الروائية الجزائرية ياسمينة صالح

الروائية الجزائرية ياسمينة صالح

لإذاعة فرنسا الدولية

أجرت إذاعة فرنسا الدولية الأثيرية حوارا مع الروائية الجزائرية ياسمينة صالح تناول بالخصوص الأحداث الأخيرة التي وقعت بين مصر والجزائر ودور المثقف في التهدئة، وتدخلت الروائية الجزائرية في برنامج "شأن ثقافي" للرد على أسئلة المذيع، ولأهمية الحوار هذا أهم ما جاء فيه.

الروائية الجزائرية ياسمينة صالح لإذاعة فرنسا الدولية

الجزائر ليست مجرد فريق كرة القدم وليس لأحد فضل علينا بعد الله

ترجمة: كمال رشيد

 · روائية جزائرية، كيف عايشت الصدام بين مصر والجزائر بعد "واقعة" الخرطوم؟

· يجب القول أن الجزائر ليست مجرد كرة القدم، ولا مصر، ولهذا من المؤسف بمكان حصر دولة بحجم الجزائر ومصر في هذه الدارة الضيقة من التهريج الذي يقوده بكل أسف أشباه الإعلاميين والمثقفين. المشكلة التي وقعت تجاوزت كونها إشكالا رياضيا إلى صدام مفزع جعلني أتساءل عن دور التربية ودور المدرسة ودور الجامعة ودور الأسرة في إنشاء جيل من المفترض أنه يحمل هموم أمة كاملة، وليس هموما تنحصر في إطار كرة تلعب بالأرجل. لقد هالني ربط الكرامة بالأقدام! في الوقت الذي تعيش كلتا الدولتين أوضاعا معيشية واقتصادية صعبة، وفي الوقت التي تتواجد فيه الدولتان معا في نفس الخط الأحمر من الفساد حسب إحصائيات منظمة الشفافية الدولية. وعلى الرغم من ذلك كجزائرية أرفض أن ينال أي نذل مهما كان اسمه أو جنسيته من كرامة الجزائر ومن كرامة الشهداء ومن كرامة الجزائريين في وسائل الإعلام وفي الفضائيات المأجورة في مصر، لأن الجزائر ـ أقولها للمرة الثانية ـ ليست مجرد فريق كرة القدم، وأنا متأكدة أن الشعب المصري لا يمثله هؤلاء البذيئون الذين يسيئون إلى سمعة مصر الرائعة أكثر مما يحاولون الإساءة لدولة عظيمة مثل الجزائر.

·ثمة بيانات أصدرها مثقفون في الجزائر وفي مصر للأجل التهدئة بين البلدين. هل تظنين أن بيانات التنديد بالتصعيد في البلدين كافية لدرأ الصدع؟

·  دعني أقول لك أن العلاقة الأخوية بين الشرفاء في الدولتين مصر والجزائر لن تتأثر بهذه اللعبة الساقطة التي حاولت بعض التيارات الاستئصالية لعبها، وسوف تثبت الأيام ـ مهما طالت ـ أن الأخوة لا يمكن أن تقتلها كرة القدم ولا الحسابات السياسية التي يحاول البعض بناءها على حساب الآخرين. نحن الآن في مرحلة عربية حرجة على كل الأصعدة، وبالتالي الحديث عن التهدئة في غياب البدائل الحقيقية ليس سهلا، والبيانات التي أصدرها مثقفون في الجزائر ومصر تظل محاولة لإيصال الصوت العاقل إلى الشعبين، لكنها ليست كافية، لأن النخبة المثقفة التي بقيت على خط المهادنة والعقلانية بكل أسف همشت إعلاميا بشكل رسمي مقصود في ظل جنون الفضائيات المأجورة المتسمة باللاحرفية واللاأخلاق والبذاءة التي بكل أسف يعتقد أصحابها أنهم سوف يخدرون بها الشعب المصري ويبعدونه عن مشاكله الحقيقية وواقعه الصعب، لكن هذا لن يستمر طويلا، وأنا على ثقة أن الشرفاء في مصر ـ وما أكثرهم ـ سوف يستوعبون أن الطريقة غير الأخلاقية التي استعملاها بعض رموز الإعلام في مصر لشتم الجزائر وشتم شهداء الجزائر قد أساءت إلى مصر، ولم تسئ إلى الجزائر التي كسبت التعاطف من الجميع.

·هل كنت تتمنين طريقة أخرى للتهدئة غير البيانات الثقافية هنا وهناك؟

·كما قلت لك، العلاقة الأخوية بين الشرفاء في مصر والجزائر من الصعب أن تموت، وأنا نفسي لا يمكنني أن أكره مصر بسبب أشخاص تنقصهم التربية وغير محترمين أساءوا إلى الجزائر عبر الفضائيات والصحف المأجورة، لأن مصر تظل أكبر منهم، كما لا يمكن لأحد أن ينسى الدور الذي لعبته مصر جمال عبد الناصر لمساندة الجزائر إبان الثورة، مثلما لا يمكن لأحد أن ينسى الدعم الكبير الذي قدمته جزائر هواري بومدين لمصر عامي 67 و73، وعليه فمن البديهي القول أن الجزائر ردت لمصر الدين مرتين، وكان ذلك واجبا على الجزائر بدليل أننا لم نمّن على أحد بمواقفنا تلك، وأنا من الناس الذين يقولون اليوم ضمن الجزائر الحديثة أنه ليس لأحد فضل على الجزائر بعد الله، باعتبار أن الجزائر ليست إثيوبيا ولا الصومال! ما كان يتوجب عمله كان ضروريا وحتميا على المستوى الرسمي الذي يبقى المسئول رقم واحد عن هذه الأزمة، بمعنى أن التصعيد كان رسميا والتهدئة حين لا تكون رسمية فأظن أن التوتر سوف يستمر حتى بتواصل بيانات التهدئة الصادرة عن المثقفين العقلاء هنا وهناك، لأن المرحلة الراهنة أثبتت أن المثقف لم يعد فاعلا، بل أصبح مفعولا به!