دار الإفتاء المصرية تزداد سقوطا

في أوحال تحريف الكلم عن مواضعه إرضاء للسلطان

شريف زايد

أكدت دار الإفتاء المصرية، جواز التعامل بشهادات الاستثمار لتمويل مشروع قناة السويس الجديدة، حيث اعتبرت أنها عقد تمويلٍ بين المشتركين والدولة، ولا تُعَدُّ بحال من الأحوال قرضًا. وأوضحت الإفتاء، أن عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك أو الهيئات أو الجمعيات العامة من جهةٍ وبين الأفراد أو المؤسسات والشركات مِن جهةٍ أخرى هي في الحقيقة عقودٌ جديدةٌ تحقق مصالح أطرافها، والذي عليه الفتوى أنه يجوز إحداثُ عقودٍ جديدةٍ مِن غير المُسَمَّاة في الفقه الموروث ما دامت خاليةً مِن الغرر والضرر، محققةً لمصالح أطرافها. وبعد أن فرغت دار الإفتاء من اللف والدوران في فتواها الهزلية تلك التي انكشفت فيها مُمالأَتُها للنظام الحاكم وتحريفها الواضح للكلم عن مواضعه، ناشدت أبناء الشعب المصري أن يرجعوا إلى الجهات المتخصصة المشهود لها عبر العصور بالوسطية في بيان الأحكام الشرعية، متمثلة في الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، بل لقد أقدمت وزارة الأوقاف على ضم مساجد الجمعية الشرعية للأوقاف ضمّاً كاملا لأن أحد خطبائها قال في خطبة الجمعة الماضية بأن تلك الشهادات حرام وربا فاحش.

ولو استجاب أبناء الشعب المصري لتلك المناشدة لوجدوا العجب العجاب، فالأزهر ودار الإفتاء وعلماؤهما ولوقت قريب جدا يفتون بخلاف ما عليه تلك الفتوى الملفقة:

1. فتوى رقم (413) للشيخ بكر الصدفي رحمه الله، مفتي الديار المصرية (ت 1919)

2. فتوى رقم (3252) للشيخ عبد المجيد سليم رحمه الله، مفتي الديار المصرية ثم شيخ الأزهر (ت 1954)

3. فتوى رقم (3178) للشيخ حسن مأمون رحمه الله، مفتي الديار المصرية ثم شيخ الأزهر (ت 1973)

4. فتوى رقم (3346) للشيخ عبد اللطيف حمزة رحمه الله، مفتي الديار المصرية (ت 1985)

5. فتوى رقم (819) للشيخ جاد الحق علي جاد الحق رحمه الله، مفتي الديار المصرية ثم شيخ الأزهر (ت 1996)

وليست القضية هنا وجود فتاوى سابقة تضرب بتلك الفتوى عرض الحائط، بل القضية هي تجرؤ هؤلاء على الفتوى بهذا الشكل، وإباحة الربا وعدم المبالاة بإعلان الحرب على الله ورسوله، في سبيل الحصول على رضا السلطان الذي لن يغني عنهم من الله شيئا.

وأما بالنسبة لما ذكروه في فتواهم من مستندات لتحليل ربا تلك الشهادات، فأمور عدة أبرزها:

1. اعتبار الدولة شخصية اعتبارية وبالتالي فالأحكام المتعلقة بها تختلف عن الشخصية الحقيقية.

2. اعتبار العقد عقد تمويل وليس قرضا.

3. اعتبار الفائدة المتفق عليها هبة من الدولة أو جائزة وليست ربا متفقا عليه.

أما بالنسبة للأمر الأول فهو محاولة لإيهام الناس أن الشخصية الاعتبارية لها أحكام خاصة وهي مستثناة من نصوص تحريم الربا، وذلك دون إيراد أي دليل على ذلك سوى بعض المماحكات.

وأما القول بأن هذا العقد عقد تمويل وهو نوع جديد من العقود لم يكن موجودا، فقول مردود، فهو لن يخرج عن كونه عقد قرض أو عقد مضاربة، فإن كان عقد قرض فكل زيادة فيه هي ربا قطعا، وإن كان مضاربة فلا يجوز تحديد قدر ثابت للأرباح يكون نسبة من رأس المال، ولا يلغي ذلك قولهم "أن الواقع المعيش قد تغير بمجموعة من العلوم الضابطة، كدراسات الجدوى وبحوث العمليات والإحصاء والمحاسبة، التي يغلب على الظن دقتها والعمل على الابتعاد عن الغرر والضرر". وأما الأمر الثالث فهو من المضحكات لأنه لا يتصور أن واحدا ممن اشترى تلك الشهادات كان دافعه لشرائها مساعدة الدولة، ولو لم تكن الفائدة على تلك الشهادات (13%) أكبر من الفائدة التي تعطيها البنوك لما فكر أحد في شرائها. فكيف يقال أن تلك الفائدة المقررة هي جائزة أو هبة من الدولة؟!.

وثالثة الأثافي ما قاله وزير الأوقاف من أن شراء صندوقي العاملين بالأزهر والأوقاف، شهادات استثمار في مشروع قناة السويس بإجمالي مبلغ 650 مليون جنيه، يعد بيانا وفتوى عملية وتطبيقية لحِل هذه الشهادات، وكأن فعل الأزهر والأوقاف أصبح دليلا شرعيا كفعل الرسول  وإقراره، ما لكم كيف تحكمون؟!.

?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ?