب من أربع سنوات يقتل السوريين بكل وسائل القتل المتاحة له ، بما فيها الوسائل المحرمة دوليا ،لتطويعهم لمشروع الشراكة الذي يقترحه عليهم من يسمون أنفسهم أصدقاء الشعب السوري .

ومع تقدم المبعوث الدولي السيد دي ميستورا بمبادرته المريبىة ( لبشار الأسد ) يقدم هذا وطاقمه على اعتقال المعارض السوري السيد لؤي حسين ، رئيس تيار بناء الدولة ، ويتم تقديمه للمحكمة بتهم أكثر هشاشة من مبادرة دي ميسترا نفسها إضعاف الشعور القومي وتوهين نفسية الأمة ....

أعلم أنني حين أصف السيد لؤي حسين وتياره  (بالمعارض ) سأثير الكثير من الانتقاد واللوم من سواد الشعب السوري الذي قدم حتى الآن قريبا من ربع مليون شهيد على طريق تحرره ودفاعه عن وجوده . فالكثير من هؤلاء لا يرون في السيد لؤي حسين وتيار بنا الدولة إلا امتدادا طيفيا لهذا النظام بتلافيفه ومناهجه ورفضه لثوابت الحياة المجتمعية السورية  ..

وحين لا يجد السيد لؤي حسين بخلفيته الأهلية والإيديولوجية ، ومنطلقاته الفكرية ، وبمواقفه وطروحاته السياسية التي هي في نظر الكثيرين مشتق مباشر لرؤية النظام ؛  له مكانا  في ظل هذه الزمرة  ،التي يصر المجتمع الدولي على فرضها شريكا أو وصيا على الشعب السوري فمن عساه يجد لنفسه  مثل هذا المكان  ؟!

لؤي حسين ( العلوي واليساري والعلماني والحداثي  ) والتوصيف يقتضيه المقام لا مكان له على سلم ( وطني  ) يحتكره بشار الأسد لنفسه ولأتباعه المباشرين فكيف سيجد بقية الشعب السوري والأكثر نأيا  له مكانا له على هذا السلم ؟!

منذ سنوات طوال ما زال المجتمع الدولي يمتحن الثوار والمعارضين السوريين على قبولهم للتعددية العرقية والدينية والمذهبية ... ولكنه لم يفعل ذلك مرة واحدة مع ( معتمَده ) الأول بشار الأسد حول قبوله أي فرق في الدرجة لنوع من التعددية السياسية .

من مركز القوة التي يمتلكها القائمون على المجتمع الدولي يحاول هؤلاء أن يفرضوا على الشعب السوري شراكة مستحيلة مع فئة أدمنت الفساد والاستبداد والقتل ولاغتصاب والانتهاك والسرقة  وجاهرت  به .

جدير بنا في هذا المقام أن نذكر أن القوة التي تشكل مركز ثقل السياسات الدولية لا يمكنها وإن تمادت أن تصنع بغير العدل وغير العقل استقرارا حقيقيا يقنع الناس وينفي عن حياتهم الرفض وينبذ التطرف والإرهاب ..

نختلف مع السيد لؤي حسين وتياره ولكننا نؤمن إيمانا راسخا بحقه الأصلي والأصيل على خارطة الوجود الإنساني والسياسي والوطني في سورية المستقبل التي نريد ...

ويوجب علينا هذا الإيمان  أن نجهر باستنكار اعتقاله ، ورفض مسرحية محاكمته والمطالبة بإطلاق سراحه وسراح جميع المعتقلين السوريين  . وذلك قبل تقديم أي مبادرة دولية أو محلية تريد أن يكون لها الحد الأدنى من الجدية والمصداقية .

.مرة أخرى ومع اعتقال السيد لؤي حسين نعيد السؤال على عقلاء العالم ومفكريه ومنظريه : عن أي حل ... وعن أي شراكة .. وعن أي مبادرة تتحدثون ؟!

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية