المخبر ... وجريمة الغراب

شعر: داود معلا

يرتعش الباب وجوف الليل يشتد

على الأبواب

وفي السرير يرقد الغلام ..

ويقرع الباب وصوت مثل صوت البوم

والغراب

يشتد قرع الباب ..

لا تفتحي يا جدتي ..

لكنني ..فتحت ...

نظرت في الأحداق

نظرت في عيونهم ..

شيئاً من البصاق

ووقفت تنظر من بعيد

أصابع النفاق .. تقدم الصلاة للعبيد

    ***

وهكذا يرتفع الستار

وتبدأ القصة من جديد

    ***

لم يجدوا شيئاً سوى هذا الكتاب

وغادروا مثل الكلاب ..

.. هذا الكتاب ... ؟

يكفي بأنه طريقنا .. للحرب والسلام

وأنه الأمان والإيمان

وأنت يكفيك بأن الخزي فيك

فأنت في كل يد تلوثت شريك

    ***

لو كنت يوماً حفنة من طين ، من تراب

وجئت يوماً تسأل الأيام

عن مدارها .. وتسأل السحاب

عن موكب النصر إذا طاف به

وعانق التراب

واهتزت الأرض من الفرحة

بالنصر على أيلول

ولبست ثيابها الحقول

فربما تروي لك الحقول عن خصابها

وكيف مات البوم مغشياً على ترابها

وانتحر الغراب

    ***

ويسقط الرعب على الجدار

يسأل عن مشانق

منصوبة ... ونار

وأنت تبدو من خلال الرعب

كالسعال

تبدو بلا قلب بلا وجه

بلا انفعال

تسألك النساء والأطفال

يسألك السؤال

من أنت ...؟

يا محملقاً ... في الليل والنهار

من أنت يا ... يا بائع الأسرار ..

من أنت من تكون

حنجرة مليئة ... بالشك والظنون

لو كنت يوماً حفنة

من طين .. من تراب

تسير في شوارع الماضي .. بلا ركاب

تحمل فوق رأسك الكبير

جثة هابيل ..

وتمشي .. تائهاً في الغاب

تبحث عن غراب ..

عن قاتل يريك كيف يلتقي التراب

بالتراب

    ***

ماذا ترى لو خانك الزمان

ما وأنت هارب

تبحث في الأيام عن مكان

فلست في ترابنا الطهور

ترابنا من نور

ترابنا من نار ... من معدن الماس

من المحار..

وأنت من هناك ..

من موطن الدمار

من بلد الأقزام والصغار

من بلد اليضرب فيه الناس بالنعال

وتطرد الرجال من بلادها

وتحرم النساء من أولادها

ويسحق الأطفال

وأنت ما تزال

تمضغ ما قيل ... وما يقال

وفي بلاد الكفر والضلال

ترفل في ثيابها الكلاب

يا بوم ... يا غراب

    ***

إن لنا ... نواة

عريقة ... قوية الحياة

تكبر ألف مرة في اليوم

تسقى بماء الصوم

والصلاة

وهكذا ... ينتشر الضياء

ويعتلي مكانه ... السواك

وأنت ... أنت لم تزل هناك

مسمراً .. مقيداً ..

برعشة الموت .. بلا حراك

وفجأة .. تدور عيناك إلى اليمين

وإلى الشمال

وترتمي ... كربطة من قنب

أصابها الهزال

وتنتهي ممداً .. تحت التراب

جيفة .

كومة عظم .. في الثرى

سخيفة ...