فنجان قهوة على العلاّقة!

(كما وصلت مترجمة من التركية)

في مدينة البندقية وفي ناحية من نواحيها النائية، كنا نحتسي قهوتنا في أحد المقاهي.

فجلس إلى جانبنا شخص وصاح على النادل (الخادم): اثنان قهوة من فضلك، واحد منهما على العلاقة، فأحضر النادل له فنجان قهوة وشربه صاحبنا، لكنه دفع ثمن فنجانين، وعندما خرج الرجل قام النادل بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها: فنجان قهوة واحد.

وبعده دخل شخصان وطلبا ثلاث فناجين قهوة واحد منها على العلاقة، فأحضر النادل لهما فنجانين فشرباهما، ودفعا ثمن ثلاثة فناجين وخرجا، فما كان من النادل إلا أن قام بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها فنجان قهوة واحد.

وعلى ما يبدو أن الأمر قد دام طوال النهار.

وفي مرة دخلنا لاحتساء فنجان قهوة، فدخل شخص يبدو عليه الفقر، فقال للنادل: فنجان قهوة من العلاّقة !

أحضر له النادل فنجان قهوة، فشربه وخرج من غير أن يدفع ثمنه !

ذهب النادل إلى الحائط وأنزل منه واحدة من الأوراق المعلقة، ورماها في سلة المهملات.

هذه الحادثة أمام أعيننا جعلتها تبتل بالدموع لهذا التصرف المؤثر من سكان هذه المدينة والتي تعكس واحدة من أرقى أنواع التعاون الإنساني.

ولكن يجب علينا أن لانحصر هذا المثال الجميل بفنجان قهوة وحسب، ولو أنه يعكس لنا أهمية القهوة عند الناس هؤلاء.

فما أجمل أن نجد من يفكر بأن هناك أناساً يحبون شرب القهوة ولا يملكون ثمنها. ونرى النادل يقوم بدور الوسيط بينهما بسعادة بالغة وبوجه طلق باسم.

ونرى المحتاج يدخل المقهى وبدون أن يسأل هل لي بفنجان قهوة بالمجان، فينظر إلى الحائط ويطلب فنجانه ومن دون أن يعرف من تبرع به، فيحتسيه بكل سرور، حتى كأن هذا الحائط في المقهى يمثل زاوية لها مكان خاص في قلوب سكان تلك المدينة.

                                  النهاية

وسوم: العدد 846