مع نسيم القفل

حوار مع

السيد: "نسيم القفل"

الرئيس المدير العام للصحيفة المحظورة "سري للغاية"

رابح عداد

[email protected]

" رئيس بلدية العاصمة مدير الحملة الانتخابية لصالح فخامة الرئيس عبد العزيز بو تفليقة معروف بشرائه للذمم.."

بمجرد قدومي من الجارة تونس ، و فور بلوغي بوابة الحدود الجزائرية على مستوى ولاية سوق أهراس ، تلقيت رسالة هاتفية كان قد خصني بها صديق ، فحواها يقول أن صحيفة "سري للغاية "توقفت عن الصدور بأمر آمر ، و هو الأمر الذي خلف في نفسي أكثر من سؤال ينتظر الرد الشافي حول العلية الحقيقية المتخفية خلف ذي المسالة و ما ارتبط بها من شعارات رنانة منحصرة في الديمقراطية ، حق الرأي ، حرية التعبير ، انفتاح مجال الإعلام..لكن ، و نظرا لانشغالي المتواصل الذي أسرني مدة معتبرة – حيث كنت بصدد إجراء تحقيق شديد الغموض سوف ينشر قريبا – لم أجد متسعا من الوقت لأصل إلى مكتب الجريدة المذكورة آنفا ..

و مع ذلك ، فقد أجبرني اهتمامي الملح على حمل ذاتي بغية طرق أبواب الجريدة بعيد تحديد موعد اللقاء مع السيد : القفل نسيم الرئيس المدير العام لأسبوعية "سري للغاية" الصادرة عن شركة القفل للإعلام و الاتصال .. و هذا من اجل الخروج بثمرة ذا الحوار الشيق ..

س-1/ سيدي ، في الواقع ، أود اغتنام فرصة هذا اللقاء المميز للحديث عن حيز الحريات المتاحة في الجزائر خاصة ، ما رأيكم ؟

ج-1/ تفضل ، لك ذلك.

س-2/ اقدر لكم تفهمكم. على كل ، هل بمقدوركم أن تعكسوا لنا وجهة نظركم الشخصية المتمثلة في حرية الافراد على مستوى العموم؟

ج-2/ يا أخي رابح!..إذا كانت السلطة المركزية لا تزال تتحكم في جهاز العدالة ، و إحداث التعليمات و صدور المراسيم منوط بمستويات فوقية عليا ، درجة أن تعيين أدنى مدير يتطلب مرسوم رئاسي ؛ و قس على هذا المؤسسات العامة ، القضاء ، الشركات المهمة .. إذا كانت الصورة تتجسد في هكذا ظروف يستحيل أن نتكلم عن حرية الأفراد.

أما فيما يتعلق بزاوية القضاء فلك أن تتحدث بالعجب العجاب دون خجل و لا وجل ، كون الأمر يفوق ما نقول عنه ادهي و أمر ، حتى انه من المستطاع توجيه أصابع الاتهام لأي شخص ، هذا مثلما يمكن قولبة و تسيير طرق المحاكمة و إصدار الأحكام الحيفية إذا طغت على القضية الوساطة الفوقية الآمرة.

حقيقة ، ربما قد تجد أن السيد رئيس الجمهورية أو من قاربه في أعلى هرم السلطة لم يصطدموا أو حتى يسمعوا بمجريات أحداث القضية الفلانية ، بيد أن مع هذا نبقى في بوتقة اللاحرية.

س-3/ و من جهتكم ، انتم كإعلاميين ، هل تتعرضون إلى مضايقات من طرف السلطات الجزائرية ؟

ج-3/ سوف أجيب على سؤالك بالتالي : إذا تمعنت مليا في المادة 14 من قانون الإعلام الجزائري تلحظ أنها محاطة بالإبهام و محفوفة بالغموض ؛ و منه ، فلو سعت تلك الجهات إلى رفعك درجة علو المكانة تحت غطاء المواطنة و المكافحة و التفاني في سبيل خدمة البلد لتسنى لها ذلك بسهولة مثالية ، و لو أرادت تلك الجهات رميك أسفل القاع بأبشع الأوصاف ، كنعتك بالإرهابي الرجعي المتخلف المناهض للدولة المعارض للمسار ، لكانت النتيجة مثلما خطط لها و دبر سبقا.

و من خلال ضرب الأمثال لهكذا موضوع أقول : أنا شخصيا قد حكم علي بسنتين سجن نافدة ، هذا قبل أن اطعن في الحكم طبعا ، و التهمة الموجهة ضدي تتمثل في تسييري لجمعية غير معتمدة ، على اعتبار أني رئيس اتحاد الشباب و الطلبة الجزائريين .

و الشيء الكارثة في ذي القصة ، أن لدي الوثائق الرسمية التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك انه قد سبق و أن كلفت ساعة الحملة الانتخابية بإدارة الأخيرة عبر كامل التراب الوطني تحت اسم ذات الحركة.

س-4/ أبوسعنا معرفة العلة من وراء هذه المضايقات ؟

ج-4/ يا رابح! .. يا رابح !..إذا تكلمت عن أحياء مظلومة مغلوبة أو مسائل نديدة سيقولون انك لا تملك الاعتماد ، بيد أن ذي حجية ليس لها أساس من الصحة ، إذ بعد 60 يوما من إيداع الطلب المصاحب للملف لدى السلطات المعنية يستحيل الاعتماد إلى اعتماد رسمي في حالة عدم الإبلاغ بالرفض ، و هذا أمر معروف .

و عن نفسي ، فقد تقدمت إلى الجهة المختصة بكل رسائل التهاني التي تلقيتها من طرف عدة مسؤولين ، بمن فيهم الوزير الأول ، و هي شهادة إثبات كافية على مشروعية الاتحاد ، غير أن الرد كان دوما ينحصر في كلمة : "لا ، نحن لم نمنحك أي اعتماد.." و لك أن تقيس الأمر بما جرى للسيد بن فليس و غيره .

أنا لا أشير إلى السيد عبد العزيز بو تفليقة ، أو حتى إلى فلان أو علان ، لكن القاعدة المتخذة تصرح في صمت غير معلن : انك لو انقلبت و تمردت على بيت الطاعة ، فأنت و من اتبعك و دعمك في خانة المغضوب عليهم ، أو بتعبير مفسر أكثر ، على نفس وتيرة مافيا أمريكا التي إن طمحت إلى التخلص من شخص قامت باستئصال كل من تعلق به و امتد إليه من حيث العرق أو الصلة .

س-5/ و ماذا لو قارنا الوضع مع دول شقيقة ؟

ج-5/ يا سيدي! ..نحن لسنا بصدد التحضير لدورة الدراسات المقارنة ، بل أمام واقع يدعى الجزائر ، و هو الرد نفسه الذي سيقابلك في حالة ما إذا توجهت بسؤالك إلى المسؤولين .

و حتى إن تحدثت عن شعوب بعض الدول الشقيقة ، فيكفي أنها تحيى حياة كريمة في عين الزمن الذي نحن نعاني فيه جراء أزمة اللااستقرار الناجمة عن عدم محاولة معالجة الأمور من الأصول .

س-6/ أوَلا ترون أن توغلكم كإعلاميين إلى بعض المسائل يعد تدخلا في شؤون الدولة ؟

ج-6/ أنا لا أظن أن تعرض الرجل الإعلامي الموضوعي إلى قضايا شائكة و حساسة كتفاقم الأوضاع من حيث تواجد الأحياء القصديرية و تبديد المال العام على سبيل المثال يعد تدخلا في شؤون الدولة . و إلا أين دور الإعلامي إذا لم يلج إلى قلب الحدث و اقتصر على متابعة أخبار الراقصات و الفنانين.

..لا اخفي عليك ، أنا قلمي أمام هكذا مواقف جد شديد ، و هي العلية التي جعلت كل الناس أعدائي ، و في عين الوقت جميعهم أصدقائي .

أما جهة المنطقة المحرمة فالأمر استثنائي ، إذ يستلزم عليك أن تجامل بالمدح و الثناء و التقرب بما يقال و ما لا يقال كي تكون من صفوة النخبة و خيرتهم ، و إلا كنت أنت مجرد بوق من ضمن الأبواق اليهودية .

بالمناسبة ، أنا شخصيا اتهمت و قذفت بإشاعة انتمائي للوبي اليهودي كعميل ، حتى تصفح إن شئت موقع إسلام اونلاين ، هذا الأخير الذي نعتني "برجل الأعمال الجزائري المعروف بموالاته لليهود.."و كليمك تالله لا يكاد يعرف و لا واحد من هذه الزمرة. ( يضحك بشدة حد القهقهة) .

س-7/ و كيف كان ذلك ؟

ج-7/ في إحدى عملياتها الميدانية ، قامت حماس الفلسطينية بقتل أبناء يهود .. مجرد أطفال أبرياء عزل داخل مدرسة تلموذية ؛ تلتها أجواء الفرحة و البهجة و السرور العارمة التي عمت بمناسبة نجاح ذي المبادرة من قبل الفئة المؤيدة لهكذا مسار ، و هو ما أثار حفيظتي كفاية و ازني نحو كتابة بيان أندد فيه على بشاعة الوضع اللانساني المخزي الذي يتنافى و تعاليم الإسلام . يا أخي! على الأقل اقتصر على القتل ثم امسك ، أما و أن يبلغ بك المبلغ حد الهتاف .(يكتفي بصمت و نفس) .

س-8/ هذا فيما يخصكم انتم شخصيا ، فماذا لو تطرقنا إلى قضية صحيفتكم "سري للغاية" الموقوفة عن الصدور .. كيف كانت بداية الأزمة ؟

ج-8/ و الله لا بداية بادية ، بيد أن الحبل يمتد إلى تطرقي في كلمة عدد مضى إلى جنرالات الفساد بشيء من التصويب المباشر..

س-9/ مع ذكر الأسماء ؟

أنا لم أتعرض إلى تحديد الأشخاص ، لكن صراحة ، كانت الإشارة ظاهرة جلية ، و قد أفردت العمود بعنوان" الجنرال السارق و المجاهد الحركي" ، نسبة لأولئك الأوغاد الذين اخلطوا علينا الحسابات بادعاءاتهم الكرتونية الواهية من حيث اللغو في الكلام ، إذ غالبا ما يجرحون و يهينون بعضهم البعض من خلال الشتم المتبادل ، على اعتبار أن ذا مجاهد صنديد و ذاك حركي خائن للوطن .

كما طالبت في ذات السياق بضرورة رفع أيديهم عن الشباب الجزائري و تركه يبادر بما لديه من خبرات و مهارات ، و التي قد تعود على البلاد بالخير الوفير لا محالة.

هذا ، مثلما عززت اقتراحي بقولي أننا عفونا عنكم فيما سلبتموه و منا نهبتموه ، لكن الآن آن الأوان كي تنفكوا عنا و تدرونا نعمل ..و تالله سوف نريكم كيف يصنع الرجال ، إذ نحن واثقون من تسييرنا درجة التعهد أمام الجمع بإمكانية استحالة البلد إلى جنة فوق الأرض ، و أنا أدرى بنفسي من غيري .

و دعني اغتنم الفرصة عبر هذا اللقاء لأعلن عن شروعي في تحضير مشروع تأسيس حزب معتمد ، سيما و قد قمت بكافة الخطوات اللازمة ، و لست انتظر الآن سوى الرد الرسمي من طرف وزارة الداخلية و الجماعات المحلية .

و فيما يتعلق بذي المبادرة ، أوجه رسالة خاصة لكل من تسول له نفسه الوقوف قصادي ، فحواها : أن حاولوا عرقلتي لو شئتم ..أن اسعوا إلى سجني إن استطعتم ، لكن .. اعلموا أنكم بسياستكم القمعية هته لن تنالوا بغيتكم المنشودة ، بل سوف تعملون على إضفاء دروس تكوينية مكثفة تجاه شخصيتي ، ما قد يعزز تشبثي بقناعاتي الحالية أكثر فحسب .

(يصمت هنيهة ليردف متمم)أنا لا اسكت عن حق الشعب الجزائري ، إذ اعلم أن الأخير قد طغت عليه نسبة الأمية ، و هي الفجوة التي جعلت منه فريسة سهلة لمثل هكذا انتهاكات ، بيد أن "القفل نسيم" لم يقتصر على دراساته العليا فقط ، بل تابع و واصل تلقيه علم الواقع بنهم من مدرسة الحياة.

و لست أبالغ حين اعد الناس بنديد ما أفصحت به سلفا ، كون استحالة البلد إلى جنة – في منظورينا – ليس بالأمر العسير ، لا سيما إذا قارنا الوضع مع دول أخرى قد تحظى بأقل ما لنا من حيث المداخيل ، و مع ذلك ، لم يمنعها ذا الفارق من أن تحيى حياة هنيئة.

و منه ، فالعلة تكمن في تضخيم الأشياء ليس إلا ، كمشروع تجهيز المليون سكن مثلا ، هذا الانجاز العظيم الذي لا يستحق النكران ، بل يستلزم الوقوف أمامه وقفة شكر و عرفان ، و لكن .. بربك أخي ، إلى متى ستظل كل تلك الشقق خاوية و لا يقطنها و لا واحد ؟!..أين قرار توزيع تلك السكنات ؟! و لك آن تقيس الأمر و ما ينجر عنه من سلبيات بتلك التجاوزات الخطيرة التي جرت مؤخرا في حي "ديار الشمس" الكائن ببلدية المدنية..

آه!..خذ من طرفي لطيفة هامة ، و كم أود لو ركزت على تدوينها حرفيا درجة العناية البالغة الدقة ، إذ أنا مسؤول على ما أقول . اذكر حين أتاني بعض عقلاء الحي المذكور كي يستنجدون باستشارتي حول سياسة اعتصامهم ، نصحت لهم مؤكدا : " واصلوا احتجاجكم .. لا تسكتوا عن حقكم ، إذ لو تراجعتم قيد أنملة فسوف لن تنالوا شيئا من مطالبكم .. " .

و عندما تجدني احفز على فعلة مثيلة ، يستلزم عليك أولا أن تعلم أن لي عذري الخاص طبعا ، فأثناء شخوصي إلى مكان الحدث بغية معاينة و ملامسة الواقعة ، و فور ولوجي الحي أحسست بشعور محير..انتابني ذهول غريب لحظتها ، حتى أني تأثرت حد البكاء نتاج الأوضاع المزرية التي يتخبط فيها أولئك السكان قاطبة . و سوف اكتفي بوصف كهذا دون سواه على اعتبار انك من أبناء بلدية المدنية ، فأهل مكة بشعابها أدرى ، و لك أن تقيس ذا على الأحياء النديدة الأخرى.

س-10/ فلنرجع إلى ما ارتبط بنص سؤالي الفائت ، ما هي الأسباب الملموسة التي دعت القضاء إلى اتخاذ قرار توقيف صحيفتكم ؟

ج-10/ ببساطة ، ان السبب الرئيسي يتمثل في السلطة المفرطة لأناس معينين؛ و على رأسهم مدير الحملة الانتخابية الأخيرة لصالح فخامة السيد رئيس الجمهورية ، و اقصد به تحديدا رئيس بلدية العاصمة المعروف بشرائه للذمم و استحواذه على إحدى الشبكات الكبرى المتخصصة في مثل هكذا تلاعبات . أم كيف تعلق على من يسهل عليه شراء قطعة أرضية باهظة الثمن ، أو حتى شققا تفوق المليار و نصف المليار سنتيم على مستوى ضواحي " بابا حسن " ، " زرالدا " ، " دالي إبراهيم " .. بغية إدماجها في الشبكة الاجتماعية و خلفية النية المبيتة الحقيقية تتجسد في منح ما لا يتعدى الستة منها للعامة بغرض حفظ ماء الوجه ، و الحصة المتبقية تقدم إلى من تستهويه النفس ؟!.

س-11/ ألا تخشى و أنت تطلق رصاصة قاتلة على السيد رئيس بلدية العاصمة ؟

ج-11/ أنا واثق .. بل شديد الثقة باني متواجد فوق رغام دولة يكتنفها القانون ، و إلا ما كنت لأمكث و لو دقيقة أخرى ببلدي الجزائر .

س-12/ ألا ترى أن كلامك اكتسى بطابع التناقض الصارخ مقارنة مع ما سبق و أن أدليت به حين عبرت عن رؤيتك الشخصية جهة العدالة الجزائرية ..

ج-12/ لا ، إطلاقا ، أنا ساعة ردي على سؤالك استهدفت فئة معينة دون سواها من خيرة الناس الشرفاء ، و لست أظن أن الأولى ستتفوق و تنتصر على الثانية .. كما أنني من اشد الناس وثوقا بفخامة السيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بو تفليقة ، و إلا ما كنت لأمضي قدما نحو تنظيم أحسن و انجح معرض تعرضت فيه إلى كافة الانجازات الضخمة التي قام بها فخامته .

س-13/ بذكر القضاء ، إلى أين وصلت الخطوات جهة العدالة فيما يخص أسبوعيتكم " سري للغاية " ؟

ج-13/ في الواقع ، لست املك حاليا سوى الوعود اللفظية ، هذه الأخيرة التي تشير إلى إمكانية بعث الجريدة من جديد ، بيد أن الحقيقة ستتجلى أثناء موعد المحاكمة إن شاء الله .

س-14/ و في حال لم يكن الحكم في صالحكم .. ؟

ج-14/ وقتها نرى ، سيما و قد نويت الخروج أيضا بيومية وطنية أخرى ما دمت املك اعتمادا باسمي الشخصي ، و هو الأمر الذي يخول لي إصدار ما عقدت العزم على انجازه .

15-/ ختاما ، أشكركم على هذا الاستقبال الطيب الذي يعكس أخلاقكم الفاضلة حتما..

15-/ لا تعد إلى قول مثيل ، بل لم أقم إلا بواجب الضيافة فحسب ، حتى أني سعدت بحضورك حقا .. فاحرص على أن لا تكون آخر زيارة ..