كابوس ثلاسيميا

الشخصيات :

خلفان ووالده وأبوه وجده وعمه وابنة عمه .وأولاد الجيران سالم وعمران وراشد والطبيب زايد في مستشفى العين .

المسرحية في مشهدين :

المشهد الأول

   تفتح الستارة عن مجلس يضم والد خلفان وجده وعمه، وكانوا يتشاورون في قضية زواج خلفان المصاب بمرض الثلاسيميا من ابنة عمه، وكانوا بين مؤيد ومعارض :

 - والد خلفان أنا لا ألوم أخي حين رفض أن يزوج ابنته من خلفان، لأن الأمر يتعلق بمصير ابنته أحب الناس إليه، فالبنت لديه أمانة وعليه كما قال حمايتها من خطر يهدد مستقبل حياتها، فالمرض عويص، وإن أقدم صاحبه على الزواج فلن ينجب ولدا، والمرض له مضاعفاته : التهابات، وضعف المناعة، وتضخم في الكبد والطحال، وانتفاخ الجمجمة و... ، ويحتاج إلى نقل دم طوال الحياة .

   وسكت قليلا ثم قال :

- والأشد من ذلك كله أنه مرض وراثي ينتهي بالموت غالبا

-الجد ما هذا المنطق؟ إنه هلوسة، والقدر لانعرفه والله سبحانه لم يعط علمه لأحد، وهو قادر على أن يشفي المرضى، ويرزق العقيم أليست ولادة يحيى للنبي زكريا عبرة للمعتبر ؟

-العم : ولكن الله سبحانه طالبنا بالأخذ بالأسباب، وقد أثبت العلم خطر هذا المرض فلم نتغافل عن ذلك ؟

- والد خلفان لأبيه :

-الحق كل الحق فيما يقوله أخي، ولهذا لن أتقدم لخطبة ابنة أخي لابني .

-الجد : هل كل مريض به يمتنع عن الزواج ؟ الولد كالوردة، وهو لايزال في مقتبل عمره فلم تتوهمون وتقررون ؟ ليس به شحوب كما يقول الأطباء عن هذا المرض .

-الأب : لأننا ننقل إليه الدم باستمرار، وقد يحتاج إلى عملية زرع نخاع جديدة، وهي عملية باهظة الثمن ، ونسبة الوفاة فيها لازالت مرتفعة .

-العم :الأمر يا أبت يتعلق بهشاشة العظام ، والمريض قد ينقل خطره إلى ذريته .

-الجد : وما هشاشة العظام هذه ؟

-مرض يصيب العظام ويجعلها تتآكل .

-وهل تآكلت عظام خلفان، سخافة، الله يحيي العظام وهي رميم .

-صدق الله العظيم، ولكن الآية عن إحياء العظام في الآخرة، أما في الدنيا فالله سبحانه أمرنا بالحذر في حياتنا وألا نلقي بأنفسنا وأولادنا إلى التهلكة وقال سبحانه " وخذوا حذركم " وهشاشة العظام تجعل الشاب مقعدا في مقتبل عمره .

-المستقبل لايعلمه إلا الله وهو وحده علام الغيوب .

-ألا ترى خلفان متعبا ولا يستطيع مواصلة السير مثلنا، إنه كالعجوز .

-علمتم أولادكم على الترف وعدم السير، وعلى الاعتماد على السيارات، هذا آخر زمان، الناس فيه بطرت معيشتهم، سيارات، أكل في المطاعم هذا ماخرّب أجسامهم .

-الأب : لنترك هذا الحديث فإني أسمع وقْع خطواته .

-خلفان : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا عمي، ويقبل جده ويقول له أنا مشتاق إليك ياجدي الحبيب ، ثم يلتفت إلى عمه ويقول كيف أنتم ياعم .

-الأب:هل سررت يابني مع أولاد الجيران في الوليمة ؟

-الحمد لله ياأبت .

-أولاد الجيران سالم وراشد وعمران صالحون .

ويتابع :

-ماذا فعلتم في هذه الرحلة ؟

-الجد : هل تعبت في هذه الرحلة ؟

خلفان : الصدق ياجدي أني تعبت ،ونزف أنفي، والحمد لله أن كان معي راشد فقد اتصل بالدكتور زايد أستاذه في الطب فسأله عن العلاج فطلب منه أن يأخذني إلى أقرب مستشفى .

-إيه

-وذهبنا .

-إيه

-وهناك فحصوا دمي .

-إيه

-وأخبروني أن النتيجة ستظهر غدا

- سأذهب معك لأخذ النتيجة

-لاداعي لأن نذهب فراشد طالب في كلية الطب في جامعة العين، ويعرف المستشفى وسيحضر لي النتيجة.

-بارك الله به وشفاك ياخلفان .

   وتابع: ليتك لم تذهب إلى الوليمة، ألم تر ياخلفان أنك تنزف عند أقل مجهود وحرارة ؟

-الجد : هذا يحصل لكثيرين عند تعرضهم للحرارة ، لاتخف ياخلفان .

-أنت الوحيد الذي تطمئنني، والجميع أرى قلقهم الشديد، وخوفهم عندما أتعب .

-لاتخف فهم موسوسون .

-الأب : لم أكن أرغب في هذه الرحلة، لكنني لم أرغب في منعه، هو شاب ورفاقه صالحون .

-الجد : زوّجه يترك هذه الرحلات .

-خلفان : سلم الله فمك ياجدي، ابنة عمي جاهزة ولكن أبي لا يريد أن أتزوج الآن .

-العم : ابنة عمك ...

ويرن الهاتف ويقول خلفان : هذا راشد يتصل بي .

- العم : عندي موعد ضروري ، لقد تأخرت ، السلام عليكم .

    ويخرج العم .

-الأب : خيرا إن شاء الله .

   راشد يودع عمه بسرعة ثم يرد على الهاتف:

- كيف حالك ياخلفان ؟

-الحمد لله ؟ هل ظهرت النتيجة ؟

-نعم وغداً يجب أن نكون في المستشفى .

-ولم ؟

-الطبيب قال إن مرضك يحتاج ...

وسكت راشد .

-خلفان : لم سكتَّ ياراشد .

-لأنني نسيت أمرا .

- ماهو ؟

-عندنا موعد مع الطبيب زايد في مستشفى الأطفال لنزور مرضى الثلاسيميا .

-وما علاقتي بأطفال مرضى الثلاسيميا ؟

-سيذهب الطلاب إلى هناك في رحلة علمية وأنا معهم طبعا، وهناك نرى الدكتور زايد وستكون رحلة ثقافية لك أيضاً، وهناك يخبرك الطبيب بنتيجة التحليل .

-حاضر. اتفقنا إن شاء الله، وإن كنت لازلت أشعر بالتعب .

-لاتتأخر عن الساعة التاسعة صباحا .

-حاضر ياسيدي راشد .

   ويضحكان .

- راشد : الموعد في مكتب الدكتور زايد في مستشفى الأطفال .

-حاضر ياسيدي، وجزاك الله خيرا .

-راشد : السلام عليكم .

-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

-الأب : مابك ياخلفان تغير لونك ؟

-هل يظنون رحلة العين سهلة ؟

-الأب من أجل صحتك يابني وعساها تكون بخير .

-الجد : الأمر بسيط إن شاء الله ، لاتخف يابني .

-الأب : زيارة المستشفيات رحمة ، وثقافة طبية نافعة يابني .

المشهد الثاني

    في المستشفى كان الطبيب يشرح لراشد ورفاقه ومعهم خلفان أخطار مرض الثلاسيميا :

-د.زايد: من أعراض المرض ضعف الشهية وافصابات بالتهابات متكررة ، وتغير في شكل العظام، وتضخم في الكبد والطحال و... ويشعر المريض بالتعب الشديد عند أدنى مجهود، حتى الشباب تبدو عليهم الأعراض نفسها ، وهذا المرض الخطير قد لايكتشف إلا صدفة .

-خلفان وهو يحملق بعينيه : وي ، أعاذنا الله .

د. زايد: وأصحاب هذا المرض قد يصيرون مقعدين لأن عظامهم تتآكل .

-خلفان : مساكين، حمانا الله .

د. زايد: ويجب على هؤلاء المرضى ألا يتزوجوا لأنهم لن ينجبوا أطفالا ، أو ينتقل المرض إلى أولادهم .

-خلفان: مساكين سيحرمون من سعادة الأسرة والأولاد، وسيصيرون مقعدين، كم مآسي الحياة كثيرة، هل أنا مثلهم مصاب بهذا المرض، الأعراض التي ذكرها هي أحس ببعضها كالتعب وضعف الشهية ولذلك يجدد أهلي دمي بين الفينة والأخرى .

وسكت قليلا ثم قال :

-. لا.. لا.. ربما كان معي فقر دم بسيط أما الثلاسيميا .. لا.. لا.. عافانا الله منها . ولكن .. ربما كان معي هذا المرض.. ولهذا لايحاول أبي أن يخطب لي ابنة عمي .. ثم ..عمي خرج بسرعة عندما ذكر زواجي .. ماهذه الوساوس التي تلاحقني ؟ عافاني الله . ساسأل الطبيب عن تحليل الدم بعد المحاضرة لأطمئن .

-راشد : مابك ياخلفان ؟

   ويتوجه راشد إلى الطبيب يسأله فيما بينه وبينه :

-هل قرأت يادكتور نتيجة فحص دم خلفان .

-نعم ، إنه مصاب بهذا المرض ولذلك طلبت منه أن يحضر ليسمع .

-خلفان : ماذا ؟ لقد سمعت، أنا مصاب بهذا المرض .

-راشد: مسكين، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

د. زايد : هؤلاء يحتاجون إلى من يتبرع لهم بدمه باستمرار، وهذا هو سبيل علاجهم الوحيد .

راشد : الأخيار كثيرون في الحياة

خلفان ينظر إلى الطبيب وراشد وعيناه تدمعان، ويقول :

-         ألا يوجد علاج آخر أخف منه

-         الطبيب : قد تجرى له عملية جراحية يزرع فيها نخاع لعظام المريض .

-         خلفان : إيه .

-         الطبيب : وهي عملية تكلف ثمنا باهظا، ومع ذلك فـ

-         خلفان : يقاطعه ويقول : مستعدون لها

-         الطبيب : ولكن نتيجتها غير مضمونة، وقد تنتهي ب ..ــ بــ ..

-         خلفان : بالوفاة .

-         الطبيب : العمر بيد الله سبحانه .

راشد : لاتخف ياخلفان، تبقى على تبرع الدم أفضل لك، والناس عندهم خير كثير .

د. زايد : وما من داء إلا له دواء فلا تخف ياخلفان، وقد يتقدم الطب بعد سنوات، من يدري ؟ .

   ويتابع : اذهب ياراشد مع خلفان إلى قسم الرجال ليعطى من دمك الموافق لدمه ، وجزاك الله كل خير، وسأكون عندكما بعد قليل .

خلفان يتمتم :

أريد أن أشعر ببهجة الدنيا، يارب .. أريد أن أفرح مع ابنة عمي  بلا ثلاسيميا ..

تبرع الدماء ، يعالج البؤساء، ويزرع الأمل، ويفرح القلوب، ويمسح الدموع ، عن هؤلاء المرضى

  ولكن .. واحسرتاه.. الآن أدركت سبب رغبة أهلي وعمي في عدم زواجي منها .

ويسدل الستار



*) مرض فقر الدم الشديد ويسمى أيضا أنيميا 

كابوس ثلاسيميا([1])

الشخصيات :

خلفان ووالده وأبوه وجده وعمه وابنة عمه .وأولاد الجيران سالم وعمران وراشد والطبيب زايد في مستشفى العين .

المسرحية في مشهدين :

المشهد الأول

   تفتح الستارة عن مجلس يضم والد خلفان وجده وعمه، وكانوا يتشاورون في قضية زواج خلفان المصاب بمرض الثلاسيميا من ابنة عمه، وكانوا بين مؤيد ومعارض :

 - والد خلفان أنا لا ألوم أخي حين رفض أن يزوج ابنته من خلفان، لأن الأمر يتعلق بمصير ابنته أحب الناس إليه، فالبنت لديه أمانة وعليه كما قال حمايتها من خطر يهدد مستقبل حياتها، فالمرض عويص، وإن أقدم صاحبه على الزواج فلن ينجب ولدا، والمرض له مضاعفاته : التهابات، وضعف المناعة، وتضخم في الكبد والطحال، وانتفاخ الجمجمة و... ، ويحتاج إلى نقل دم طوال الحياة .

   وسكت قليلا ثم قال :

- والأشد من ذلك كله أنه مرض وراثي ينتهي بالموت غالبا

-الجد ما هذا المنطق؟ إنه هلوسة، والقدر لانعرفه والله سبحانه لم يعط علمه لأحد، وهو قادر على أن يشفي المرضى، ويرزق العقيم أليست ولادة يحيى للنبي زكريا عبرة للمعتبر ؟

-العم : ولكن الله سبحانه طالبنا بالأخذ بالأسباب، وقد أثبت العلم خطر هذا المرض فلم نتغافل عن ذلك ؟

- والد خلفان لأبيه :

-الحق كل الحق فيما يقوله أخي، ولهذا لن أتقدم لخطبة ابنة أخي لابني .

-الجد : هل كل مريض به يمتنع عن الزواج ؟ الولد كالوردة، وهو لايزال في مقتبل عمره فلم تتوهمون وتقررون ؟ ليس به شحوب كما يقول الأطباء عن هذا المرض .

-الأب : لأننا ننقل إليه الدم باستمرار، وقد يحتاج إلى عملية زرع نخاع جديدة، وهي عملية باهظة الثمن ، ونسبة الوفاة فيها لازالت مرتفعة .

-العم :الأمر يا أبت يتعلق بهشاشة العظام ، والمريض قد ينقل خطره إلى ذريته .

-الجد : وما هشاشة العظام هذه ؟

-مرض يصيب العظام ويجعلها تتآكل .

-وهل تآكلت عظام خلفان، سخافة، الله يحيي العظام وهي رميم .

-صدق الله العظيم، ولكن الآية عن إحياء العظام في الآخرة، أما في الدنيا فالله سبحانه أمرنا بالحذر في حياتنا وألا نلقي بأنفسنا وأولادنا إلى التهلكة وقال سبحانه " وخذوا حذركم " وهشاشة العظام تجعل الشاب مقعدا في مقتبل عمره .

-المستقبل لايعلمه إلا الله وهو وحده علام الغيوب .

-ألا ترى خلفان متعبا ولا يستطيع مواصلة السير مثلنا، إنه كالعجوز .

-علمتم أولادكم على الترف وعدم السير، وعلى الاعتماد على السيارات، هذا آخر زمان، الناس فيه بطرت معيشتهم، سيارات، أكل في المطاعم هذا ماخرّب أجسامهم .

-الأب : لنترك هذا الحديث فإني أسمع وقْع خطواته .

-خلفان : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا عمي، ويقبل جده ويقول له أنا مشتاق إليك ياجدي الحبيب ، ثم يلتفت إلى عمه ويقول كيف أنتم ياعم .

-الأب:هل سررت يابني مع أولاد الجيران في الوليمة ؟

-الحمد لله ياأبت .

-أولاد الجيران سالم وراشد وعمران صالحون .

ويتابع :

-ماذا فعلتم في هذه الرحلة ؟

-الجد : هل تعبت في هذه الرحلة ؟

خلفان : الصدق ياجدي أني تعبت ،ونزف أنفي، والحمد لله أن كان معي راشد فقد اتصل بالدكتور زايد أستاذه في الطب فسأله عن العلاج فطلب منه أن يأخذني إلى أقرب مستشفى .

-إيه

-وذهبنا .

-إيه

-وهناك فحصوا دمي .

-إيه

-وأخبروني أن النتيجة ستظهر غدا

- سأذهب معك لأخذ النتيجة

-لاداعي لأن نذهب فراشد طالب في كلية الطب في جامعة العين، ويعرف المستشفى وسيحضر لي النتيجة.

-بارك الله به وشفاك ياخلفان .

   وتابع: ليتك لم تذهب إلى الوليمة، ألم تر ياخلفان أنك تنزف عند أقل مجهود وحرارة ؟

-الجد : هذا يحصل لكثيرين عند تعرضهم للحرارة ، لاتخف ياخلفان .

-أنت الوحيد الذي تطمئنني، والجميع أرى قلقهم الشديد، وخوفهم عندما أتعب .

-لاتخف فهم موسوسون .

-الأب : لم أكن أرغب في هذه الرحلة، لكنني لم أرغب في منعه، هو شاب ورفاقه صالحون .

-الجد : زوّجه يترك هذه الرحلات .

-خلفان : سلم الله فمك ياجدي، ابنة عمي جاهزة ولكن أبي لا يريد أن أتزوج الآن .

-العم : ابنة عمك ...

ويرن الهاتف ويقول خلفان : هذا راشد يتصل بي .

- العم : عندي موعد ضروري ، لقد تأخرت ، السلام عليكم .

    ويخرج العم .

-الأب : خيرا إن شاء الله .

   راشد يودع عمه بسرعة ثم يرد على الهاتف:

- كيف حالك ياخلفان ؟

-الحمد لله ؟ هل ظهرت النتيجة ؟

-نعم وغداً يجب أن نكون في المستشفى .

-ولم ؟

-الطبيب قال إن مرضك يحتاج ...

وسكت راشد .

-خلفان : لم سكتَّ ياراشد .

-لأنني نسيت أمرا .

- ماهو ؟

-عندنا موعد مع الطبيب زايد في مستشفى الأطفال لنزور مرضى الثلاسيميا .

-وما علاقتي بأطفال مرضى الثلاسيميا ؟

-سيذهب الطلاب إلى هناك في رحلة علمية وأنا معهم طبعا، وهناك نرى الدكتور زايد وستكون رحلة ثقافية لك أيضاً، وهناك يخبرك الطبيب بنتيجة التحليل .

-حاضر. اتفقنا إن شاء الله، وإن كنت لازلت أشعر بالتعب .

-لاتتأخر عن الساعة التاسعة صباحا .

-حاضر ياسيدي راشد .

   ويضحكان .

- راشد : الموعد في مكتب الدكتور زايد في مستشفى الأطفال .

-حاضر ياسيدي، وجزاك الله خيرا .

-راشد : السلام عليكم .

-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

-الأب : مابك ياخلفان تغير لونك ؟

-هل يظنون رحلة العين سهلة ؟

-الأب من أجل صحتك يابني وعساها تكون بخير .

-الجد : الأمر بسيط إن شاء الله ، لاتخف يابني .

-الأب : زيارة المستشفيات رحمة ، وثقافة طبية نافعة يابني .

المشهد الثاني

    في المستشفى كان الطبيب يشرح لراشد ورفاقه ومعهم خلفان أخطار مرض الثلاسيميا :

-د.زايد: من أعراض المرض ضعف الشهية وافصابات بالتهابات متكررة ، وتغير في شكل العظام، وتضخم في الكبد والطحال و... ويشعر المريض بالتعب الشديد عند أدنى مجهود، حتى الشباب تبدو عليهم الأعراض نفسها ، وهذا المرض الخطير قد لايكتشف إلا صدفة .

-خلفان وهو يحملق بعينيه : وي ، أعاذنا الله .

د. زايد: وأصحاب هذا المرض قد يصيرون مقعدين لأن عظامهم تتآكل .

-خلفان : مساكين، حمانا الله .

د. زايد: ويجب على هؤلاء المرضى ألا يتزوجوا لأنهم لن ينجبوا أطفالا ، أو ينتقل المرض إلى أولادهم .

-خلفان: مساكين سيحرمون من سعادة الأسرة والأولاد، وسيصيرون مقعدين، كم مآسي الحياة كثيرة، هل أنا مثلهم مصاب بهذا المرض، الأعراض التي ذكرها هي أحس ببعضها كالتعب وضعف الشهية ولذلك يجدد أهلي دمي بين الفينة والأخرى .

وسكت قليلا ثم قال :

-. لا.. لا.. ربما كان معي فقر دم بسيط أما الثلاسيميا .. لا.. لا.. عافانا الله منها . ولكن .. ربما كان معي هذا المرض.. ولهذا لايحاول أبي أن يخطب لي ابنة عمي .. ثم ..عمي خرج بسرعة عندما ذكر زواجي .. ماهذه الوساوس التي تلاحقني ؟ عافاني الله . ساسأل الطبيب عن تحليل الدم بعد المحاضرة لأطمئن .

-راشد : مابك ياخلفان ؟

   ويتوجه راشد إلى الطبيب يسأله فيما بينه وبينه :

-هل قرأت يادكتور نتيجة فحص دم خلفان .

-نعم ، إنه مصاب بهذا المرض ولذلك طلبت منه أن يحضر ليسمع .

-خلفان : ماذا ؟ لقد سمعت، أنا مصاب بهذا المرض .

-راشد: مسكين، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

د. زايد : هؤلاء يحتاجون إلى من يتبرع لهم بدمه باستمرار، وهذا هو سبيل علاجهم الوحيد .

راشد : الأخيار كثيرون في الحياة

خلفان ينظر إلى الطبيب وراشد وعيناه تدمعان، ويقول :

-         ألا يوجد علاج آخر أخف منه

-         الطبيب : قد تجرى له عملية جراحية يزرع فيها نخاع لعظام المريض .

-         خلفان : إيه .

-         الطبيب : وهي عملية تكلف ثمنا باهظا، ومع ذلك فـ

-         خلفان : يقاطعه ويقول : مستعدون لها

-         الطبيب : ولكن نتيجتها غير مضمونة، وقد تنتهي ب ..ــ بــ ..

-         خلفان : بالوفاة .

-         الطبيب : العمر بيد الله سبحانه .

راشد : لاتخف ياخلفان، تبقى على تبرع الدم أفضل لك، والناس عندهم خير كثير .

د. زايد : وما من داء إلا له دواء فلا تخف ياخلفان، وقد يتقدم الطب بعد سنوات، من يدري ؟ .

   ويتابع : اذهب ياراشد مع خلفان إلى قسم الرجال ليعطى من دمك الموافق لدمه ، وجزاك الله كل خير، وسأكون عندكما بعد قليل .

خلفان يتمتم :

أريد أن أشعر ببهجة الدنيا، يارب .. أريد أن أفرح مع ابنة عمي  بلا ثلاسيميا ..

تبرع الدماء ، يعالج البؤساء، ويزرع الأمل، ويفرح القلوب، ويمسح الدموع ، عن هؤلاء المرضى

  ولكن .. واحسرتاه.. الآن أدركت سبب رغبة أهلي وعمي في عدم زواجي منها .

ويسدل الستار



[1] ) مرض فقر الدم الشديد ويسمى أيضا أنيميا كابوس ثلاسيميا([1])

الشخصيات :

خلفان ووالده وأبوه وجده وعمه وابنة عمه .وأولاد الجيران سالم وعمران وراشد والطبيب زايد في مستشفى العين .

المسرحية في مشهدين :

المشهد الأول

   تفتح الستارة عن مجلس يضم والد خلفان وجده وعمه، وكانوا يتشاورون في قضية زواج خلفان المصاب بمرض الثلاسيميا من ابنة عمه، وكانوا بين مؤيد ومعارض :

 - والد خلفان أنا لا ألوم أخي حين رفض أن يزوج ابنته من خلفان، لأن الأمر يتعلق بمصير ابنته أحب الناس إليه، فالبنت لديه أمانة وعليه كما قال حمايتها من خطر يهدد مستقبل حياتها، فالمرض عويص، وإن أقدم صاحبه على الزواج فلن ينجب ولدا، والمرض له مضاعفاته : التهابات، وضعف المناعة، وتضخم في الكبد والطحال، وانتفاخ الجمجمة و... ، ويحتاج إلى نقل دم طوال الحياة .

   وسكت قليلا ثم قال :

- والأشد من ذلك كله أنه مرض وراثي ينتهي بالموت غالبا

-الجد ما هذا المنطق؟ إنه هلوسة، والقدر لانعرفه والله سبحانه لم يعط علمه لأحد، وهو قادر على أن يشفي المرضى، ويرزق العقيم أليست ولادة يحيى للنبي زكريا عبرة للمعتبر ؟

-العم : ولكن الله سبحانه طالبنا بالأخذ بالأسباب، وقد أثبت العلم خطر هذا المرض فلم نتغافل عن ذلك ؟

- والد خلفان لأبيه :

-الحق كل الحق فيما يقوله أخي، ولهذا لن أتقدم لخطبة ابنة أخي لابني .

-الجد : هل كل مريض به يمتنع عن الزواج ؟ الولد كالوردة، وهو لايزال في مقتبل عمره فلم تتوهمون وتقررون ؟ ليس به شحوب كما يقول الأطباء عن هذا المرض .

-الأب : لأننا ننقل إليه الدم باستمرار، وقد يحتاج إلى عملية زرع نخاع جديدة، وهي عملية باهظة الثمن ، ونسبة الوفاة فيها لازالت مرتفعة .

-العم :الأمر يا أبت يتعلق بهشاشة العظام ، والمريض قد ينقل خطره إلى ذريته .

-الجد : وما هشاشة العظام هذه ؟

-مرض يصيب العظام ويجعلها تتآكل .

-وهل تآكلت عظام خلفان، سخافة، الله يحيي العظام وهي رميم .

-صدق الله العظيم، ولكن الآية عن إحياء العظام في الآخرة، أما في الدنيا فالله سبحانه أمرنا بالحذر في حياتنا وألا نلقي بأنفسنا وأولادنا إلى التهلكة وقال سبحانه " وخذوا حذركم " وهشاشة العظام تجعل الشاب مقعدا في مقتبل عمره .

-المستقبل لايعلمه إلا الله وهو وحده علام الغيوب .

-ألا ترى خلفان متعبا ولا يستطيع مواصلة السير مثلنا، إنه كالعجوز .

-علمتم أولادكم على الترف وعدم السير، وعلى الاعتماد على السيارات، هذا آخر زمان، الناس فيه بطرت معيشتهم، سيارات، أكل في المطاعم هذا ماخرّب أجسامهم .

-الأب : لنترك هذا الحديث فإني أسمع وقْع خطواته .

-خلفان : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا عمي، ويقبل جده ويقول له أنا مشتاق إليك ياجدي الحبيب ، ثم يلتفت إلى عمه ويقول كيف أنتم ياعم .

-الأب:هل سررت يابني مع أولاد الجيران في الوليمة ؟

-الحمد لله ياأبت .

-أولاد الجيران سالم وراشد وعمران صالحون .

ويتابع :

-ماذا فعلتم في هذه الرحلة ؟

-الجد : هل تعبت في هذه الرحلة ؟

خلفان : الصدق ياجدي أني تعبت ،ونزف أنفي، والحمد لله أن كان معي راشد فقد اتصل بالدكتور زايد أستاذه في الطب فسأله عن العلاج فطلب منه أن يأخذني إلى أقرب مستشفى .

-إيه

-وذهبنا .

-إيه

-وهناك فحصوا دمي .

-إيه

-وأخبروني أن النتيجة ستظهر غدا

- سأذهب معك لأخذ النتيجة

-لاداعي لأن نذهب فراشد طالب في كلية الطب في جامعة العين، ويعرف المستشفى وسيحضر لي النتيجة.

-بارك الله به وشفاك ياخلفان .

   وتابع: ليتك لم تذهب إلى الوليمة، ألم تر ياخلفان أنك تنزف عند أقل مجهود وحرارة ؟

-الجد : هذا يحصل لكثيرين عند تعرضهم للحرارة ، لاتخف ياخلفان .

-أنت الوحيد الذي تطمئنني، والجميع أرى قلقهم الشديد، وخوفهم عندما أتعب .

-لاتخف فهم موسوسون .

-الأب : لم أكن أرغب في هذه الرحلة، لكنني لم أرغب في منعه، هو شاب ورفاقه صالحون .

-الجد : زوّجه يترك هذه الرحلات .

-خلفان : سلم الله فمك ياجدي، ابنة عمي جاهزة ولكن أبي لا يريد أن أتزوج الآن .

-العم : ابنة عمك ...

ويرن الهاتف ويقول خلفان : هذا راشد يتصل بي .

- العم : عندي موعد ضروري ، لقد تأخرت ، السلام عليكم .

    ويخرج العم .

-الأب : خيرا إن شاء الله .

   راشد يودع عمه بسرعة ثم يرد على الهاتف:

- كيف حالك ياخلفان ؟

-الحمد لله ؟ هل ظهرت النتيجة ؟

-نعم وغداً يجب أن نكون في المستشفى .

-ولم ؟

-الطبيب قال إن مرضك يحتاج ...

وسكت راشد .

-خلفان : لم سكتَّ ياراشد .

-لأنني نسيت أمرا .

- ماهو ؟

-عندنا موعد مع الطبيب زايد في مستشفى الأطفال لنزور مرضى الثلاسيميا .

-وما علاقتي بأطفال مرضى الثلاسيميا ؟

-سيذهب الطلاب إلى هناك في رحلة علمية وأنا معهم طبعا، وهناك نرى الدكتور زايد وستكون رحلة ثقافية لك أيضاً، وهناك يخبرك الطبيب بنتيجة التحليل .

-حاضر. اتفقنا إن شاء الله، وإن كنت لازلت أشعر بالتعب .

-لاتتأخر عن الساعة التاسعة صباحا .

-حاضر ياسيدي راشد .

   ويضحكان .

- راشد : الموعد في مكتب الدكتور زايد في مستشفى الأطفال .

-حاضر ياسيدي، وجزاك الله خيرا .

-راشد : السلام عليكم .

-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

-الأب : مابك ياخلفان تغير لونك ؟

-هل يظنون رحلة العين سهلة ؟

-الأب من أجل صحتك يابني وعساها تكون بخير .

-الجد : الأمر بسيط إن شاء الله ، لاتخف يابني .

-الأب : زيارة المستشفيات رحمة ، وثقافة طبية نافعة يابني .

المشهد الثاني

    في المستشفى كان الطبيب يشرح لراشد ورفاقه ومعهم خلفان أخطار مرض الثلاسيميا :

-د.زايد: من أعراض المرض ضعف الشهية وافصابات بالتهابات متكررة ، وتغير في شكل العظام، وتضخم في الكبد والطحال و... ويشعر المريض بالتعب الشديد عند أدنى مجهود، حتى الشباب تبدو عليهم الأعراض نفسها ، وهذا المرض الخطير قد لايكتشف إلا صدفة .

-خلفان وهو يحملق بعينيه : وي ، أعاذنا الله .

د. زايد: وأصحاب هذا المرض قد يصيرون مقعدين لأن عظامهم تتآكل .

-خلفان : مساكين، حمانا الله .

د. زايد: ويجب على هؤلاء المرضى ألا يتزوجوا لأنهم لن ينجبوا أطفالا ، أو ينتقل المرض إلى أولادهم .

-خلفان: مساكين سيحرمون من سعادة الأسرة والأولاد، وسيصيرون مقعدين، كم مآسي الحياة كثيرة، هل أنا مثلهم مصاب بهذا المرض، الأعراض التي ذكرها هي أحس ببعضها كالتعب وضعف الشهية ولذلك يجدد أهلي دمي بين الفينة والأخرى .

وسكت قليلا ثم قال :

-. لا.. لا.. ربما كان معي فقر دم بسيط أما الثلاسيميا .. لا.. لا.. عافانا الله منها . ولكن .. ربما كان معي هذا المرض.. ولهذا لايحاول أبي أن يخطب لي ابنة عمي .. ثم ..عمي خرج بسرعة عندما ذكر زواجي .. ماهذه الوساوس التي تلاحقني ؟ عافاني الله . ساسأل الطبيب عن تحليل الدم بعد المحاضرة لأطمئن .

-راشد : مابك ياخلفان ؟

   ويتوجه راشد إلى الطبيب يسأله فيما بينه وبينه :

-هل قرأت يادكتور نتيجة فحص دم خلفان .

-نعم ، إنه مصاب بهذا المرض ولذلك طلبت منه أن يحضر ليسمع .

-خلفان : ماذا ؟ لقد سمعت، أنا مصاب بهذا المرض .

-راشد: مسكين، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

د. زايد : هؤلاء يحتاجون إلى من يتبرع لهم بدمه باستمرار، وهذا هو سبيل علاجهم الوحيد .

راشد : الأخيار كثيرون في الحياة

خلفان ينظر إلى الطبيب وراشد وعيناه تدمعان، ويقول :

-         ألا يوجد علاج آخر أخف منه

-         الطبيب : قد تجرى له عملية جراحية يزرع فيها نخاع لعظام المريض .

-         خلفان : إيه .

-         الطبيب : وهي عملية تكلف ثمنا باهظا، ومع ذلك فـ

-         خلفان : يقاطعه ويقول : مستعدون لها

-         الطبيب : ولكن نتيجتها غير مضمونة، وقد تنتهي ب ..ــ بــ ..

-         خلفان : بالوفاة .

-         الطبيب : العمر بيد الله سبحانه .

راشد : لاتخف ياخلفان، تبقى على تبرع الدم أفضل لك، والناس عندهم خير كثير .

د. زايد : وما من داء إلا له دواء فلا تخف ياخلفان، وقد يتقدم الطب بعد سنوات، من يدري ؟ .

   ويتابع : اذهب ياراشد مع خلفان إلى قسم الرجال ليعطى من دمك الموافق لدمه ، وجزاك الله كل خير، وسأكون عندكما بعد قليل .

خلفان يتمتم :

أريد أن أشعر ببهجة الدنيا، يارب .. أريد أن أفرح مع ابنة عمي  بلا ثلاسيميا ..

تبرع الدماء ، يعالج البؤساء، ويزرع الأمل، ويفرح القلوب، ويمسح الدموع ، عن هؤلاء المرضى

  ولكن .. واحسرتاه.. الآن أدركت سبب رغبة أهلي وعمي في عدم زواجي منها .

ويسدل الستار



[1] ) مرض فقر الدم الشديد ويسمى أيضا أنيميا 

وسوم: العدد 652