الإسلام أكبر ضحايا الإرهاب

إن ما حدث في فرنسا جريمة نكراء كشفت عن وحشية مرتكبيها في حق أبرياء لا ذنب لهم والذين ذهبت دماؤهم هدرا بسبب عناصر عصابة إجرامية سادية  متعطشة لسفك الدماء . وإذا كان إزهاق أرواح ضحايا أبرياء مثيرا للشفقة  والأسى عليهم ومثيرا للغضب والاشمئزاز ضد المجرمين الذين سفكوا دماءهم فإن كثيرا من الناس خصوصا غير المسلمين لا يبالون بأكبر ضحية يستهدفه إجرام الإرهابيين وهو الإسلام الذي ترتكب الفظائع باسمه  افتراء عليه ، وتنسب له عند من لا يعرف حقيقته وطبيعته المناهضة للإجرام والإرهاب والظلم والعدوان . ومن الأخطاء التي ترتكب على المستوى الإعلامي هو نسبة جماعة إرهابية للإسلام حين تنقل أخبارها فتوصف بأنها عناصر " الدولة الإسلامية " عوض ذكرها بالوصف اللائق بها وهوعصابة الإرهاب والإجرام . وهذا الوصف الإعلامي كأنه يضفي المشروعية على الإرهاب والإجرام ، وهو في نفس الوقت إساءة للإسلام ، ذلك أنه لا يعقل أن ترتكب عصابة إجرامية جرائمها ثم تدعي انتسابها لجهة بريئة منها كل البراءة . ومعلوم أن الدول الإسلامية الفعلية في العالم عبارة عن كيانات موجودة  واقعيا بجعرافيا وحدود وشعوب وحكومات  وتاريخ... واعتراف أممي ولها دساتير فيها إشارات رسمية واضحة للدين الإسلامي فلا يعقل أن تدرج ضمنها عصابة إجرامية بلا  جغرافيا ولا حدود ولا شعوب ولا حكومات ولا شرعية دولية . ومن الواضح أن الذين روجوا لتسمية الدولة الإسلامية وأطلقوها على عصابة ضالعة في الإجرام استهدفوا الإسلام بالدرجة الأولى قصد تشويه أمام الرأي العام العالمي  وقصد استعداء شعوب العالم عليه وإيهامها أن الإرهاب والإجرام من تعاليمه لمجرد أن عصابة إجرامية تدعي زورا وبهتانا أنها تنتمي إليه . ولقد كررت مرارا أن هذه العصابة الإجرامية هي صناعة مخابراتية  وجدت خصيصا من أجل تشويه الإسلام ومن أجل التمويه على  تدخلات أجنبية في بلاد الإسلام بذريعة محاربة هذه العصابة التي أضفت المشروعية على هذه التدخلات خارج إطار المواثيق القانون الدولي . فبهذه الذريعة تدخل الغربيون والإيرانيون والروس في العراق وسوريا ولكل منهم مصالح سياسية مكشوفة . وبذريعة محاربة هذه العصابة الإجرامية ارتكب النظامان الطائفيان السوري و العراقي  المدعومان بالنظام الإيراني والطوائف التابعة له حزب الله والحشد الشعبي أبشع الجرائم ضد سنة العراق وسوريا أمام مرآى ومسمع العالم . وبهذه الذريعة سكت العالم عن جرائم نظام البعث السوري وقتله للشعب السوري واستعماله الأسلحة المحرمة دوليا بما فيها الأسلحة الكيماوية التي صودر بعضها منه ، ولا زال يوميا يقصف بالبراميل المتفجرة الحارقة المدنيين العزل دون أن تصدر المنظومة الدولية قرارا يحرم استعمال هذه البراميل المتفجرة الحارقة باعتبارها سلاحا محرما  أيضا. وبذريعة محاربة هذه العصابة الإجرامية تدك طائرات القوات الغربية والروسية والصهيونية الشعبين العراقي والسوري الرافضين لنظامين طائفيين علما بأن الذي صنع هذه العصابة الإجرامية هو الغزو الغربي للعراق وزعزعة استقراره وخلق الفوضى العارمة في  المنطقة من أجل فرض واقع سياسي معين يخدم المصالح الغربية وغيرها . ومعلوم أن وجود هذه العصابة الإجرامية وما ترتكبه من فظائع باسم الإسلام  قد استغلته أنظمة شمولية كما هو الشأن في العراق وسوريا ومصر التي عرفت انقلابا مكشوفا على الشرعية والديمقراطية على مرآى  ومسمع العالم الذي لم يحرك ساكنا ولم ينتصر للشرعية والديمقراطية بل أضفى الشرعية الزائفة على الانقلاب . وتتعمد هذه الأنظمة الشمولية الخلط بين ثورات شعوبها وبين جرائم العصابة الإجرامية  التي تنتسب كذبا وزورا للإسلام الذي يتبرأ منها ويستنكر ما ترتكبه من فظائع باسمه . والطيران الروسي اليوم يقصف مواقع الجيش السوري الحر الذي يحظى بمشروعية مواجهته للنظام لدى دول العالم وعلى رأسها الدول الغربية والدول الموالية لها . ومن ذا الذي يستطيع مراقبة سلاح الجو الروسي أو القوات الإيرانية حين تقصف وتهاجم مواقع المعارضة السورية والروس والإيرانيون يعلنون صراحة أنهم يدعمون النظام السوري ؟ ولقد اختلط الحابل بالنابل والدارع بالحاسر كما يقال في سوريا والعراق وتساوى الجلاد بالضحية ، وعلى رأس الضحايا الإسلام الذي صارت شعوب العالم غير المسلمة تنسب له جرائم عصابة إجرامية ترتزق به . إن الشعوب غير الإسلامية وهي تتابع  المذبحة التي وقعت في باريس مساء الجمعة تميل نحو اتهام الإسلام مع أنه دين يتسمى باسم له صلة بالسلام ولا علاقة له بالعدوان والإجرام . ولا يبالي هؤلاء بصيحات الشعوب الإسلامية المستنكرة لهذه المذبحة ولغيرها من المذابح التي تنسب ظلما لدينها مع أن بعض هذه الشعوب تعاني من ظلم كبير كما هو الشأن في فلسطين المحتلة وفي بورما وغيرهما دون أن يلتفت إليها ضمير العالم . وعلى الدول الإسلامية والتي تنتظم ضمن هيئة منظمة المؤتمر الإسلامي أن تصدر بيانات أو قرارات  للبراءة مما تفعله العصابة الإجرامية التي تتعمد الإساءة إلى الإسلام ،كما أنه يتعين على الهيئات الدينية أن تصدر فتاوى بتجريم ما يرتكب من إرهاب باسم الإسلام وأن تحرم استعمال   نعت أو وصف العصابة الإجرامية بنعت إسلامي احتراما للدين الإسلامي وتبرئة له مما ينسب له ظلما وعدوانا . وعلى الشعوب الإسلامية أن تعبر عن غضبها ضد فظائع العصابة الإجرامية وغضبها ضد ما ينسب لدينها الحنيف ظلما وعدوانا وافتراء .

وسوم: 642