الشيخ القرضاوي والمصالحة

طالب الشيخ يوسف القرضاوي بنبذ الخلافات بين المسلمين والمصالحة، ودعا في بيان له يوم (الخميس) الماضي الأمة إلى «التخلي عن خلافاتها والدخول في مصالحة عامة، وإلى توحيد جهودها من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى».

وأضاف أنه «يدعو الأمة كلها إلى مصالحة عامة، تتصالح فيها على العدل والحق، لتهيل التراب على ما يشغلها من محن وصراعات، وتتناسى الخلافات لتنطلق يداً واحدة، لمعركة التحرير الكبرى».انتهى الاقتباس من بيان الشيخ القرضاوي.

حقيقة الواقع المزري تقول إن المسلمين بحاجة ماسة إلى المصالحة، والشيخ يستطيع بحكم موقعه الفقهي والشعبي، خصوصاً لدى تيارات مثل جماعة الإخوان المسلمين، أن يبدأ مشروع المصالحة هذه. يمكن لكل فقيه أو سياسي أن يقول ما قاله الشيخ في البيان، ويمكن لكل أعضاء اتحاد علماء المسلمين، لكن من يستطيع المبادرة لتتحول الخطابات والبيانات الجميلة الداعية إلى المصالحات إلى حقيقة واقعة.

لا يمكن للأمة التصالح مع نفسها ومكوناتها الأساسية متشظية متناحرة لوثتها السياسة والسعي للسلطة، وإذا كان الشيخ القرضاوي يدعو إلى إهالة التراب على الصراعات وتناسي الخلافات وهي دعوة مهمة فمن الواجب عليه أكثر من غيره بحكم موقعه المبادرة إلى ذلك، بما للفقيه من دور وعلاقة بالحكمة وجمع الكلمة ورص الصفوف للإصلاح، فإذا قيل إنه أصبح لجماعة الإخوان المسلمين مظلومية، يمكن القول ماذا عن الصفح الجميل والعفو، والشيخ أعلم مني بقيمة هذا وموقعه عند الله تعالى وفي الشرع الإسلامي، خصوصاً أن الخطر كبير يطاول الجميع، والأعداء مستمرون في استثمار هذا التشرذم محققين النجاح تلو الآخر على حساب أمة مصابة، كما لا يبدو في الأفق ضوء في نهاية هذا النفق المظلم إلا بموقف تاريخي، لو اتخذه الشيخ القرضاوي والاتحاد الذي يترأسه لربما بعث الأمل وغيّر هذا الواقع.