يجنون الشوك من العنب!

عبد الله خليل شبيب

عبد الله خليل شبيب

[email protected]

المثل العربي المشهور يقول L (إنك لا تجني من الشوك العنب)! بمعنى أنه لا بد من التناسب والتوافق بين الوسيلة والغاية ..كما يقال    ( إن السفينة لا تجري على اليبس )..

.. فإذا أردت أن تذهب لمكان ما فلا بد من سلوك الطريق المؤدي إليه .. فإن سلكت طريقا مخالفا فلن تصل إلى هدفك ..

.. ومن غرائب منطقتنا ..وفترتنا – هذه - الشاذة من التاريخ أت ينقلب الأمر إلى ضده ..ويتحول النصر هزيمة ! والعدو صديقا وبالعكس !

.. فمثلا المشهور أن حرب 73  انتهت  بانتصار مصر وسوريا على دولة الاحتلال .. ولكن ماذا كانت النتيجة؟ .. خسرت سوريا 33 قرية جديدة..وتأبد هدوء الحدود بينها وبين اليهود .. وتناست الجولان ..إلا في الشعارات ..وانتهى الأمر بمصر إلى صلح مخزٍ – مع الصهاينة ..أخرج مصر من معادلة الصراع ..مما يؤمن الدولة العبرية من أكبر قوة عربية ..ولا تزال [اتفاقية كامب ديفد] تجر على مصر المصائب والويلات ..وعلى فلسطين كذلك ..وعلى غزة على الخصوص ..!

..وحين يئس الفلسطينيون من الأوضاع الرسمية ..التي عاملت القضية الفلسطينية .. كصورة أو أيقونة معلقة على الجدار .. يغنون لها ويحلفون بحياتها ..ويدبجون لها المقالات والقصائد ..وغيرها .. ويطلقون الشعارات العنترية ..ويتوعدون بتحريرها ..ولكن كل ذلك       [ جعجعة ولا طحن]! حينها بدأ الشباب الفلسطيني يتململ ..وبدأت مساع واتصالات وعصف ولقاءات ..إلخ منذ واخر الخمسينيات ..وتبلورت في أوائل الستينيات وأواسطها بظهور منظمات أو حركات او تجمعات للعمل على تحرير فلسطين ( من البحر إلى النهر) – كما كانوا يقولون .. !

..وانطلقت عمليات فدائية كثيرة ..وارتقى مئات الشهداء ..وتضامنت الشعوب مع العمل الفدائي ..وحصلت له نكسات .. لكنه ظل ينمو حتى سيطرت بعض الفصائل على منظمة التحرير الفلسطينية – التي أنشأتها الجامعة العربية .. لتنزع [ ربقة  فلسطين وتحريرها [ من رقاب دولها ..وتضعها في رقبة منظمة .. لا تكاد تملك شيئا] ! ..

.. وتبلور الأمر شيئا فشيئا .. حتى أصبحت المنظمة ..والفئات المكونة لها من بعض الفصائل .. كيانا مشابها للدول العربية الأخرى .. وصار لها مقعد في الجامعة العربية !.. وأصبحت رسمية ..!

  ثم دخلت المنظمة – بقيادة ياسر عرفات ., في دهاليز السياسة الدولية ..والمباحثات والاجتماعات ..وكان لها [مجلس وطني غير منتخب]! ..

.. وآل الأمر إلى [ مسخ ] الميثاق الوطني الفلسطيني [ لعيون كلينتون وحرمه!]!.. ذلك الميثاق الذي كان ينص على تحرير فلسطين من النهر إلى البحر .. وشعارات فتح [ ثورة حتى النصر]..إلخ .. فتحولوا إلى      [ فلول] تعترف بالقرارات الدولية الجائرة [242 و 338 ] والتي تقر بوجود الدولة العبرية وسيطرة اليهود على أكثر من 80% من فلسطين .. على أن يساوَم الفلسطينيون لتقام لهم [دولة بلا سيادة ولا سلاح ولا سيطرة على حدودها ..إلخ ..أي دولة مسخ!]..على ما بقي ..أو بعض ما بقي من أشلاء فلسطين [ أراض محتلة].. وتتابعت الوعود واللقاءات والمفاوضات والقرارات ..إلخ ..والصهاينة لا يضيعون وقتا ..ويُمَكِّنون احتلالهم في عموم فلسطين ..ويقيمون المستوطنات والمنشآت .. في الأرض المحتلة حديثا  [67] والتي من المفترض أن تقوم عليها الدولة الموعودة .. واستمر اليهود المحتلون    يقضمون الأرض ويبنون المستعمرات والأسوار ويشقون الطرق الالتفافية الخاصة باليهود!!– على حساب الأرض المحتلة حديثا .. ويمعنون في تهويد القدس والأقصى وتغيير طبيعتها ومظهرها .. – [ خلافا وتحديا ] لكل القرارات الدولية التي تمنع ذلك .. ولم يحاسبهم ما يسمى [المجتمع الدولي] على تحدي قراراته ..و.. الضرب بها عرض الحائط! 

..وآل الأمر إلى وضع يستحيل معه أن تقوم دولة [ ولو دولة بلديات!]..

.. وكان اليهود وشركاؤهم .. قد جروا فتحا والمنظمة .. إلى [ فخ أوسلو] الذي مسخ القضية ..وحول [الفدائيين الذين قاموا لتحرير فلسطين [ من النهر إلى البحر ..وثورة حتى النصر ] إلى مجرد[ حماة وخدم وجواسيس] لدولة العدوان اليهودي ..وربطوا رقابهم [ بالتنسيق الأمني ..والخصوع لدايتون ومن تلاه من مندوبين عن اليهود وللرباعية مقابل منحهم رواتب ومكاسب [ خاصة]من أوروبا وأمريكا!  

 .. يعني باختصار : مسخ الكفاح ..وبيع القضية صراحة ..

وإلا فماذا يمكن أن يسمى ما جرى ؟!وما حصل ولا يزال يحصل ..؟ !

إلا أن اليهود وأنصارهم يمنونهم..ويعقدون معهم المفاوضات التي تدور في حلقات مفرغة وتستمر عشرات السنين .. لتعود من حيث بدأت !@! فكأن اليهود استثمروا خبرتهم في التيه ..في إدخال الفلسطينيين – فتح ومن معها] في دوامة المفاوضات !!

... على أية حال ..المنطق والملاحظة ..تقولان إنه من غير المنطقي ولا المعقول ..أن تؤول حركات قامت لتحرير فلسطين ..إلى مجرد حراس وجواسيس للعدو ..وخدم له يزيحون عنه أعباء ومسؤوليات إدارة الأراضي المحتلة وساكنيها.. بينما احتلالهم قائم .. يجوسون حيث يشاؤون ..ويعتقلون ويقتلون ويهدمون ..ويعربدون هم ومستوطنوهم .. في كل فلسطين .. ولا تملك السلطة أن تمنعهم من شيء..! ولا أن ترفع يدها في وجوههم!

.. لا نملك ألا أن ( نشغل عقولنا) ونفكر بالتفكير الواعي ( على طريقة مالك بن نبي- مثلا) ..ونقول إن اليهود والدوائر الاستعمارية ترصد كل شيء ..وتجهز له البدائل المناسبة والمقبولة .. وتساير المشاعر – أحيانا - ..وتعمل على أسس علمية دقيقة

.. فقد شغلتنا سنين .. بحكام انقلابيين ثوريين ..أوغيرهم .. يرفعون الشعارات والهتافات ..ويتحمس الناس ويطربون.. ثم تكون النتائج مأساوية ..من صنف [ خزي سنة 1967] !

.. وبالتأكيد ..فإن دوائر الاستخبارات [ والشمامين ] عرفوا بسعي بعض الشباب الفلسطيني لتكوين حركات تحرر .. ف[ عملوا اللازم] لاختراق تلك الحركات- وربما سبقها ومسابقتها والمزايدة عليها ..إلخ! ..وحرفهاعن مسارها ..واستغلال الظروف ..والتدرج الذي حصل فحول أكبر فصيل مقاتل ..إلى أكبر داعم وحارس وحليف للاحتلال ..يجثم على صدر الشعب الفلسطيني ..فيمنعه من الحركة ومن العمل لتحرير نفسه ..ويرصد أي تحرك أو تجمع أو سلاح أو مقاوم( حتى لوكان من فتح وكتائبها المرحومة : كتائب الأقصى!!)..فيعتقله و يقتله [ تحت التعذيب أحيانا !كما حصل للشيخ البرغوثي وغيره!] ..أو يسلمه لليهود! .. حتى الانتفاضات ..تعهد بمنعها !

.. بقي أن نذكر أنه أيام العمل الفدائي .. والذي كان أكثره يدخل من الأردن [ ولم تنفذ ولا عملية واحدة من الحدود السورية! – مع وعورتها ومناسبتها - للعمليات الفدائية - أكثر من غيرها!] .. وكان معظم الداخلين يُقتلون أو يعتقلون .. لأنه غالبا ما كان يُدس معهم جاسوس .. يخبر اليهود فيقبضون عليهم أو يهاجمونهم!

.. أرأيتم أننا – لا نجني العنب من الشوك بل العكس  نجني الشوك من العنب .. فيتحول النصر إلى هزيمة مذلة واعتراف للعدو بما لم يكن يحلم به ..!

..وتتحول الحركة الفدائية الكبرى التي عُلقت عليها الآمال حينا من الزمن ..إلى [ حراس وخدم للعدو ] ولا يستطيعون أن يقولوا غير ذلك .. مهما حاولوا أو كابروا !!

.. أعان الله أمتنا على ما جرى وما سيجري ..! مما لا يعلمه إلا الله !!

.. فما زال أمامنا أهوال ومصاعب ..وما زال الأعداء يصعدون مؤامراتهم ويعقدونها ويعممونها .. " ومكروا مكرهم ..! وعند الله مكرهم..! وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال "..

.. وقد لا يكون لنا قِبَلٌ بذلك .. ولكن ..

" ومكروا مكراً ..ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون..! فانظر كيف كان عاقبة مكرهم.. : أنا دمرناهم وقومهم أجمعين"..

 ..والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..

لا ل[ داعش]..! و[لا- أكبر] لأمريكا والمعتدين !:

أمريكا جاهدة في أن تضع المنطقة كلها [ تحت نير حليفتها وربيبتها : الدولة الصهيونية ] ..!

 ..وكانت تحاول وتدبر .. لتضخيم [ الخطر الإيراني] ..وتسهل له التغول والسيطرة – كما في سوريا والعراق واليمن والبحرين ولبنان..إلخ- ..؟    [ مقابل تسهيلاته لها في أفغانستان والعراق!] ولعل الأمر يحتاج لمزيد من الجهود الشاقة والزمن ..الذي قد لا ينتظر ..والذي قد يمتليء بالمفاجآت ..إلخ

 .. ويبدو أنها –أي أمريكا ومعسكر الكفر – استعجلت خطتها مستغلة تمدد وتمرد [ داعش ] وتقدمها ..وسوء تصرفها [المقصود] .. لتعلن تحالفا ضدها يكون  مبررا لتدخل قوى الاستعمار من جديد ..وإيران تتفرج وتترقب ..وقد أصبحت [ حليفا سريا ] للشيطان الأكبر .. ومن قبل ساعدته في السيطرة والتمكن في العراق وأفغانستان .. باعتراف قيادات إيرانية كبيرة !

.. وما زلنا عند [ مقولتنا: لو كانت أمريكا والصهيوينة في جانب ..والشيطان في جانب لكان الحق مع الشيطان !].. ولا غرابة فإذا كان الصراع بين شيطان أصغر وشيطان أكبر .. فبالطبع سيكون التعاطف مع الشيطان الأصغر ضد الأكبر – أكثر- !

وضعته عن يميني وملكت به سرّ أسرار الينبوعْ.