الخرافة الإيرانية..!

محمد بن إبراهيم الشيباني

محمد بن إبراهيم الشيباني

ومن العجيب جدا أن تضطلع إيران اليوم بادعاءات حول حقوق في الخليج (الجزر الثلاث)، وفي البحرين بصورة خاصة، وقد رأينا من عرضنا التاريخي في السابق أنه لم يكن هناك أي وجود لإيران في الخليج على مر العصور! بل إنه في المرات الكثيرة التي تم فيها طرد المغتصبين عن الساحل الشرقي للخليج، فإنما كان ذلك يتم بوساطة الأساطيل العربية والبحارة العرب وحدهم.

ولعله ليس سراً أن نقول إن الفرس لم يكونوا أمة بحرية في يوم من الأيام، وإنه إذا كان على الساحل الشرقي من الخليج سفن وبحارة لعبوا دوراً بارزاً، فإن هؤلاء لم يكونوا من الفرس أبدا، وإنما هم بحارة سكنوا الشواطئ، ولا يزالون رغم محاولات التفريس الجاهدة التي بذلتها إيران. ولعل إيران لم تنس أبدا الخليج العربي، بدليل أنه كان ولا يزال مسكونا في شاطئيه بالعرب، سكان جزيرة العرب في الغرب، وبالعرب الذين هم سكان عربستان في الشرق.

أما الفرس فلم يسكنوا الشواطئ، إنما قبعوا خلف الجبال، وإذا كانت إيران اليوم تتخذ من واقعة احتلال البحرين لفترة من الزمن حجة للمطالبة بها، فإن ذلك دليل سطحية تفكير، لأن فارس لم تحكم البحرين حتى في أيام الاحتلال، وإنما حكمها أهلها العرب أساسا، وكانت تبعيتهم للفرس اسمية ليس إلا.

ومهما يكن من أمر فإنه إذا كان للاحتلال أن يغير واقعا، فإن من حق العرب على هذا الأساس أن يطالبوا بضم إيران كلها إلى بلادهم، باعتبار أن حكم العرب لإيران قد استمر أكثر من ستة قرون.

الحجة باطلة والزعم مفضوح إذاً، فماذا يبقى؟ 

تبقى الأطماع، وهذه لن تتحقق ما دامت هناك عروق تنبض بالدم.

لم تكن البحرين أبدا سكنا للفرس، وإنما كانت عربية، وعربية ستبقى أيضا.

في الجاهلية كانت موطن ربيعة وبكر وتميم، وفيها عاش الشاعر طرفة بن العبد، واستلهم من منهل طبيعتها الخلابة أعذب قصائده وأرقها. ومنها معلقته المشهورة «لخولة أطلال». وعند ظهور الإسلام دخل أهلها فيه أفواجا على يد العلاء الحضرمي، ولقد ظلت عبر عصورها الطويلة تتبع الدولة الإسلامية بعد الخلفاء الراشدين، فكانت أموية ثم عباسية، وقد عرفت البحرين الاستقرار، حين تولى سدة الحكم فيها آل الخليفة، وهم من العروبة في الصميم. فقد استولى الأمير أحمد على البحرين حوالي سنة 1783، بعد ثورة أهلها العرب ضد الإيرانيين، وبذلك فتحت البحرين صفحة جديدة، فقد باتت تحكم من قبل أسرة عريقة في عروبتها أصيلة في زعامتها، تسعى دائما وأبدا لخير شعبها وبلادها وأمتها، ومنذ ذلك اليوم والبحرين تسير بخطى واسعة على دروب الحضارة والتقدم، وأشرعة أساطيلها تملأ الخليج، وهي تتهادى على مياهه كالحمائم تحمل الخيرات وتشع السعادة والرفاه.. والله المستعان.