حسون يحرض على الإبادة الجماعية

م. عبد الله زيزان

باحث في مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية

[email protected]

شهداء سورية لا بواكي لهم

غارات مكثفة في مدينة حلب السبت 11 نيسان الحالي، استهدف فيها النظام أسواقاً شعبية وأماكن التجمعات البشرية بالبراميل المتفجرة وبما يمتلكه من أسلحة فتاكة، ليس لها غرض إلا القتل المباشر للمدنيين، في أماكن يكاد يخلو منها التواجد المسلح ولا تقع على خطوط المواجهة المباشرة ما بين الثوار وميليشيات النظام..

عشرات الشهداء والجرحى والمعاقين خلفتهم تلك الهجمات، ليحصل هؤلاء الضحايا على أرقام جديدة متسلسلة في عدّاد الموت في سورية بأدوات وتمويل فارسي، حتى بات السوريون مجرد أرقام تسرد في آخر نشرات الأخبار العالمية، التي لم تشعر بحجم المأساة في سورية إلا من خلال متباكين على الشاشات لأغراض الاستهلاك المحلي، حتى جاءت عاصفة الحزم التي قلبت الموازين، وأجبرت الدول المؤثرة على إعادة ترتيب أوراقها من جديد في المنطقة العربية برمتها..

النظام يستخدم الغطاء الديني

لم تكن هجمات النظام على مراكز التجمعات البشرية في حلب خصوصاً وسورية عموماً بالأمر الجديد عليه، فقد دأب منذ انطلاق الثورة السورية على تدمير الحجر والشجر، فضلاً عن قتل البشر، لكن الجديد في الأحداث الأخيرة هو تزامنها مع فتوى أحمد حسون، مفتي النظام السوري، حيث قال (إنه وجب تدمير كل حيّ تخرج منه قذيفة عن بكرة أبيه، مهما كان سكانه)، وذلك في لقاء على القناة الفضائية الرسمية بنفس الوقت الذي كانت فيه البراميل المتفجرة تنهال على رؤوس المدنيين في حلب...

فرغم اكتفاء النظام سابقاً بالغطاء الدولي في عملياته الوحشية في سورية، إلا أنّه الآن ومع تراجع شعبيته بين أنصاره حتى في عقر داره بالساحل السوري، بات يحتاج إلى غطاء ديني يبرر فيه همجيته المعهودة، ويسوقها بإطار الواجب الشرعي، فقد أسهب حسون بحديثه وخص به مدينة حلب حيث قال: (أقول للمسؤولين في حلب كفانا موقفاً دفاعاً فلنبدأ بالهجوم على المناطق التي تقصف المدنيين، وأقول للمدنيين إن وجدوا، غادروا هذه المناطق فكل منطقة يخرج منها الإرهاب ستكون هدفاً، ولنبدأ تحركاً سريعاً فما عادت حلب تتحمل وتصبر على هذا الظلم)...

وهي إشارات لا تجد مجالاً للتأويل أو التفسير، فهي دعوة مباشرة للقتل والتدمير، والإبادة الجماعية على فضائيات النظام، رغم محاولات الإعلام السوري المتكرر لنفي استخدام الأسلحة الفتاكة أو السعي لتدمير أي حيّ أو بلدة...

هل سيتحرك المجتمع الدولي

الخطاب الديني والإعلامي لتنظيم البغدادي الذي لا يتردد فيه من التهديد بالذبح والقتل والتدمير كان سبباً لتصنيفه بالإرهابي، ليتشكل بعدها تحالف عسكري دولي ضده في مناطق نفوذه، وخطاب حسون الأخير لا يمكن فهمه إلا أنه دعوة للإبادة الجماعية لسكان المناطق المحررة باسم الدين، ومن خلال وسائل الإعلام الرسمية، فهل سنشهد فزعة عالمية مماثلة في سورية؟

والواقع أنّ سنوات الثورة السورية الأربع أفقدت المواطن السوري الثقة بالمجتمع الدولي، حتى بات البسطاء يدركون أن هذا العالم لا يتحرك إلا ضمن مصالحه، مهما بلغت فاتورة الدم من الأبرياء، وأنّ شعارات الحرية وحقوق الإنسان التي يتغنى بها العالم المتقدم، ليست أكثر من شعارات يستخدمها حين يريد التدخل بشؤون الدول الأخرى...

فرغم يقين الكثيرين بارتباط داعش بالنظام السوري في مَواطِن كثيرة ليس آخرها ما جرى في مخيم اليرموك، حيث قام النظام بالتمهيد الصاروخي لتسهيل دخول داعش إلى بعض أحياء المخيم، إلا أنّ العالم لا زال يتجاهل هذه الحوادث ويصر على الفصل بين المجرمين، والتركيز على محاربة داعش، التي لم نعد نذكر موعد آخر ضربة للتحالف ضدها، فقد باتت الضربات موسمية، لتذكير الإعلام أن هناك تحالفاً يقوم بضرب تلك التنظيمات..

حسون والبغدادي وجهان لمجرم واحد

إنّ تطابق خطاب البغدادي وحسون لا يشير إلا إلى تطابق الجهة الداعمة لهما فهما وجهان لمجرم واحد يقبع في دمشق ويديره سادته في طهران، فكما قدمت داعش خدمات جليلة للنظام في عدة مناطق بسورية، يقدم حسون خدمات تسويقية له، يحاول من خلالها، تثبيت ما بقي للنظام من أنصار من طائفته، وبعض المنتفعين حوله..

لن يتوقع السوريون تفاعلاً جاداً من المنظومة الغربية عموماً لتصريحات حسون الأخيرة، حيث بات بعض المسؤولين الغربيين يتحدثون عن ضرورة الحوار مع نظام الأسد في آخر المطاف، حيث لم تدفعهم دماء السوريين لتغيير وجهة نظرهم إلا بعد أن كشرت عاصفة الحزم عن أنيابها، وباتت تهدد بطرق الباب السوري، لوقف التمدد الفارسي، فهل تطرقه قريباً؟