داعش اللغز

د. حامد بن أحمد الرفاعي

ما يسمى (دولة الإسلام في العراق والشام - داعش) هي اليوم موضع تساؤلات كثيرة..من أبرزها:ما هو سر تأثير داعش في عقول الأجيال و ضمائرهم وتوجيه سلوكهم..؟وذهب البعض في حَيرته مع هذا التساؤل إلى ما يثير الضحك فقال:أن منهم سحرةً يُفرقون بين المرء وزوجه وبين الولد وأمه وأبيه!!!..ويزينون للمرء ليفعل وينفذ ما يريدون من دون تردد ..!!! أحقاً هم كذلك ..؟أم ماذا..؟بكل تأكيد هم ليسوا كذلك على مثل هذا التوهم في التأثير والجاذبية..وما هم بسحرة وإن كانوا أحقر وأكفر من السحرة..وبعد تأمل لحالتهم وحالات مماثلة تاريخية ومعاصرة..وجدت أن القاسم المشترك بين أتباع مثل هذه الحالات هو توهمهم بأنهم الأخلص لله تعالى..فالخوارج رفعوا شعار:"إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ"لاعتقادهم أنهم الأخلص لله في اتباع أحكامه..وجُهيمان وأتباعُه أعلنوا أنهم أتباع المهدي المنتظر..وتسلّحوا واستعدوا للدفاع عنه ومقاتلة من لا يؤمن به..واستباحوا قدسية الحرم المكي الشريف فاحتلوه وسفكوا دماء المسلمين في رحابه والله تعالى يقول:"وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا"واليوم داعش ترفع شعار(إقامة دولة الإسلام وإحياء الخلافة) وأنهم قادمون لتحرير المسلمين من ظلم وجور دول الكفر والضلال المحتلة لبلدانهم على حد زعمهم وبهتانهم..وقد مهدت لهذا الاعتقاد الشرير الأحمق وعلى مدار عقود عديدة..تياراتٌ إسلامية تؤمن افتراء وبهتاناً بأن لا وجود اليوم لدولة الإسلام في الأرض..وأنها غابت واندثرت مع سقوط الخلافة العثمانية..؟؟؟!!! وروجوا لاعتقاد مختل ألا وهو:"أن دول وحكومات بلدان المسلمين اليوم ساقطة الشرعية على الإطلاق ينبغي تغييرها وإقامة دولة الإسلام الشرعية من جديد"ونظّروا لمصطلح(الجاهلية المعاصرة) وأن القتال أصبح فرض عين لإقامة دولة الإسلام الغائبة..وتنبه الغرب لمثل هذه التوجهات الحمقاء في أوساط المسلمين..وأخذت مراكز البحوث في العالم وعلى الأخص في أمريكا وأوروبا تدرس هذه التوجهات وتحللها..من أجل إمكانية توظيفها لمحاربة الإسلام ورسالته الربانية الإنسانية..ولاستخدامها منهجية فاعلة لذبح المسلمين بأيد المسلمين وتدمير بلدانهم  طواعية وتعبداً لله..فصنعوا داعش لهذه الغاية الخبيثة بعناية ومهارة فائقة..وخلال فترة وجيزة جعلوا منها القوة التي لا تقهر وأنها اللاعب الذي لا يستغنى عنها في ضبط موازين القوى بين الجهات المتصارعة في منطقة الشرق الأوسط..؟؟؟!!!وَفُتِنَ بعضُ شباب المسلمين وعلى الأخص أولئك الذين نُشِّئوا وَرُبّوا على ثقافة واعتقاد غياب دولة الإسلام من الأرض..فهبوا طواعية لنصرة داعش وأخواتها..باعتبارها تعمل على تحقيق أضغاث أحلامهم وما استقر زوراً وبهتاناً في أذهانهن..فبايعها البعض عن بعد..وتطوع آخرون لينفذوا عمليات انتحارية باسمها في كثير من البلدان..حيث تسارع داعش إلى تبني جرائمهم ونسبتها لتنظيمها..وذلك لتبرهن للناس أنَّ ذراعها طويلة وقادرة على التنفيذ أينما تشاء وكيفما تشاء..وهكذا ازداد افتتان شباب المسلمين بداعش لتوهمهم أنها لم تكتسب هذه الدرجة من القوة والفاعلية إلا لإخلاصها لدين الله وسعيها لاستعادة إقامة دولة الإسلام..أجل هذه هي اللعبة الشطرنجية الماهرة الماكرة الخبيثة المدمرة التي صنعت داعش وأخواتها وألبستهم كذباً وزوراً عمائم مهمة وغاية جليلة لها قدسية في قلوب المسلمين ألا وهي:إقامة دولة الإسلام ..؟؟؟!!!أجل إن تبني هذه الغاية القدسية المزعومة هي سر افتتان بعض المسلمين بداعش..وليس كما يتوهم البعض أنه بسبب ما لديهم من مهارات دعوية وأساليب خارقة في حشد الناس وكسب ولاءاتهم..أجل بهذه الأكذوبة الشطرنجية الماكرة نجح الغرب في تجنيد المسلمين ليذبحوا المسلمين بأيدي المسلمين..وليدمروا بلاد المسلمين ويدنسوا مقدسات المسلمين بأيدي المسلمين طواعية وتعبداً وتقرباً إلى االله سبحانه..وبعد هل من ضلالة أشد خطراً من هذه الضلالة..؟وهل عرف التاريخ حماقة تنافس جرائم مثل هذه الحماقات..؟حسبنا الله ونعم الوكيل.

وسوم: العدد 681