بطرس الحفيد !

هوامش على جدران الانقلاب 39

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

" وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ" (البقرة:120).

حتمية الإبادة

فجأة أعلن وجوده . في الثانية والتسعين من عمره الطويل .عبّر عن طائفيته وانتمائه للمعلم يعقوب اللعين بمنتهي القوة والصراحة وهو الدبلوماسي العتيق الذي مارس الدبلوماسية محليا ودوليا ، فكان وزيرا للشئون الخارجية المصرية في عهد السادات وما بعده ، ثم كان أمينا عاما للأمم المتحدة ، كما كان نائبًا لرئيس الاشتراكية الدولية ، وترأس منظمة الفرانكوفونية الدولية بعد عودته من الأمم المتحدة. وصعد فوق ما يسمى المجلس الأعلى لحقوق الإنسان الذي صنعه مبارك ، وظل فوقه حتى قامت ثورة يناير 2011 ، وبعد الانقلاب أعادوه لهذا المجلس الكرتوني ليكون  الرئيس الشرفي  .. ماذا فعل الدبلوماسي المحنك ليكشف عن تعصبه الذميم وطائفيته المقيتة ، وخيانته للشعب المسلم الذي أغدق عليه المناصب والرواتب والامتيازات ؟ لقد طالب  بالقضاء على جماعة الإخوان المسلمين بأي شكل من الأشكال وبأي تضحيات يمكن أن تحدث! وسوغ طلبه العنصري النازي الفج ؛ بأن مصر لن تستقر حتى يتم القضاء على هذه الجماعة بأي شكل من الأشكال، مطالبا الدولة المصرية بالعمل على إقناع الغرب بحتمية القضاء على هذه الجماعة!

لم يكن سليل الخيانة يستطيع أن يجاهر بهذا القول قبل الانقلاب !

المسئولية القانونية

بطرس بطرس غالي ، أو بطرس الحفيد يظن أن كلامه عن الإخوان المسلمين الذين يمثلون مع مؤيديهم وبقية الإسلاميين أكثر من نصف الشعب المصري يعفيه من المسئولية القانونية والخلقية ، وهذا ظن آثم ، لأنه سيأتي اليوم الذي يحاسب فيه على هذا التصريح العنصري النازي  المجرم ، وإذا كان إبراهيم الورداني النصراني نفذ القانون بيده وحاسب جده الخائن بطرس غالي باشا نيروز الذي انحاز للإنجليز الغزاة ، ومدّد امتياز قناة السويس حين كان رئيسا للوزراء ، وقمع الشعب المصري بكل قوة وفرض قانون المطبوعات ، وحكم  بإعدام الفلاحين الفقراء في دنشواي لحساب الاحتلال ، فإن ثورة يناير ستحاسب بطرس الحفيد بالقانون وتعلمه أن إبادة الإخوان أو المسلمين عمل وحشي ومجرم وشرير يصنعه العنصريون النازيون!

نهاية الإسلام !

في العام الماضي قال طائفي شيوعي إن الإسلام سينتهي في 30 يونية موعد الانقلاب العسكري الدموي الفاشي الذي حشدت له الكنيسة في ذلك اليوم ، وأخرجت النصارى من قداس الأحد ليتظاهروا في التحرير مع جنود الأمن المركزي الذين ارتدوا ملابس مدنية ، ومعهم المرتزقة والبلطجية واليسار الموتور وتم تصويرهم بالفوتو شوب لإيهام يالعالم أن الشعب يريد إقالة الرئيس المسلم وإنهاء الديمقراطية ويطلب حكم الدبابات والطائرات !

ولكن الإسلام لم ينته يوم 30 يونية كما زعم الشيوعي النصراني ، ولم ينجح المعلم يعقوب الخائن في إنهاء الإسلام ، وإن كان قد أبدى شماتته في إبادة المعتصمين في رابعة والنهضة والفتح ورمسيس وغيرها وأرسل برقيات التهاني والتأييد للقتلة . وفي زيارته للكعبة الجديدة لدى الفيلد ماريشال ضاحي خلفان الأب الروحي للانقلابيين في القاهرة وبنغازي واليمن ومالي ، قال تواضروس : إن موقف الكنيسة من عزل الرئيس المسلم محمد مرسى كان موقفا معبرا عن نبض الشارع!!. وزعم أن العام الذى حكم فيه تنظيم الإخوان المسلمين ( لم يشر إلى أن الشعب انتخبهم في انتخابات ديمقراطية شفافة ) صهر جميع المصريين فى بوتقة واحدة, خوفا من محاولات سرقة الوطن!!وهكذا فالمتآمر على الديمقراطية والرئيس المسلم يرى أن المسلمين يسرقون وطنهم الذي ينازعهم ملكيته .

البلاء المشين !

 بطرس الصليبي الحفيد يطلق تصريح الإبادة وهو سعيد بانتصار الكنيسة وتوليها  الحكم الفعلي لمصر ، فقادة الانقلاب العسكري الدموي الفاشي لايمكن أن ينفذوا قرارا أو يتخذوا موقفا لا ترضى عنه الكنيسة ، بعد أن أبلى الانقلاب بلاء مشينا في استئصال الإسلام وذبح المسلمين وإلقائهم بالآلاف في أعماق السجون والمعتقلات وحكم على المئات منهم بالإعدام وسنوات سجن طويلة ثم طاردهم في أعمالهم ووظائفهم وسلب اموالهم وأمم مدارسهم وجمعياتهم وعمّر المنافي بالمئات الذين لا يستطيعون العيش في وطنهم .

تأمل مثلا ما أعلنه القمص مينا بطرس، المتحدث باسم الكنيسة القبطية بالأقصر أنه لم يكن للكنيسة القبطية أي دور في التاريخ كما هو الآن في عهد قائد الانقلاب.وأنه لم يشعر بقيمته كقبطي مصري إلا في عهده. ثم وصفه بأنه يشبه أبو الهول، وأن وجهه حجري يستطيع أن يبني كما بنى أجدادنا الأهرامات!

انتصار كنسي

بطرس الصليبي الحفيد يتكلم عن إبادة الإخوان المسلمين في جو انتصار كنسي واضح أطاح بالإسلام في مصر ، كما انتصر فرديناند وإيزابيلا في غرناطة على آخر ملوك بني الأحمر وأخرجوا المسلمين من الأندلس بعد مذابح صليبية وحشية لم يسبق مثلها في التاريخ .. يحق لبطرس الصليبي الحفيد أن يطالب الآن بالإبادة ؛ فقد شهد مذابح البوسنة التي قام بها بنو جلدته الصرب ولم يتحرك بل لم يتكلم أو يصدر بيانا يدين مذبحة سبريتستا أو مذابح سراييفو مثلا ، كان أمينا للأم المتحدة الصليبية ولم يكن المسلمون بحسبانه فقد كانوا عبئا يجب التخلص منه ، وهو ما عبر عنه بالنسبة  لإبادة الإخوان . لقد سكت عن مذابح المسلمين في الهند والفلبين والشيشان والجزائر وإريتريا ولم ينطق بل سوّغ المذابح وأعفي مرتكبيها من المسئولية بحجة أنهم الدول الكبرى .

حكم التاريخ

مشكلة بطرس ويعقوب والخونة أنهم يظنون أن اعتمادهم على الغرب الصليبي المتوحش وأدواته المحلية سيحقق لهم إبادة المسلمين وليس الإخوان وحدهم ! يذكر التاريخ أن زوجة بطرس اليهودية " ليا نادلر" كانت أول من حصل على تأشيرة دخول إلى الكيان الصهيوني على ورقة بيضاء وقع عليها مجرم الحرب موشيه ديان في أول زيارة له إلى القاهرة بعد الاستسلام ، ويذكر التاريخ أن الشعب المصري ما زال يرفض احتلال اليهود لفلسطين ، وأنه سيحررها بفضل الله بعد أن يتحرر من أعداء الإسلام والإنسانية ، وعلى شباب الثورة أن يوثق جرائم الخونة في كل المجالات.