برقية مُستعجَلة

عمر بهاء الدين الأميري

عمر بهاء الدين الأميري

مكة المكرمة: في 21 شوال 1408

نشرت «الشرق الأوسط» في أعلى صفحاتها الأولى من العدد (3475) المؤرخ في 19 شوال 1408ه - 3/6/1988م بعنوان كبير على طول الصفحة ما يلي:

«عملية جريئة أمام الكنيسة تنفذها فتاة فلسطينية عمرها 17 عامًا.. – الفدائية أشهرت مسدسها وأفرغتها على رجل (كاهانا)..»:

وخلاصة الخبر أن فتاة من القدس أطلقت النار على واحد من غلاة اليهود الصهاينة، (إليعازار) من جماعة الإرهابي (كاهانا)، وهو طالب في الثامنة عشرة يُدرِّس في معهد (أليشيفا التلمودي).. وأضافت الجريدة ما ملخصه:

وجاءت العملية الفدائية بعد ساعات قليلة من تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق شامير ضد قادة «الانتفاضة» بأن إسرائيل قادرة على قطع كل يد تمتد للنيل من الدولة اليهودية..

ومن ناحية أخرى نقلت وكالات الأنباء تقارير جديدة عن الممارسات الوحشية التي يرتكبها الجنود الإسرائيليون؛ تقول التقارير الصادرة عن «حركة حقوق المواطنين» الإسرائيلية أن جنود الجيش أخذوا أحد السكان وربطوه ثم وضعوه داخل حفرة فوق جبل وراحوا يرجمونه لساعتين..! وقد رصد مراسل (الأسوشييتد برس) وجود بقع دم جاف في الحفرة بعد أيام من الواقعة..! كما ذكر أن جنود الاحتلال تركوا صبيًا في الخامسة عشرة من عمره ينزف حتى الموت..! كما وضع الجنود رجلا مسنا في السبعين من العمر داخل بئر في حديقة منزله وأغلقوا فوقه غطاء البئر ثم انصرفوا..!

برقية مستعجَلة

اسمعوها... اسمعوا:

برقية مستعجلة ْ...

من فلسطين.. من القدس ِ...

بدارًا مُرسلة ْ

عبر سمع الدهر ِ...

بالحق.. تعالى صوتها،

صادقاً،

يشرح للدنيا...

صميم «المشكلة ْ»:

من فتاة السِّلم...

من قوم الهدى والندى

- تاريخهم ما أنبله -

صاحت البنتُ بمن همّ بها:

ابتعدوا عنّيَ...

يا.. يا سَفِلة ْ...

أنا لم أقتل «إليعازار»

لا.. ألف لا...

بل أنتم يا قتلة!!

أكدتْ في ثقة.. جازمة:

-  دون لبس -

وانبرتْ مسترسلة ْ...

أنا لم أقتلهُ.. كلا...

إنما شعبُ «صهيون»...

«كهانا» قتلهْ..!!

سلوا تقاريركم

عمّا جنتْ يدكم:

هتكاً.. وفتكاً.. وإزهاقاً.. وتنكيلا ً

عن التحدي...

عن استفزازكم صلفاً للناس ِ

قد كبِّلوا بالغشم ِ تكبيلا...

حتى إذا أنَّ منهم مثخنٌ ألماً...

أسْكتمُ صوتهُ...

خنقاً.. وتقتيلا...

ألستمُ شرَّ من تسعى بهِ قدمٌ

في الأرض..!؟

زوراً.. وبهتاناً.. وتضليلا؟!

ألستمُ أنتمُ في ظلِّ دولتكمْ..

وظلمكم.. والخنا..

أنشأتمُ الجيلا؟!

فشبّ

والثأرُ في أعماقه حُرَقٌ

كالأسْدِ

قد حرّقوا من حولها الغيلا!!

أنتم قتلتم «إليعازار»

لستُ أنا..!

أنا ابنة ُ «الرحمة المهداة» تنزيلا...

«مسدّسي»

أنتمُ أودعتموه يدي،

مسدّساً نحو «إليعازار»

فاغتيلا...!!

لا تسألونيَ عن أمري وأمركمُ

بل اسألوا الوحيَ...

توراة ً.. وإنجيلا...