مع الشيخ محمد مسعد ياقوت

المفكر الإسلامي المصري

الشيخ محمد مسعد ياقوت لمجلة أخبار الثقافة:

غاب المعتصم، وكثرت الصرخات، ولم تغب إلا نخوة الرجال، في زمنٍ كثر فيه اللئام!

يعد المفكر الإسلامي الشيخ محمد مسعد ياقوت، واحدا من الشباب الذين تفتخر بهم الأمة، بطريقته العميقة والبسيطة في إيصال فكرة الإسلام السمح والعظيم إلى نفوس وقلوب وعقول الشباب.. إنه يخاطبهم بلغتهم، مدركا أن الدعوة إلى الله جزء من الرسالة التي يؤديها مستعينا بكل الوسائل الإعلامية الممكنة (التلفزيون، الصحافة، الانترنت، المواقع الاجتماعية) لإيصال الرسالة التي تعني في النهاية كل الشرفاء في كل مكان. إنه واحد من المصريين الذين نفتخر بهم، ونشعر أننا منهم وأنهم منا، لا يمكن لأي شرذمة من الصهاينة العرب أن تفرق بيننا، لأن عدونا الواحد هو عدونا المشترك.. في هذا الحوار أردنا أن نقترب أكثر من الشيخ محمد مسعد ياقوت، عبر أسئلة أجاب عليها بمنتهى الصراحة والصدق..

مجلة أخبار الثقافة: قولكم في الأزمة بين مصر والجزائر بسبب مبارة كرة  ؟

محمد مسعد ياقوت: شيء مؤسف، ومحزن، أن نتناحر في كل شيء حتى في الكرة . والتعصب عمومًا مذموم، ونستطيع أن نستدل على حرمة التعصب الرياضي من خلال المفاسد والخسائر التي أدى إليها؛ من شجار بين الجماهير ، وحرق أعلام الدول، وتدابر المسلمين، وتشاتم الشعوب،{فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} المؤمنون53

مجلة أخبار الثقافة:  كيف تفسر انتقال الأزمة الرياضية إلى أزمة بين دولتين ؟

محمد مسعد ياقوت: الحقيقة، هذا يدل على سوء إدارة، وفساد قيادة، أن يقاطع الجارجاره من أجل تشاجر طفلين من ذوي الاحتياجات الخاصة، والحق، أن هؤلاء لا يغضبون لله، وإنما يتقاتلون عصبية وحمِيةً، وبعضهم يفقد حياته من أجل الكرة.. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِلْعَصَبِيَّةِ، أَوْ يُقَاتِلُ لِلْعَصَبِيَّةِ، أَوْ يَدْعُو إِلَى الْعَصَبِيَّةِ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ"[أخرجه أحمد  وغيره،قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) ].

مجلة أخبار الثقافة:  ثمة من يقول إن الأزمة التي حدثت كانت تحصيل حاصل إزاء أزمة تعيشها مصر مع محيطها العربي .. فما رأيك ؟

محمد مسعد ياقوت: لو حدث خلاف بين أي دولة عربية وبين إسرائيل في مبارة كرة قدم أو كرة سلة لا قدر الله، ما حدث معشار الذي حدث بين فريق مصر والجزائر، والسبب أننا أسودًا هواصر على بعضنا، و...

مجلة أخبار الثقافة:  دعني أسألك من موقعك الإصلاحي بماذا تفسر دخول بعض المثقفين والفنانين والدعاة في تلويث الأجواء بين الشعب ؟

محمد مسعد ياقوت: لكل قضية أصحابها، وقضايا السفاهة والبلاهة يحملها السفهاء والبلهاء، وكل مجنون يبكي على ليلاه، والطيور على أشكالها تقع، وقد أسفت هذا العدد الهائل من الممثلين والراقصات ممن تجمهورا لتسخين الفتنة؛ ولإشعال القضية، من البلدين، غير أني لا أعلم داعيةً أو شيخًا أو عالمًا انساق في هذه المهزلة؛ بل العكس انبرى كثير من الدعاة يحذرون من مغبة التعصب الرياضي، وقد أفرد لها الشيخ القرضاوي حلقة، وتحدث عنها الشيخ مصطفى العدوي، وذكروا الناس بحديث جَابِر بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا فِى غَزَاةٍ  فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ : يَا لَلأَنْصَارِ !! وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ : يَا لَلْمُهَاجِرِينَ !! فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ : « مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ » قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ . فَقَالَ « دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ » أخرجه البخاري  :

قال الشاعر

قد كنتُ أعذُِلُ في السَّفاهة أهلَها ... فاعجَبْ لِما تأتي به الأَّيامُ

فاليومَ أعذِرُهم وأعلم أنما ... سُبُلُ الضَّلالة والهُدَى أقسامُ

مجلة أخبار الثقافة:  وكيف تفسر أن الأصوات العاقلة ضاعت وسط ضجيج الفتنة، أليس هذا مؤشرا على ضياع المنهج الإسلام الإصلاحي بين الناس ؟

محمد مسعد ياقوت: وهل هناك أصواتٌ عاقلة نسمعها وسط الضجيج !!! وكيف يسمع أصحاب الضجيج نداء المنهج الإسلامي، وأين المنهج الإسلامي أصلاً في الحياة الرياضية؟

مجلة أخبار الثقافة:  الإعلام الديني هل يؤدي الدور المنوط به؟

محمد مسعد ياقوت: الإعلام الديني ضعيف. ومن ينبري لنشر الإسلام بين الناس عبر وسيلة إعلامية من قناة أو مجلة أو صحيفة يقابل بتعنت من أغلب الجهات الرسمية، حتى الآن لا تجد صحيفة إسلامية يومية تناقش قضايا الشرع، والمجلات الإسلامية قليلة جدًا، والموجود أكثره غير مدعوم. الأمراء ورجالات الأعمال ممن يضعون ملايين الدولارات في حجر راقصة في ليلة عابرة من ليالي شارع الهرم؛ لا يجرؤ أحدهم أن يدعم داعيةً أو مجلة أو قناة لنشر الفضيلة؛ إلا ما رحم ربي.  والفنان عندنا والراقص والطبال يجد الدعم والتشجيع والمسارح المفتوحة، والقاعات المكيفة، وعندما أتصلتُ بسيدة مسؤولة من القيادات الإعلامية في مسبيرو، لتغطية ندوةٍ لي بساقية الصاوي – وكانت بعنوان : " نظرات اجتماعية في سورة النساء .. وقفة مع حق الضعيفين " قالت السيدة بالحرف الواحد : " التليفزيون الحكومي لا يغطي الندوات الدينية .. أصلهم كفرة بعيد عنك " .

مجلة أخبار الثقافة: هناك من يرى أن الإعلام الديني يسوغ لنظرية المتاجرة، مع انتشار فضائيات الشعوذة وتفسير الأحلام بشكل غير منهجي، وفضائيات تنشر الضغينة بين المذاهب الإسلامية، ما رأيكم ؟

محمد مسعد ياقوت: ليس معنى وجود طبيب فاسد أن نقتل جميع الأطباء، كذا ليس معنى وجود قناةٍ للشعوذة أن نغلق قناة الناس والرحمة، وبالمثل إذا ما ظهر شيوخٌ متخصصون في تفسير الرؤى فليس لنا أن نمنعهم من حق التعبير عن رأيهم ولاسيما أن تفسير المنام يعود بالأساس إلى الجانب الاجتهادي والموهبة .  دعوا الدعاة ! افتحوا لهم أبواب الإعلام، ومنابر الكلمة ! " فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ " [الرعد17] . أصحاب أدب المرحاض، وأرباب الأقلام المستأجرة، وكل راقص، يجدون المنابر الإعلامية يقولون ما يشاؤون؛ فلماذا نوصد الأبواب في وجه دعاة الفضيلة؟

أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً   أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ

مجلة أخبار الثقافة: شهدت الفترة السابقة إيقاف العديد من القنوات الإسلامية السنية، بحجة عدم قانونيتها، في الوقت الذي نرى فيها قنوات الرقص والشعوذة مستمر، هل ترى أن هذه سياسية لإقصاء الدين السوي، أم هو تحصيل حاصل كما قال أحدهم ؟

محمد مسعد ياقوت: هناك مستشرقون مصريون كما قال الشيخ الغزالي، وثمة أناسٌ يكرهون مظاهر الدين، السوي منه وغير السوي، المعتدل منه والمتشدد، ويخلطون الأوراق، ويجعلون من الشعراوي امتدادًا لأسامة بن لادن، تماماً مثل الغربيين المتطرفين الذين يتهمون الإسلام بالإرهاب، وأن محمدًا صانع الإرهاب الأول ... وإغلاق القنوات التي تبث الأخلاق والفضيلة هو نوعٌ من الممارسات القمعية التي يتعرض لها المواطن العربي في كل طلعة شمس، إنهم ضيقوا على المواطن في لقمة عيشة، وحاربوه في أمنه، وألجأوه إلى الاغتراب، ثم هم يقطعون عنه الماء والكهرباء وأخيرًا قنوات الفضيلة  !!!

مجلة أخبار الثقافة: ما موفقكم في القنوات الشيعية التي تبدو مسخرة في سب الصحابة وأمهات المؤمنين ؟

محمد مسعد ياقوت: نحن نبغض الذين يبغضون أمهاتنا، وننقم الذين ينقمون أصحاب نبينا، "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ " [الأحزاب6]، نحن لا نعترف بإسلام من كفَّر أبا بكر وعمر، وإلا صرنا مجانين، نحن لو قلنا تعالوا نتقارب مع الذين يتهمون عائشة بالزنى ويكذبون صريح القرآن في براءتها نكون كالعطشى الذين يجرون وارء السراب. ألا يعتريك العجبُ العجاب حينما ترى المستشرقين يسبون النبي في الغرب، والشيعة يسبون أصحابه في الشرق ؟  غير أن الرسامين وصفوه النبي – صلى الله عليه وسلم – بالعنف والغلظة، بيد أن الشيعة قذفوا زوجه الفاحشة الكبرى. تلك التي قال فيها حسان بن ثابت :

حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ برِيبَةٍ ... وتُصْبِحُ غَرْثَى من لُحومِ الغَوَافِل

فإِنْ كنتُ قد قلتُ الذي قد زعمتُمُ ... فلا رفعتُ سَوْطِي إليَّ أنَامِلِي

وكيف ووُدِّي من قديمٍ ونُصْرَتي ... لآِلِ رسولِ الله زَيْنِ المَحَافل