رئيس الحكومة ووزير التعليم: "الجرم المشهود" بطريقة مصالح مركزية لوزارة التربية الوطنية

رئيس الحكومة ووزير التعليم

clip_image001_275f2.jpg

تحدث ليلة السبت الماضي في لقاء تلفزي مباشر وخاص على القناتين الأولى والثانية المغربيتين سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، وقال أنه تم اعتقال عدد من المشتبه فيهم في ملفات فساد مالي، ويجب ان يعاقبوا في إطار القانون، وأن المشاكل التي تعيق قطاع التربية الوطنية هي تعمد كل وزير الاستغناء عن الرؤية التي اعتمدتها الحكومة السابقة. لكن يرى متتبعون أن الواقع هو عدم قدرة وجرأة كل وزير تحمل مسؤولية المنظومة التربوية على محاسبة ومساءلة المفسدين الحقيقيين وإحالتهم على القضاء، بدل جعل رؤساء أقسام ورؤساء مصالح مشجبا يعلقون عليه فشلهم وخروقات واختلالات البرنامج الاستعجالي.

وقد استخدم بعض المسؤولين المركزيين بوزارة التربية الوطنية منذ بداية شهر يناير 2016 اتجاه مجموعة من مسؤوليين جهويين واقليميين  سلوكا غير قانوني ولا مهني ولا أخلاقي تحت عنوان « العصا لمن يعصى» ليطلقون أيديهم  للهجوم عليهم، ومضى ما يزيد على السنة على صدور أمر «العصا لمن يعصى» الذي أثار نقاشات عديدة داخل المصالح المركزية، كما في خارجها دارت نقاشات كثيرة حول ذلك أيضا. فمجمل التعليقات تفيد أن بعد مسرحية توزيع مناصب الاكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية، ولكونهم لم يفلحوا في ترويض عدد كبير من رؤساء الأقسام ورؤساء المصالح لصالح الأغراض الشخصية الضيقة، لجأوا إلى استخدام هذا التعبير ليكشروا عن أنيابهم أمام هؤلاء الرؤساء، ويدعون كذبا بتلفيقهم التهم قبل أن تثبت في حقهم.

وفيما يخص ما يسمى بـ «الجرم المشهود» الذي عرفه القطاع، ينبغي الإيضاح أن هذا المصطلح هو مصطلح جزائي ورد في قوانين الجزاء وكتب حقوق الجزاء. انه باختصار كلما ارتكب شخص من مخالفة للقانون على المرأى العام وأمام أعين كبار البلد وسلطاته العليا وسياسيوه وحقوقيوه و جمعيات حماية المال العام.

والجرم المشهود له أشكال متنوعة منها ما يحصل من عمل إجرامي أمام أعين السلطات التشريعية والقضائية مما يتطلب عملا سريعا ولا حاجة إلى تعقيد الإجراءات والتدابير والالتواء على الآخرين. ولهذا السبب فان صلاحيات رئيس الحكومة ووزير القطاع هو الكشف وملاحقة الجريمة التربوية وتبذير ملايير البرنامج الاستعجالي، ومنع إفلات المتهمين في الجرائم المشهودة والجرائم غير المشهودة في قطاع التعليم الذين يرون أنفسهم مشرعين، ومنفذي القوانين بطريقتهم الخاصة، وكذلك كقضاة يحكمون على أصحاب "العصا لمن يعصى"  كما يشاءون.

والسؤال الأساسي هو لماذا تحصل مشاكل تعيق قطاع التعليم، ولم يتخذ الوزير الذي ارتكب "الجرم المشهود" في ولايته، وكذلك بقية السلطات المختصة الحاضرة خلال هذه الولاية، أي خطوة في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، ويبقى المسؤولون الحقيقيون عن إعاقة مجال التربية الوطنية وإفلاسه محميين بـ «رجال قانونهم وسلطتهم» حتى يرغم الغيورون على القطاع ومصلحة البلاد على الصمت، والانكماش في مكاتب بدون مهام حقيقية ومؤثرة في التسيير والتدبير؟

إن الإجابة الحقيقية، وبعيدا عن كل "التزويقات والتمويهات"، هي أن هؤلاء هم حركة منظمة، تتبادل المصالح فيما بينها، ولا تقبل الانضمام إليها إلا لمن يسبح لها وفي فلكها.

ولكن الواقع الذي لا يقبل الكتمان، هو أن الجرائم المشهودة ترتكب منذ سنين، وفي كل أيام فترة البرنامج الاستعجالي، وبأمر من بعض المسؤولين المركزيين وقادة القطاع جهويا وإقليميا : التلاعب في ملايير البرنامج الاستعجالي، تفويت العقارات، صرف حوالات – بملايين السنتيمات - لمن سبق عزلهم، إرجاع  المحظوظين من المعزولين دون التقيد بالقانون، أشباح،...، وعشرات الحالات الأخرى "للجريمة المشهودة" ولكن لا يرفع أي صوت للفضح ولا للمطالبة بالقصاص من قبل البرلمانيين والحقوقيين والنقابيين إلا نادرا.

نعم، يقولون هذا هو منطق التاريخ، كل من يزرع الريح يحصد العاصفة. رئيس الحكومة ووزير التعليم يجب أن ينتظروا يوما ينفلت فيه القطاع بكافة أطره وتلاميذته وجمعيات أباء وأمهات وأولياء التلاميذ، وسيصعب حين ذاك استدراك الوضع.

نعم، يقولون كذلك، إن كان 90 من رؤساء الأقسام ورؤساء المصالح متهمون بفساد البرنامج الاستعجالي كما يدعي المفتش العام، فما على الوزير إلا أن يحيل ملفاتهم على النيابة العامة، وأن لا يكتفي بعدم "تثبيتهم" في مناصبهم كمثل زملاء لهم، بل هناك من يدعو إلى تشكيل لجنة خارجة عن القطاع من أناس مشهود لهم بالصدق وعدم التبعية ومجالسة كل رئيس من الرؤساء للتحقيق معه وتقصي الحقيقة، والاطلاع على التقارير المطبوخة والمحررة "تحت الطلب"، وليطمئن الوزير أنه سيفاجأ بالفاسد وغير الفاسد، ومن يعطى له الجزاء على قدر عمله.

الرباطي محمد

وسوم: العدد 727