مقابلة مع الدكتور خالد عودة نجل الشهيد عبد القادر عودة

خالد ابن القانوني الشهيد عبد القادر عودة عالم الجيولوجيا*: هكذا عاش أبي..!!

الشهيد عبد القادر عودة

- قال الشهيد عند إعدامه ظلمًا: "إنه أمر الله وليس أمر عبد الناصر"

- كان يقابل المحن بالهرولة دومًا إلى الصلاة

- حاول عبد الناصر التنصل من مسئوليته عن الإعدام فكشف الله كذبه!!

- أتمَّ "عودة" كتابه الشهير (التشريع الجنائي) ليلة إعدامه!!

- زوجته تصف حياتَها معه بأنها كانت في الجنة

- خصَّص السادات معاشا ًللأسرة كنوعٍ من الاعتذار

- أوصانا الشهيد بعدم التخلي عن دعوة الله التي اصطفاه لها

يظل القاضي الشهيد عبد القادر عودة- يرحمه الله- مَعلَمًا من معالم دعوة الإخوان المسلمين على مرِّ العصور، ورمزًا لمن جاد بنفسه من أجل كلمه الحق ودعوة الله تعالى؛ إذ ثبت عليها إلى أن لقي ربَّه وفيًّا لدعوته، مستمسكًا بمبادئه، وصَمَد في وجه الظلم والظالمين فاستحق أن يلقى ربَّه وهو شهيد إن شاء الله تعالى، ولا نزكيه على الله أحدًا أبدًا.

من هنا التقى موقع (إخوان أون لاين) بالدكتور خالد نجل الشهيد  عبد القادر عودة، الذي يُعد أحد أبرع علماء الجيولوجيا في الوطن العربي، في محاولة لنتعرف إلى الشهيد عن قُرب، ولتسليط الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ الدعوة، خلال النصف الأول من القرن الماضي.

* بدايةً: هل حاول عبد الناصر استقطاب الشهيد عبد القادر عودة بعيدًا عن صفوف الإخوان؟!

** لقد تمَّ تنفيذ حكم الإعدام في والدي- يرحمه الله- يوم 7/12/1954م بسجن مصر بباب الخلق، وكان صدور حكم الإعدام مفاجأةً كبيرةً لنا؛ لأن الشهيد كان يلتقي قبل حادث المنشية كثيرًا بعبد الناصر في جلساتٍ للتفاوض فيما يخص علاقة الإخوان بالثورة، وعودة الجيش للثكنات، وعودة الحياة المدنية للبلاد، ومحاولات رأب الصدع بين جماعه الإخوان وعبد الناصر، وأفرزت هذه اللقاءات رفض الشهيد عبد القادر كل ما عرضه عليه عبد الناصر من إغراءات من أجل استقطابه، وكانت آخر دعوة لحضور مجلس الوزراء في شهر أغسطس- أي قبل الاستشهاد بنحو أربعه أشهر- عندما أرسل عبد الناصر ياور من الجيش إلى الشهيد بحجة استكمال المباحثات وحلِّ المشكلات بين الإخوان وعبد الناصر، وكان الشيخ محمد الراوي- أطال الله في عمره- في زيارة لوالدي الشهيد، فقال الياور لوالدي: "سيادة الرئيس عاوزك فورًا"، ردَّ عليه الشهيد: "أعلم ما عندك.. وما عند الله خير وأبقى"، ورفض الذهاب معه لمقابلة عبد الناصر، وتكشف هذه المقولة عن أن عبد الناصر حاول جاهدًا استقطاب الشهيد لحل المشكلات في هذه الفترة كما كان يزعم!!

تحديد الإقامة!!

* كيف تمَّ القبض على القاضي الشهيد؟

** تمَّ القبض على الشهيد عقب حادث المنشية مباشرةً، لكن تمَّ تحديد إقامته قبلها بنحو شهر بمنزله في شارع أورستا بالدقي، وكان البيت عبارة عن فيلا مكونة من ثلاثة طوابق، فحاصرت الشرطة البيت؛ مما يدل على أنَّ هذه الحادثة مدبرةٌ ومعدٌّ لها مسبقًا، وبعد المحاصرة تقدَّم كبير الشرطة وأخبر الشهيد بأنه محبوس في داره وغير مسموح له بالخروج أو استقبال أحد عنده أو الاتصال بأحد، وتقبَّل والدي الأمر بصدر رحب، وقال: هذه فرصة جيدة لاستكمال الكتاب- يقصد كتاب "التشريع الجنائي الإسلامي"- وقد أتمه في السجن بعد ذلك، وتسلَّمنا الورق من داخل السجن مكتوبًا بالقلم الرصاص، والعجيب أنه أتمه قبل إعدامه بليلة واحدة فقط!!

بعد الاستشهاد

* عقب استشهاد القاضي عبد القادر عودة تعرضت الأسرة لظروف قاسية.. فما ذكرياتكم عن هذه الفترة؟

** عندما تفقد الأسرة عائلها تصبح حياتها لله.. إنه نعم المولى ونعم النصير..

فقد مَنَّ علينا أننا كنا في بحبوحة من العيش والرغد برغم استشهاد والدي، فقد كان- عليه رحمة الله- يمتلك مساحةً كبيرةً من الأراضي الزراعية تُقدر بنحو 12 فدانًا تُدرُّ علينا دخلاً، وكان له معاش من وزارة العدل، ومعاش من نقابة المحامين، ومنحةٌ من "منظمة المؤتمر الإسلامي" استمرت لمدة عامين، خصصها لنا أنور السادات بعد تعيينه في هذه المنظمة، كأنه يحاول تقديم نوعٍ من الاعتذار، أو إبداء تعاطفه مع أسرة مَنْ قامت الثورة بإعدامه لرفضه التخلي عن دعوته!! ولم يتعرض أحد منا لاعتقال، لكننا مُنعنا من السفر إلى الخارج، وتَمَّ إدراج كل أفراد العائلة ضمن الممنوعين من السفر للخارج.. لدرجة أن أخي الأكبر فيصل- عليه رحمة الله- حاول السفر إلى الخارج فتوسط له السادات عند عبد الناصر، وكان السادات متعاطِفًا مع أخي فيصل لظروفه الصحية.

وحدث أيضًا أنني مُنعت من السفر للحصول على الدكتوراه عام 1969م، واضطررت لمقابلة أنور السادات، ووعدني ببحث الموضوع مع عبد الناصر، والمؤسف أني قابلت أغلب المسئولين للتوسط من أجل سفري- ومنهم حسين الشافعي- ولم تتم الموافقة على سفري إلا بعد تعبٍ مضنٍ وجَهدٍ جهيدٍ بناءً على وساطة السادات وحاتم صادق (زوج ابنة عبد الناصر)، وبعد الموافقة على سفري صدرَ أمرٌ من مكتب المشير محمد فوزي- وزير الحربية في ذلك الوقت- بالقبض عليَّ وترحيلي لأقرب منطقة تجنيد؛ بتهمة التهرب من التجنيد، علمًا بأنني كنت عضوَ بعثة داخلية ومعافًى من التجنيد لسن 28 أو الحصول على الدكتوراه.. أيهما أقرب!!

ومن المضايقات الأخرى التي تعرضَت لها الأسرة على يد عبد الناصر اعتقال زوج أختي الأستاذ" حسن حمد" المحامي- عليه رحمة الله- وهو من الإخوان، وذلك خلال الفترة من عام 1965 إلى عام 1971م.

عقدة ذنب

* هل كان عبد الناصر يشعر بالذنب نتيجة إعدام القاضي عبد القادر عودة؟

** نعم، فقد كان يحاول بين الحين والآخر إرسال رسائل غير مباشرة بأنه غير المسئول عن إعدام والدي الشهيد، وأن السبب في ذلك هو جمال سالم، وأنه في هذه الفترة كان غير مسيطر على الجيش، وأنه خشي قيام حرب داخلية بين الجيش والشعب، فإنني أذكر يوم زفاف أختي على المرحوم "حسن حمد" أن ياور من الجيش من طرف عبد الناصر أصرَّ على الانفراد بنا نحن أبناء الشهيد- وكان ذلك عام 1963م- وتحدث معنا كثيرًا عن عظمة الرئيس وتفانيه في خدمه الشعب، وعلق على إعدام أبي بقوله" إنه أمر خارج عن إرادة الرئيس، وإننا ما زلنا صغارًا على معرفة الحقيقة"، وتكشَّف لنا كذبُ مثل هذه الادعاءات عام 1965م عندما تم إعدام "سيد قطب" ورفاقه دون وجود جمال سالم (شماعة عبد الناصر لتبرير أخطائه)، ودون صدام بين الجيش والشعب، بل كان الإعدام بأمر مباشر من عبد الناصر، بل وإصرار شديد بالرغم من وساطة جميع رؤساء وملوك العالم الإسلامي في ذلك الوقت.

الزيارة الأخيرة

* قمتم بزيارة الشهيد قبل إعدامه بـ24 ساعة- حسب اللوائح في السجون المصرية- فماذا حدث في هذه الزيارة؟!

** يوم 5/12/1954م ذهبنا كلنا نحن الثمانية- أبناء الشهيد- مع الوالدة- عليها رحمة الله- التي كانت تحمل أخي الرضيع (زياد)، وذهب معنا أخوالي الاثنين إلى مجلس قياده الثورة لمقابلة عبد الناصر، فرفضوا دخولنا القصر وتقديم الالتماس لوقف تنفيذ حكم الإعدام في حق الشهيد، وكان يومًا لا يُنسى.. شاركتنا السماء فيه بالغضب؛ حيث كان ينزل المطر بشدة، وتخلو الشوارع من المارَّة، ولك أن تتخيل أسرة سيُعدم عائلها، لا لشيء سوى أنه يرفض أن يتخلى عن دعوته التي اصطفاه الله بها ليبلغها للناس، فكان منظرًا فريدًا.. أمٌ تحمل طفلاً رضيعًا يبلغ من العمر ثمانية شهور، يتعلق بها أحمد (عامين) ويمشي خلفها فاروق (سبع سنوات)، وكنت في العاشرة من عمري في ذلك اليوم العصيب، وتسير بجواري أختي نجوى (11)، وتُمسك بيد أختها الصغرى ناهد (تسع سنوات) ومعنا إخوتي فيصل ومحمد في الثقافة (الثانوية العامة)، والمفارقة الغريبة أن خالي- نقيب شرطة في ذلك الوقت- عندما حاول الدخول لمقابلة عبد الناصر هدده العسكري بوضعه في السجن في حالة عدم الانصراف!!

وبسبب الإصرار على مقابلة عبد الناصر خرج علينا مندوب من طرفه، وأخذ منا الالتماس، ودخل به إلى عبد الناصر، ثم خرج ومكتوب على الطلب "مرفوض المقابلة"!!

وجاءت الشرطة بالليل إلى البيت وأخبرتنا بأن مقابلة الشهيد ستتم صباح الغد يوم 6/12/1954 بسجن مصر، فذهبنا إلى هناك، وتم اقتيادنا إلى زنزانة ضيقة، طولها متران تقريبًا وعرضها لا يزيد عن المتر الواحد، وكان في الطرف الآخر من الزنزانة أسياخ من الحديد، ثم حاجز من السلك، ثم أسياخ حديدية أخرى يقف خلفها والدي الشهيد في ملابس السجن، وكنا في هذه الغرفة نحو 13 شخصًا، وبيننا مخبر، وكان أول شيء تحدث به هو الوصية الخاصة به، وكان أهم ما أوصى به هو عدم مطالبة ورثة الإمام الشهيد حسن البنا بأي مبالغ مالية نظير دفاعه عن الورثة أمام المحكمة التي حاكَمَت قتلةَ الشهيد، ثم قال: "أوعي تفتكري أن عبد الناصر هو اللي حايعدمني بكره، ولكن الله أرادَ أن أموتَ غدًا هنا في السجن الساعة السابعة، واعلمي أني كنت حأموت في نفس التوقيت ولو على فراشي؛ لأنه أمر الله وليس أمر عبد الناصر"..!! وكان يتوجَّه بهذا الكلام إلى المرحومة والداتي، والمنظر الذي لا يمكن أن ينمحيَ من الذاكرة أن العساكر والضباط- الموجودين معنا وحولنا- يبكون بتأثر شديد، ونحن كنا منهمرين في البكاء.. الوحيد الذي كان لا يبكي هو الشهيد- عليه رضوان الله- وخصني بوصية خاصة دون إخوتي، قائلاً:

"يا خالد.. صلِّ وصُم، ومُت على مبدئي".

وأُغمي على أخي الأكبر فيصل؛ لأنه كان أكثرَنا تعلقًا بوالده، وتم نقله إلى طبيب السجن، وأصر الشهيد على مقابلته على انفراد فحمله اثنان من عساكر السجن إليه وهو في شبه غيبوبة، وقرر الأطباء أنه أصيب منذ ذلك الحين بحالة "فصام في الشخصية"، وبعد تنفيذ حكم الإعدام تسلم أخي فيصل وعمي عبد القادر عودة وأخوالي أبو بكر (وكيل النائب العام) ومغازي (نقيب شرطة) الجثة، وتم دفنه بمقابر باب الوزير دون إقامة سرادقات للعزاء.

عبد القادر الأب

* جميعنا نعرف القاضي الشهيد كرمز من رموز حركة الإخوان.. لكننا نريد أن نعرفه كأب.. وكيف كان يعيش بين أسرته..!!

** كان والدي- عليه رحمة الله- يقسم يومه إلى قسمين: في الصباح في عمله الحكومي، وبعد الغذاء بالمركز العام أو في مكتبه بميدان الأوبرا (إبراهيم باشا)؛ حيث كان يستقبل إخوانَه، وكان يتميَّز بالصمود والصبر، وقد سأل فيصل أخي عشماوي (من قام بتنفيذ الإعدام) فأقسم له عشماوي أنه لم يَشدَّ ذراع الطبلية على الشهيد إلا بعد أن قال له الشهيد: "توكل على الله".

وأذكر أنني سألت والدتي- وأنا طفل- عن سرِّ قوة وصلابة أبي فقالت لي: "أصل أبوك كان واكل قلب أسد وهو صغير".. فتمنَّيت من يومها أن آكل قلب أسد!! وأذكر أن الشهيد كان دائمًا يهتم بغرس حب الصلاة فينا بالوسائل المرغبة كآفة: مثل إعطاء المكافآت لمن يصلي معه- خاصةً في جماعة- وهكذا كان أسلوب الشهيد في التربية قائمًا على الترغيب والترهيب، وكان يجلس مع كل واحد منا على انفراد، يتحدث مع كل منا على قدر سنِّه ومستوى إدراكه.

ومن الأشياء التي كان يحرص عليها تربية أبناء المرحوم عبد المجيد عودة (الأخ الشقيق الوحيد للشهيد)، وأيضًا قام بتربية أخوالي عقب وفاة والدهم، وكان من البارِّين بجدتي لأمي، ومن الأشياء التي كان يحرص عليها حرصًا شديدًا غرفة مكتبته؛ لأن حياته كانت كلها في التشريع، فورثنا مكتبةً ضخمةً، وأذكر أن آخر بيت أقمنا فيه في أورستا كانت المكتبة تشغل الدور الثاني كله.

وكان الشهيد- عليه رحمة الله- يطبق حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيركم لأهله"، فقد كان بارًّا بوالدتي، وغالبًا ما كنا نسمع منها "أنا كنت عايشة مع أبيكم في الجنة.. كل ما أطلب منه عربية يقول لنا عربية في الجنة، أطلب منه شراء بيت يقول لنا بيت في الجنة"..!!

ومن المواقف التي ترويها والدتي عن الشهيد قولها إنه كان يحتسب كل شيء عند الله، وإنه عندما فتح مكتب (الإرشاد) للمحاماة، ترافع في قضية تصادم قطارين عن السائق الذي كان متهمًا بالخطأ (وقبِل الشهيد هذه القضية لأنه أحسَّ أن السائق مظلوم)، وتمكن من الحصول على براءة لهذا السائق، فأرسل السائق مبلغ مائة جنيه- كان مبلغًا كبيرًا في ذلك الوقت- وكانت أيام أعياد ولم يكن في البيت أي مبالغ نقدية، ولكن الشهيد أصرَّ على رفض هذا المبلغ، قائلاً: "إن هذا السائق فقير وإني أعلم أنه استدان هذا المبلغ، وقبلت الدفاع عنه لأنه فقير مظلوم، والله سيعطيني".

وكانت من أبرز صفاته- عليه رحمة الله- الحلم وسعة الصدر، وتحمُّل أخطاء الآخرين، وقد قال لي الأستاذ عمر التلمساني- رحمه الله-: "إنه كان مع الشهيد في محطة طنطا، وكان الشهيد يرتدي بدلةً بيضاءَ لامعةً، ويقف في شباك التذاكر لحجز مكانين إلى القاهرة، وفجأة جاء ولد يحمل صينية شاي ليضعها أمام موظف التذاكر وانسكب الشاي على بدلة الشهيد.. فما كان منه إلا أنه أخرج منديلاً وأخذ يمسح به، وقال وهو يبتسم في وجه الولد: "خير إن شاء الله".

وكان يقابل المحن بالهرولة إلى الصلاة، وأذكر أنه عقب إطلاق النيران في تمثيلية المنشية تم إلقاء القبض على والدي في الساعة الثالثة صباحًا؛ حيث اقتحم الفيلا 24 ضابطًا (كنا صغارًا ولا نعرف حاجة، وقعدنا نعد في الضباط الداخلين)..!!

وكنا قاعدين على سلم الدور الثاني؛ لأن الشهيد أمرنا بذلك عقب سماعه لصوت الرصاصات بالراديو وعلَّق مباشرة: "عملوها لكي يقبضوا على الإخوان".. وعندما دخل الضباط الفيلا صعد الشهيد إلى غرفة نومه للصلاة وهم في انتظاره، والغريب أن كبيرهم كان يقول لزميله على مقربة منا على السلم: "نقوله إيه؟".

اختلاف المشارب

* قدمت عائلة عودة العديد من أبنائها المؤثرين في المجتمع المصري، فنجد من أبنائها من كان وكيلاً لجماعة الإخوان، ومن كان نقيبًا للممثلين ومن كان يتبنَّى الفكر اليساري.. فما السر في اختلاف المشارب بين أبناء هذه العائلة؟!

** أصل عائلة عودة من الجزيرة العربية، ثم هاجرت إلى منطقة الشام، واستقرت في فلسطين وشرق الأردن وسيناء.. لذلك تفرقت العائلة في أكثر من دولة، واستقرَّ الفرع الذي ننحدر منه في المنصورة، وهو فرع أحمد علي عودة أبو الشهيد الذي تزوَّج أربع مرات أنجب من كل زوجاته، ولم يكن للشهيد أشقاء من أبيه سوى المرحوم عبد المجيد عودة الذي توفي عام 1948م، وكل من يحمل اسم عودة غير شقيق للشهيد، ولعل هذا هو السبب الرئيس في اختلاف المشارب، فتجد مثلاً المرحوم عبد الغفار عودة- نقيب الممثلين الأسبق- ذا طابع إسلامي، كان يصر على تطهير نقابة الممثلين والارتقاء بالفن الجاد الهادف؛ ومن أجل ذلك كان مضطَّهدًا من السلطة، ووضح ذلك في تكالبهم من أجل عدم فوزه كنقيب للممثلين للمرة الثالثة، وأثناء فترة رئاسته أصر على ضم جميع خريجي التعليم العالي من الممثلين كنوع من

تطوير النقابة، والدليل على متانة خلق هذا الرجل أنه عندما مات لم يترك سوى معاش النقابة وشقة بالإيجار تقيم بها زوجته!!

أما بالنسبة للدكتور عبد الملك عودة فإنه مفكر سياسي معروف، له كتبه وعلومه المعترَف بها، والآن هو من النادرين في الشئون السياسية الإفريقية، لكنه كان يتخذ الاتجاه اليساري منذ أن كان طالبًا بالجامعة.

انتخابات سنة 2000م

* خضتم انتخابات عام 2000م المؤهلة لمجلس الشعب- كممثل للتيار الإسلامي بدائرة مدينة أسيوط كمرشح مستقل- فما تقويمكم لهذه الانتخابات؟!

** من النتائج المهمة لهذه الانتخابات:

1- الإخوان المسلمون هو التجمع الشعبي الوحيد الذي يلقى القبول، والدليل على ذلك خروج بعض الأحزاب من الانتخابات صفر اليدين.

2- إن الناس جمعيهم يعلمون أحقية الإخوان في الفوز الساحق بهذه الانتخابات.. لولا التزييف الذي تم وعلمه العالم كله.

3- إن العالم كله رصدَ وعلم تزييف إرادة المواطنين، فمثلاً في أسيوط تم منع دخول أي عضو من جامعتي أسيوط والأزهر إلى لجان الانتخابات، كما تم منع المحجَّبات، ثم تمَّ القبض على جميع وكلائي في اللجان!!

النشاط العلمي

* يُعدُّ الدكتور خالد عبد القادر عودة من أبرز علماء الجيولوجيا في مصر بل في العالم العربي.. فما حقيقة نشاطكم العلمي؟

** أهم نشاط علمي شاركت فيه هو: اكتشاف فترة زمنية مفقودة في معظم دول العالم في قرية الدبابية جنوب الأقصر بحوالي 35 كيلو، قام بها فريق دولي من جميع أنحاء العالم، وكنت ممثل مصر في هذا الفريق ورئيس الفريق المصري المشارك في هذا الاكتشاف، وتمت طباعة البحوث حول الاكتشاف بمعرفة المتحف الأمريكي للعلوم الطبيعية.

وتأتي أهمية هذا الاكتشاف في أنه يفتح باب السياحة العلمية بسبب وجود طبقات تمثل الفترة الانتقالية بين اختفاء الديناصورات من على الأرض وظهور الثدييات، وهو ما يعبَّر عنه علميًّا بالخط الفاصل بين حقب الحياة المتوسطة وحقب الحياة الحديثة، ومن المفارقات العجيبة أنه عقب الاكتشاف تم إرسال خطاب شكر لي على مساعدتي على الاستقرار الأمني في المنطقة وفتح آفاق سياحية جديدة في مصر، وكان ذلك قبل الانتخابات مباشره التي تكاتلت جميع القوى من أجل إسقاط ابن عبد القادر عودة فيها!!

         

*السيرة الذاتية

- من مواليد 1944م بالزقازيق.

- المؤهلات العلمية: حصل على الدكتوراة في فلسفة العلوم الجيولوجية عام 1971م.

- حصل على درجة الأستاذية عام 1998م.

- عضو الفريق الدولي المنبثق من الجمعية الدولية لعلم طبقات الأرض.

- أستاذ متفرغ بكلية العلوم بجامعة أسيوط.

** نشرت في (   28-11-2004 )