فؤادة أسقطت عتريس يا أوباما!

هوامش على جدران الانقلاب 41

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

"وفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ. فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ .فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ" ( الفجر :10 -14 ).

5 مليارات

دعا الرئيس الأميركي أوباما  إلى تخصيص 5 مليارات دولار لدعم شركاء الولايات المتحدة في القتال ضد الإرهاب في الشرق الأوسط . ويبدو أن الرئيس الأميركي لا يعلم أن الشعوب الإسلامية التي تدفع ثمن الإرهاب المزعوم باتت تعرف أن مخابرات الولايات المتحدة والدول الحليفة هي التي تصنع الإرهاب وترعاه ، وتتخذ منه قنطرة لمعاقبة الشعوب الإسلامية وقتل أبنائها الأبرياء والسيطرة على مقدراتها فضلا عن نهب ثرواتها وهو الهدف الرئيس ، ومؤخرا كشفت عملية بوكو حرام في اختطاف مجموعة من الفتيات ، ومحاكمة أبو حمزة المصري في أميركا عن اختراق المخابرات الغربية والصهيونية للجماعة والشخص من أجل تحقيق أهداف الدول الغربية وقاعدتها الصهيونية في فلسطين المحتلة .

فقراء العالم

لو كانت نوايا الرئيس أوباما إنسانية حقا لخصص المليارات الخمسة لمساعدة    الصومال وغزة وسورية ومالي ونيجبريا وأفغانستان والعراق وإفريقية الوسطى والسودان ومصر وغيرها من فقراء العالم ،ونقلهم من حياة البؤس والفاقة الى حياة تليق بالآدميين ، فيعترفوا بالجميل والامتنان للدولة الكبرى القوية في العالم .

ولو كان الرئيس أوباما جادا في محاربة الإرهاب لرفع يده عن دعم الحكام الإرهابيين في الشرق الأوسط ، ولكفّ عن التآمر على إرادة الشعوب العربية والإسلامية وتدبير الانقلابات ضدها ، ودعم الانقلابيين والتنكر للحرية والكرامة .   

 لقد تحركت أميركا والغرب من أجل البنات المخطوفات في  نيجيريا وأرسلت الطائرات والمارينز والمخابرات والخبراء ، ولكنها لم تتحرك من أجل حرق خمسة آلاف قتيل في رابعة العدوية وبقية الأماكن قتلهم الانقلابيون في يوم واحد .

ولا بد أن الرئيس الأميركي سمع عن قتل ستين ومائة ألف سوري بأحدث أسلحة الجيوش التي تملكها جيوش روسيا وإيران والصين والعراق وحزب الله ، كما سمع عن البراميل المتفجرة ذلك الاختراع النادر الذي لم يسبق له مثيل، ويحارب به الإرهابي بشار الأسد شعبه ويقتلهم بلا شفقة ولا رحمة .

إرهاب الانقلابيين

محاربة الإرهابي تقتضي من رئيس أميركا التي ترفع راية حقوق الإنسان أن تواجه إرهاب الانقلابيين في مصر ، الذين أعادواجمهورية القمع والقتل والخوف والرعب ، واعتدوا على الديمقراطية والحريات وألقوا بأكثر من أربعين ألفا من صفوة الوطن وراء الأسوار ، وحكموا بالإعدام على أكثر من ألف بريء دون أن يسمحوا لهم بالدفاع عن أنفسهم وفقا للإجراءات القانونية والحقوقية التي يكفلها الدستور !

 ومن مخبئه أعلن  ساري عسكر ترشحه ليحكم مصر رسميا وليس عرفيا، وأجرى انتخابات قاطعها معظم الشعب المصري ، ومع ذلك تؤيده حكومة الولايات المتحدة وتدعمة بآلات القمع بدءا من الغازات المسيلة للدموع حتى طائرات الأباتشي !

فؤادة تنتصر

في أدبنا المعاصر قصة شهيرة للكاتب الراحل ثروت أباظة اسمها "شيء من الخوف" ، يقوم بطلها الشرير المخيف "عتريس "، بإرغام والد فؤادة على تزويجها له بالقوة التي يحوزها متمثلة في السلاح والأعوان ، ولكن فؤادة الفتاة التي لا تملك غير إيمانها وإرادتها الحرة ، ترفض ما يمليه عليها عتريس كرها واستبدادا ، وفي بيته لا تمكنه من نفسها ، وتصر على موقفها ببطلان الزواج ولايجدي معها الترهيب أوالترغيب .وتظل صامدة حتى يثور أهل القرية على جرائم عتريس فيحرقون بيته ويقتصون منه ومن أعوانه ، ويحققون لبلدتهم الأمن والسكينة !

شيء من هذا يافخامة الرئيس أوباما حدثت مقدماته وستحدث تفصيلاته - إن شاء الله - عما قريب . لقد أجرى سارى عسكر بونابرته انتخابات هزلية ليتوج رسميا على عرش مصر ،استخدم كل قوته وجنرالاته وميليشياته وأذرعه الإعلامية والصحفية وعوالم مصر المحروسة ليهيئوا له، عرسا ديمقراطيا كما سموه، واكتملت كل العناصر المطلوبة للعرس عدا عنصر واحد ؛ وهو طوابير الناخبين الذين تكدسوا بالمئات أمام اللجان الانتخابية على مدى يومين عند انتخاب الرئيس الشرعي .

أبوس أرجلكم!

في انتخابات ساري عسكر لم تحضر الطوابير. اختفت. تلاشت. صرخ بوق انقلابي يخاطب المواطنين: أبوس أرجلكم، انزلوا واذهبوا إلى اللجان للتصويت. أم جميل أثارت النعرة الطائفية لدى النصارى، وقالت لهم: تذكروا الكنائس المحترقة والاضطهاد والقتلى وانزلوا للتصويت. أبواق أخرى شتمت الناخبين وقالت لهم : اتوكسوا ، فين الطوابير ؟ مثقفو الحظيرة وكتاب البيادة وأحذية السلطة راحوا يعظون الناس كيف تتم الوطنية بالتصويت لساري عسكربونابرته .

وعندما رأى العالم اللجان الخاوية ،وعرفوا أن يوم الإجازة المدفوعة الأجر لم يثمر شيئا ؛ مددوا يوما ثالثا ، وهددوا الناس بالغرامة والسجن، ليؤثروا على البسطاء والفقراء ، وخرج مؤذن سابق ليتهم من قاطع التصويت بالخيانة وضرورة سحب الجنسية منه، وأغرق أصحاب اللحى التايواني في خيانتهم للإسلام والوطن والكرامة فاستأجروا أربعة آلاف  ميكروباص في العاصمة لنقل الناخبين إلى اللجان عدا ما استأجروه في المدن والقرى من سيارات وتكاتك لخدمة ساري عسكر بونابرته وحفل تتويجه الباطل .. وأعلنت الكنيسة المتمردة أن الرب يسوع يؤيد ساري عسكر ، وتنافس المنافقون وأعضاء التنظيم الطليعي والحزب الوطني وعملاء أمن الدولة في تسخير المساجد لحث المواطنين وتهديدهم ، فضلا عن البلطجية الذين ركبوا سيارات نصف نقل عليها ميكروفانات تصدح بأغاني العار مثل : تسلم الأيادي وبشرة خير ، فإذا بها تذكر الشعب بمحرقة رابعة والمحارق الأخرى !

الفجر الكاذب!

وفي النهاية أعلنوا عن حضور 25 مليون مواطن ، وفوز ساري عسكر بنسبة 93% ، وأمعنوا في إهانة المرشح الإنقلابي السنيد حين منحوه نسبة 3%  قبل أن يحاكموه  أو يلقوا إليه بمنصب متواضع ، وجعلوا نسبة الأصوات الباطلة أكثر مما حصل عليه . وسخرت صحف العالم من النتيجة  ووصفتها بالفجر الكاذب فوجود مثل هذا العدد من الناخبيين كان يقتضي أن تكتظ اللجان طوال الأيام الثلاثة بالطوابير الممتدة لتنجز اللجنة الواحدة خمسين مواطنا في الساعة الواحدة، بيد أن عتريس يريد أن يتزوج فؤادة بأية وسيلة، ولكنها يافخامة الرئيس أوباما أسقطته على قارعة الطريق الدولي !

وهتف الشعب المصري زواج عتريس من فؤادة باطل ، وبكرة تشوفوا مصر !